تم إجراء المسح بواسطة التلسكوب الراديوي الأسترالي "أسكاب" التابع لوكالة العلوم الوطنية (يوريك ألرت)
في نتيجة حطمت جميع الأرقام القياسية السابقة في السرعة، وخلال 300 ساعة فقط، تمكن علماء الفلك من رسم خرائط لحوالي مليون مجرة جديدة، لم يتم اكتشافها من قبل، وذلك في المسح الأكثر تفصيلا للسماء الجنوبية، الذي تم إجراؤه باستخدام موجات الراديو.
الأسرع والأدق
ووفقا لما جاء في تقرير موقع "كونفرسيشن" (Conversation) في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد تم إجراء المسح بواسطة التلسكوب الراديوي الأسترالي "أسكاب" (ASKAP) التابع لـ"وكالة العلوم الوطنية الأسترالية" (CSIRO). وتم نشر النتائج الأولية في "منشورات الجمعية الفلكية الأسترالية" (Publications of the Astronomical Society of Australia)، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وبينما استغرقت المسوحات السابقة سنوات كي تكتمل، تم إجراء "مسح أسكاب المستمر السريع" (Rapid ASKAP Continuum Survey) أو "آر إيه سي إس" (RACS)، في أقل من أسبوعين، كما أن البيانات التي تم جمعها أنتجت صورا أكثر دقة 5 مرات وأكثر تفصيلا مرتين مقارنة بالصور السابقة.
تمكن تلسكوب أسكاب من بناء أطلس للكون من خلال دمج 903 صور فقط، تم جمعها خلال المسح؛ ليشكل خريطة كاملة للسماء، فيما يشبه خريطة غوغل، وهو أقل بكثير من عشرات الآلاف من الصور المطلوبة للاستطلاعات الراديوية السابقة في السماء، والتي قامت بها التلسكوبات العالمية الكبرى.
تمكن تلسكوب أسكاب من مسح 83% من السماء في 10 أيام فقط (الوكالة الوطنية الأسترالية للعلوم)
علم الفلك الراديوي
يعد علم الفلك الراديوي مجالا بحثيا جديدا نسبيا، ويعود تاريخه إلى الثلاثينيات من القرن الـ20. كان أول مسح هو "مولونغلو سكاي" (Molonglo Sky Survey)، الذي قامت به "جامعة سيدني" (Sydney University)، واكتمل عام 2006، واستغرق ما يقرب من عقد من الزمان لمراقبة 25% من السماء بأكملها، واستخراج البيانات النهائية.
إلا أن فريق قسم علم الفلك وعلوم الفضاء التابع لوكالة العلوم الأسترالية حطم هذا الرقم القياسي من خلال مسح 83% من السماء في 10 أيام فقط.
قد تبدو البانوراما الناتجة عن المسح مألوفة بشكل كبير لأي شخص نظر إلى سماء الليل بنفسه؛ إلا أن جميع النقاط المضيئة تقريبا في الصور هي مجرات كاملة، وليست نجوما منفردة، ويتيح موقع الوكالة جولة افتراضية تبسيطية في تلك البانوراما.
وخلال هذا المسح، حدد علماء الفلك، الذين يعملون على الكتالوغ الجديد، حوالي 3 ملايين مجرة، مليون منها لم يتم اكتشافها من قبل، مقارنة بـ260 ألف مجرة تم تحديدها خلال مسح "مولونغلو سكاي".
ستمكن البيانات الجديدة علماء الفلك من إجراء تحليلات إحصائية لمجموعات كبيرة من المجرات، بالطريقة نفسها التي يستخدم بها الباحثون في المجال الاجتماعي المعلومات من التعداد الوطني.يقول المؤلف الرئيسي وعالم الفلك في وكالة العلوم الأسترالية، الدكتور ديفيد ماكونيل، في البيان المنشور على موقع الوكالة "سيستخدم علماء الفلك في جميع أنحاء العالم هذا الإحصاء الكوني لاستكشاف المجهول، ودراسة كل شيء من تكوين النجوم، وكيفية تطور المجرات والثقوب السوداء الضخمة وتفاعلها".
تمكن علماء الفلك من رسم خرائط لحوالي مليون مجرة جديدة (الوكالة الوطنية الأسترالية للعلوم)
تلسكوب أسكاب
يقول الدكتور لاري مارشال، الرئيس التنفيذي لوكالة العلوم الوطنية الأسترالية إن الميزة الرئيسية لتلسكوب أسكاب هي مجال رؤيته الواسع، الذي تم إنشاؤه بواسطة أجهزة استقبال جديدة مصممة من الوكالة، والتي تمكن التلسكوب من التقاط صور بانورامية للسماء بتفاصيل مذهلة.
وكان مهندسو الوكالة قد طوروا أجهزة استقبال راديو مبتكرة تسمى "تغذية المصفوفة المرحلية" (phased array feeds)، وطوروا كذلك معالجات للإشارات الرقمية عالية السرعة خصيصا لأسكاب. هذه التقنيات هي التي وفرت مجال الرؤية الواسع وقدرة المسح السريع للتلسكوب الراديوي.
وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن يجري أسكاب مسوحات أكثر دقة، وسيظل كتالوغ مسح "آر إيه سي إس"، الذي تم بالفعل مصدرا رئيسيا للباحثين حول العالم.