الإيدز وكورونا أوجه التشابه والاختلاف وأيهما الأخطر
تسبب عدد قليل من الفيروسات بالخوف والقلق نفسه الذي تسبب به فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وعلى الرغم من مرور ما يقارب 40 عاماً على اكتشافه، إلا إنه حتى اللحظة لم يتم التوصل للقاح ضده.
وربما جائحة فيروس كورونا أو كوفيد-19 التي نمر بها تنافس هذا المستوى من الخوف في ظل تسابق الباحثين للتوصل إلى لقاح ضد الفيروس المسبب للمرض. وتتطلب عملية تصنيع اللقاح فصل المادة الوراثية للفيروس ودراسة مكوناتها، وبحسب فوربس فإن هناك الكثير الذي يمكن أن يتعلمه العلماء من مقارنة فيروسين مختلفين خلال تطوير اللقاح، ومن المهم أن نتذكر أن فيروس نقص المناعة البشرية وكوفيد-19 مختلفان تماماً، وينتقلان بشكل مختلف، ولكن ما مدى التشابه بينهما.
توصل باحثون من أمريكا والصين مؤخراً في دراسة مشتركة إلى أن فيروس كورونا، يقوم بمهاجمة الخلايا الليمفاوية التائية، وهو ما يقوم به فيروس نقص المناعة البشرية.
….ما هي الخلايا التائية؟
يحتوي جهاز المناعة البشري على العديد من المكونات التي تعمل معاً لحماية الجسم من الفيروسات، وأحد أهم أنواع الخلايا المناعية، هي الخلايا اللمفاوية التائية، وهو نوع من خلايا الدم البيضاء، يعمل بمثابة جوهر المناعة التكيفية، وهو النظام الذي يعدل الاستجابة المناعية لمسببات الأمراض المحددة.
….ماذا استنتج الباحثون؟
واكتشف الباحثون من مركز الدم في نيويورك، وجامعة فودان في شنغهاي، أن فيروس SARS-CoV-2 الذي يسبب مرض كوفيد -19 يهاجم أيضاً الخلايا اللمفاوية التائية في الجهاز المناعي، وسلطت النتائج الضوء على القوة التدميرية للفيروس التاجي الجديد والذي يمكن أن يدمر جهاز المناعة مما يجعل المريض ضعيفاً وغير قادر على محاربة العدوى.وفي وقت سابق حذر العلماء بالفعل من وجود جين متحور بالفيروس التاجي الجديد مشابه لفيروس نقص المناعة البشرية، وأيضاً هناك تشابه بين الفيروسين بطريقة مهاجمة الخلايا البشرية المضيفة.
ودرس الباحثون عمل الفيروس على الخلايا اللمفاوية التائية التي تقضي على الأجسام الغريبة التي تهاجم الجسم.وتوصل فريق البحث إلى النتائج من خلال التقاط الخلايا المصابة بالفيروس وحقنها بالمواد الكيميائية السامة، ولوحظ أن المواد الكيميائية قتلت الفيروس والخلايا المصابة بتفكيكها.ومن المثير للدهشة، أن الباحثين وجدوا أنه عند تلامس الفيروس والخلية التاجية، تصبح الخلية فريسة للفيروس، حيث أدى هيكل تصاعد الفيروس إلى تعلق الغلاف الفيروسي لغشاء الخلايا التائية.كما أظهر بحث آخر أن المرضى الذين توفوا بسبب COVID-19 أصيبوا بأضرار في أجسامهم مماثلة لكل من السارس وفيروس نقص المناعة البشرية.
ولكن الأمر الجيد والمختلف عن فيروس نقص المناعة البشرية، أن الفيروس التاجي لا يتكاثر داخل الخلايا التائية على عكس فيروس نقص المناعة البشرية، مما يدل على أن الخلايا التائية والفيروس يموتان معاً. ويرى العلماء أن هذه الدراسة هي الأكثر أهمية لعملية تطوير اللقاح.
ويعتبر اللقاح عملية طبيعية يعرض بها الجسم عمداً لشيء يشبه العامل المتسبب بالمرض، وإذا نجح اللقاح يزود الجسم بمناعة طبيعية ضد الفيروس عن طريق إنتاج الجسم للخلايا المضادة وخلايا الدم البيضاء التي يمكنها مكافحة العامل الممرض الحقيقي قبل دخوله الجسم.
….الإيدز هو الأخطر
إلا أن هذه النظرية لا تنطبق على فيروس نقص المناعة البشرية، حيث إن الفيروس يعبر بسرعة ويظهر باستمرار ويبقى متقدماً على أي استجابة ينتجها الجسم، وثانياً يندمج جينوم فيروس نقص المناعة عند دخوله الخلية في جينوم الخلية المضيفة مما يجعله غير مرئي بشكل فعال للاستجابة المناعية للمضيف.وثالثاً، فيروس نقص المناعة البشرية ليس مناعياً بشكل خاص، مما يعني أن أجسامنا لا تقوم بطبيعة الحال باستجابة مناعية فعالة له.
وسبب ذلك وبسبب التشابه الذي توصل له العلماء هناك العديد من المخاوف عن فشل تطوير اللقاح.خاصة وأن العديد من اللقاحات المرشحة وجميع المحاولات فشلت لتطوير لقاح ضد السارس الذي تفشي في عام 2003، وهو من نفس عائلة فيروسات كورونا.
وفي هذا السياق صرح دكتور مختص قائلاً: إن آخر ما توصل إليه العلماء في هذا الخصوص أنه لا يوجد أي تشابه على مستوى جين كامل بين فيروس HIV وفيروس SARS-Cov-2 وذلك بحسب ما أكدته الشيفرة الوراثية، وأشار إلى أنه حتى لو كان هناك تشابه في بعض المناطق إلا أنه لا يرتقي لتسلسل جيني على مستوى جين كامل.
وعن عدم نجاح أدوية الـHIV في علاج فيروس كورونا أكد أن هناك اختلافاً كبيراً بين الفيروسين، وطريقة دخول فيروس الإيدز للخلايا وتكاثره بداخلها تختلف ببعض التفاصيل عن كورونا كما أن هناك اختلافاً كبيراً بالبروتينات التي على سطح الفيروس.
وأكد أن فيروس كورونا مشابه للسارس وميرس أكثر من مشابهته لفيروس الإيدز.وعن عدم إنتاج أي لقاح للفيروسات التاجية حتى الآن، أكد أن هناك العديد من المحاولات على مستوى العالم لإنتاج لقاح ضد الفيروسات التاجية، لكن هناك العديد من الأسباب لعدم نجاحها إذ فقدت الفيروسات التاجية السابقة الاهتمام العالمي بسبب تركزها في مناطق معينة، وتلاشيها، كما أن تجارب تطوير اللقاحات لم تصل لمرحلة التجارب السريرية وتطبق على الإنسان، إلا أن هذا الأمر ليس بالصعب أو المستحيل.
وعن التشابه بين فيروس الإيدز وكورونا فيما يتمثل باستهداف الخلايا التائية، أكد أن كورونا قد يكون قادراً على استهداف هذه الخلايا، إلا أنه غير قادر على تجنيدها للتكاثر، على عكس الإيدز الذي يستطيع التكاثر بداخل هذه الخلايا، وهذا الأمر مهم جداً لأن هذه الخلايا ليست الهدف المثالي لكورونا.وأكد أن استراتيجية مناعة القطيع لا يمكن أن تنجح مع فيروس HIV لأنه ينتقل بأساليب مختلفة كالتواصل الجنسي ونقل الدم وغيرها، ويختلف عن الفيروسات التي تنتقل عن طريق التنفس.وأشار إلى أن اختيار الأطباء والعلماء للأدوية التي تم تجريبها في علاج كوفيد-19 كأدوية الإيدز والملاريا كان على أساس المادة الوراثية، إذ يتم تجريب هذه الأدوية على المادة الوراثية مخبرياً وبعضها نجح في استهدافها.