TODAY - 21 October, 2010
تقاطع طرق العصر القديم لا يمكنه رسم طريق جديد
خارطة الكفل لعام 2030 : فنادق ومتنزهات ومرسى زوارق.. والخلاف حولها شديد
الكفل- ستيفن لي مايرز وستيفن فاريل
مدينة الكفل في العراق هذه البلدة الصغيرة المبجلة التي تقبع تحت ظلال النخيل على احد تعرجات نهر الفرات، ظلت لقرون عديدة مكانا مقدسا عند اليهود والمسلمين على حد سواء أو على الاقل في فترات السلام، أو انها "الديمقراطية القديمة" كما يقول مدير الشرطة هناك.
والكفل تقع في المكان الذي كان مرة مدينة بابل. وقد نجت من عصور (اكثر من الفي سنة) الحروب والكوارث الطبيعية والنفي والترحيل والتخريب التي تسببت بها المدنيات الحديثة. والمدينة تجسد ماضي العراق الغني المتعدد الطبقات، وقد تُمثل مستقبله ايضا في حالة تمكن زعماء البلد من ايقاف تناحرهم حوله وحول موروثه الديني.
وفي مركز المدينة، وفي وسط نزاع، يقع قبر حزقيال النبي التوراتي الذي كان يعظ اليهود في أسرهم على يد نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد. وفي مكان ما قريباً من الكفل وطبقاً للتقاليد والإيمان، رأى حزقيال رؤيا من الله.
لكن زعماء المدينة الصغيرة ومحافظة بابل التي تقع فيها البلدة لهم رؤية ايضا لكنها أكثر دنيوية: انها السياحة. والعراق بلاد لا زالت في حالة حرب، والبلدة المتربة والتي انتثرت الفضلات فيها، والتي أُضيفَ لها قبل ايام حطام سيارة محترقة، تفتقر لفندق.
وبالرغم من كل شيء، فانهم (الزعماء) يحلمون بمسافرين يتدفقون الى البلدة من كل المعتقدات- مسلمون ومسيحيون بل وحتى يهود- من الذين عاشوا هنا وتعبدوا لحين هاجرت اخر العوائل في عام 1951 "بسبب مشكلة فلسطين"، كما قال أحدهم المدعو زفي يهودا.
وهذا الجدال ألقى بالقبر،الذي يتميز بقبته المخروطية الاسلامية الطابع التي تعود الى القرن الرابع عشر، في دائرة الجدال الاكبر الذي يعكس مايسود العراق البلد الخارج من الديكتاتورية والحرب.
انه جدل بين اهداف متنافسة، بين حماية التاريخ وبين التطور الحديث، وبين تاريخ متعدد القناعات الايمانية وبين السيطرة الاسلامية.
ويقول قيس حسين رشيد مديرعام الهيئة العامة للاثار الذي يشرف على مواقع العراق الاثارية التي لا تعد ولا تحصى "نحن يمكن أن نثبت للعالم أن هذا المكان هو أحد الأماكن الثقافية التي تروج للحضارة والتعايش السلمي بين الناس".
وفي وقت متأخر من السنة الماضية بدأت هيئة الاثار مشروعا لترميم المركز القديم للكفل، سعيا الى المطالبة بادراجه ضمن المواقع التراثية العالمية من قبل منظمة اليونيسكو، وتنضم بذلك لثلاثة مواقع اثرية في العراق هي: الحضر وسامراء وآشور.
ولايقتصر الطابع التاريخي للمدينة على قبر حزقيال والكنيس (مكان التعبد عند اليهود) الذي حوله، لكنه يدور ايضا على منارة مائلة وغير مستقرة لمسجد تم تدميره منذ وقت طويل، تعود للقرن الرابع عشر وكذلك على سوق مقبب على شكل حرف t بني في عام 1800 م في العهد العثماني عندما كان المسلمون واليهود يعيشون سوية في تسامح نسبي، ان لم يكن في انسجام كامل.
وكل ما موجود في مركز الكفل خاضع لخطة تنمية مازالت قيد الدرس والاختلاف حولها كبير. والخطة المعلقة على حائط مدير البلدية تصور فنادق حديثة ودكاكين ومطاعم ومتنزهات واماكن وقوف للسيارات ومرسى زوارق على نهر الفرات: انها الكفل في عام 2030.
ويقول مدير البلدية خالد عبيد حمزة "نتمنى ان يحضر كل من يزور العراق الى هنا". وطموحاته الكبيرة ان يجعلها مثل مدينة ماليزية لم يكن من المتوقع ان يستشهد بها عندما سُئل عن مصدر الهامه.
وقال "كوالالمبور.. انها مكان لطيف جداً".
الخطة، مثل أعمال الترميم، تم التعامل معها بالشك من جانب سكان الكفل، بما في ذلك الخياطين وأصحاب المتاجر والمطاعم الذين يعملون في السوق المسقف. وفي الشهر الماضي قام سكان الكفل بالاحتجاج، خوفا من أن إعادة التطوير ستجبرهم على مغادرة اماكنهم.
ويقول الخباز مالك علي كما لو ان الفنادق والمطاعم السياحية ستكون سحرا يخرب البلدة التاريخية "إذا كان الامر جيدا لي، لكنه يلحق الاذى بالاخرين فانا لن اقبله".
ثم أخذ يردد المناحة العراقية المعروفة "اتمنى اعادة الكهرباء والماء ومجاري الصرف الصحي".
وفي الحقيقة، فان اعمال ترميم القبر وما يحيطه بدأت قبل ان يقع الهجوم عليه بقليل. فقد ذكرت الاخبار في وقت مبكر من هذه السنة ان هدف المشروعَ هو تحويل قبر حزقيال إلى مسجد، وازالة التفاصيل المعماريةَ مثل النقوش العبرية وهو ما اثار غضبا في داخل إسرائيل وخارجها.
لكن التقارير كَانت خاطئة، فالنقوش لاتزال في مكانها عند اقامة الحواجز الخشبية التي فَصلت قسم الرجال عن قسم النساء والخزانة التي ضمت التوراة مرة، لكن المخاوف لم تكن من دون اساس. فالجص الحديث ازال ضمنا بعض الكلمات والتصاميم العبرية بدعوى اظهار الجدران الحجرية الاصلية التي لها تصاميمها الخاصة.
عن نيويورك تايمز