هل حل المسائل المتشابهة رياضيا يعطي نفس النتيجة؟
خذ أي شخصين واطلب منهم حل المعادلة «1 + س = 2» هناك احتمال أن كلاهما سوف يفهمان نفس المشكلة إلى حدٍ ما وبالتالي سيصلان إلى نفس الحل تقريبًا، ولكن في الحياة الواقعية نادرًا ما تُعرض المشكلات على أنها صيغ رياضية، لهذا علينا حلها من خلال فهم الجمل المعقدة ومن خلال القراءة بين السطور وغالبًا ما تضللنا ترجمة هذه المشكلات.
في الحياة الواقعية، لا نقول أشياء مثل «إذا كان أ صحيحًا، فعندئذٍ يكون عكس ب صحيحًا أيضًا»، وبدلاً من ذلك قد نقول أشياء مثل «الأطفال الصغار لا يجيدون الشطرنج» ونخاطر بأن المستمع قد يسيء فهم هذة العبارة، حتى خارج الرياضيات والعلوم في مجالات أخرى كالصحافة والسياسة فقد استخدمنا المنطق الرسمي للإقناع والعقل منذ زمن الإغريق القدماء، ومع ذلك فإن التعبير عن كل شيء في الصيغ الرياضية سيكون بمثابة الكثير من العمل الإضافي وغير مفيد إلا بأماكن محدودة، هذا يعني أن معظم ما نقوله ونفهمه ونستخدمه لإقناع الآخرين يعيش في النص، هذا هو السبب في أنه من المهم أن تكون جيدًا في حل مشاكل الكلمات ولماذا من العار أن معظمنا لا يجيدها.
كم عمر القبطان حقًا؟
في بيئة الفصل الدراسي، غالبًا ما يتعلم التلاميذ المسائل الكلامية على أنها مجرد مهام حسابية ونحن نعلم الآن أن العديد من المكونات اللغوية تؤثر على صعوبة المشكلة.
فمسائل الكلمات القياسية التي لها حل واحد واضح هي أسهل أنواع المشاكل ولكن المشاكل التي نواجهها في العالم الحقيقي ليست عادةً مشاكل كلمات قياسية فعالمنا يتضمن تناقضات وغالبًا ما يعطينا مشاكل مع حلول متعددة، أو ألغاز بلا حل على الإطلاق.
وبالعودة للسؤال السابق السؤال عن عمر القبطان؟ ففي إحدى الدراسات سُئل 97 طالبًا ابتدائيًا سؤال بالنص التالي: «هناك 26 خروفًا و 10 ماعز على متن سفينة، كم عمر القبطان؟» و قد تتفاجأ عندما تعلم أن 76 من الطلاب حاولوا تقديم حل حقيقي للمشكلة.
كيف يخطئ الكبار في حل الأسئلة؟
يحصل الكثير من اللُبس عندما نحاول فهم الألغاز أحيانًا نرتكب أخطاء عن طريق “ترجمة” النص بشكلٍ غير صحيح وأحيانًا أخرى نفهم المسائل الحسابية، وحتى لو حصلنا على كلاهما على حق فلا يزال يتعين علينا التغلب على تحيزاتنا.
قد يكون هناك شيء من الاختلاف عندما يخطئ طلاب المرحلة الابتدائية في الحسابات بالفصل الدراسي وعندما يرتكب الكبار أخطاء فإنها مشكلة أكبر خاصةً إذا كانوا يعملون في مجال تكون فيه الأخطاء باهظة الثمن، فمن الممكن أن يحدث خطأ في اكتشاف الاحتيال وتقييمات الشركة وتوقعات الأعمال بسبب أوجه سوء الفهم والتحيزات المماثلة، كما غالبًا ما يجد المستثمرون أنفسهم يختارون بين خيارات مثل هذه:
الخيار 1: ربح مؤكد قدره 5000 دولار، أو الخيار 2: فرصة 80٪ لتحقيق ربح قدره 7000 دولار (مع احتمال 20٪ ألا تحصل على أي شيء) فأيها سوف تختار!، في المحفظة الاستثمارية يعد الخيار الثاني هو الخيار الأفضل، وذلك لأن الربح المتوقع أكبر حيث تبلغ 5600 دولار (0.8 * 7000 + 0.2 * 0) مقارنة بالخيار الأول الذي يبلغ 5000 دولار.
ومع ذلك لا يزال العديد من المستثمرين يختارون الخيار الأول لانه يبدو وكأنه رهان أكثر أمانًا، ووفقًا للحائز على جائزة نوبل دانيال كانيمان غالبا ما يميل الناس إلى تجنب المخاطرة عندما يفكرون في المكاسب المالية المحتملة.
إنها ليست ترجمة بسيطة!
تظهر الأبحاث أن صياغة المسائل الكلامية في المعادلات ليست عملية ترجمة بسيطة، حيث يتم تحويل الجمل إلى مسائل رقمية بدون خطوة “ترجمة” بين “دماغنا اللغوي” و “دماغنا الرياضي” ومع ذلك فإننا نعلم أن الإشارات اللفظية يمكن أن تساعد في التفسير الرياضي، وحتى الاختلافات الصغيرة في الصياغة يمكن أن تؤدي إلى تغييرات مهمة في الأداء.
قورنت الجملتين التاليتين من تجربة مع طلاب المرحلة الابتدائية:(كان لدى بن ثمان كرات من الرخام ثم أعطى خمس كرات من الرخام لتوم كم عدد الكرات التي يمتلكها بن الآن؟)، (كان لدى بن ثلاث كرات من الرخام ثم أعطاه توم المزيد من الكرات و الآن لدى بن ثماني كرات من الرخام كم عدد الكرات التي أعطاها توم؟ .
قام جميع الأطفال الذين عُرضت عليهم الجملة الأولى تقريبًا باستخدام استراتيجية الطرح فقاموا بخصم 5 من 8. بالنسبة للجملة الثانية ، عد الأطفال من 3 حتى وصلوا إلى 8، ونظرًا لأن معظم الأشخاص يمكنهم المضاعفة بشكل أسرع مما يمكنهم القسمة وجمع الأرقام بشكلٍ أسرع من طرحها، يمكن أن يكون لتغييرات في النص تأثير كبير على وقت الحل.
إن مفتاح حل الألغاز هو فهم القيود الخاصة بنا فمسائل الرياضيات الواقعية ليست موحدة، فهي تأتي بمعلومات غير ذات صلة وحلول مفقودة أو متعددة وكل شيءٍ بينهما، وفي المرة القادمة التي ترى فيها سؤالاً أعد صياغته لفهمه بشكلٍ أفضل وكن حذرًا إذا كان حل المشكلة الجديدة يعطيك نتيجة مختلفة، خاصة إذا كان التغيير الذي قمت به هو الحساب بالرخام بدلاً من المبالغ بالدولار