التمييز بين الأبناء..وتفاصيل تنذر بالخطر
الاهتمام بالأبناء بعناية متساوية وحذر شديد.. مسؤولية الأب والأم معاً، وأهم ما عليهما فعله هو المساواة وعدم التمييز بينهم، لما لهذه المسألة من حساسية عميقة الأثر بين الأبناء تجاه بعضهم وتجاه أبويهم؛ لذا يوصي الأطباء والتربويون الوالدين بأن يتعاملوا بالعدل والمساواة بين الأبناء في جميع الأمور ويعملوا على نشر الحب والعطف والحنان بين جميع الأبناء وإشراك الجميع دون تميز بين واحد وآخر، لينعموا بالسعادة تحت المظلة الأسرية، لكن الواقع يشير إلى أن هناك من يميز فيفضل أحداً على الآخر؛ منهم من يجاهر بهذا التفضيل، وقد يكون الأمر خفية عند بعضهم الآخر. لتوضيح مظاهر هذه المشكلة وأسبابها وتأثيراتها الخطيرة على الطرفين معاً الآباء والأبناء. معنا الدكتورة بهيجة السمطي خبيرة التنمية البشرية وأستاذة الطب النفسيمعلومات عن التمييز وأثره
للتمييز مخاطره على الطفلالغيرة بين الإخوة شعور طبيعي، إلا أنّها تزيد على حدّها حين يتعامل الأهل مع أبنائهم بشكل غير عادل ..فتتحول الغيرة البسيطة إلى حقد وعدوانية يمكن أن تصل بالأخ إلى إلحاق الأذى بأخيه
التمييز بين الأبناء
وقد لا يدرك الآباء مدى خطورة هذه الظاهرة التي يمكن أن تتسبب بحدوث الكثير من المشاكل النفسية لأبنائهم مثل الكُره والغيرة ما بين الإخوة إلى جانب أن هذا التأثير النفسي السلبي يبقى راكداً في نفوس الإخوة حتى بعد أن يكبروا ويصبحوا شباباً
ولابد من الاعتراف بأن الأبناء يختلفون في طريقة التعامل؛ فهذا يحتاج للحزم، وهذا لا يصلح معه إلاّ اللين، وذاك يحتاج للتحفيزأما التفضيل من جانب الآباء لأحد الأخوة.. بصورته الواضحة فهو غير صحي أو تربوي..ولا ينبغي أن يكون موجودا
التمييز غير صحي
لكن راحة النفس هي التي تتفاوت نسبتها عند أحد الأطفال دون الآخر؛ فالطفل اللّين الهيّن منهم .. يسمع ويُحكم عقله ويستجيب للنصح
ومنهم من لديه الإحساس بالأسرة وبمن حوله، ولا تطغى عليه النظرة الأنانية، لا بد أنه سيحظى بقدر وافر من الميل له، ودائماً ما يميل الآباء للابن الهادئ المهذب
أسباب التمييز عند الآباءأولاً: قد يكون هناك عند الأب أو الأم تفضيل لأحد الأبناء على الآخرين بحسب مميزات ذلك الولد أو تلك البنت
يستأثر بتمييز والديه لطاعته
وهذه أحاسيس ومشاعر لا يستطيع الإنسان التحكم فيها وإظهارها كما يحب ويشتهي لكن أغلب الآباء والأمهات لا يُظهرون تعاطفهم أو تفضيلهم مع ذلك الابن أو البنت أمام البقية من الأبناء، حتى لا تحدث حساسيات تولد مشاكل فيما بينهم
ثانياً: قد يستأثر الابن نفسه بمحبة والديه من خلال طاعته لهما وأسلوبه الهادئ في التعامل معهما، واعتمادهما عليه في أمور لا تُسند إلا له من بين إخوته، فالنفس البشرية بطبيعتها تحب من يُحسن لها ويستجيب لطلباتها وتميل لهثالثاً: وهناك اختلاف طبائع الأبناء؛ فهذا حنون أكثر.. وآخر جدي.. وهذه ودودة.. والأخرى خلافها، ويوجد لدى بعض الأبناء أسلوب مميز منذ الصغر في التعامل مع الآباء والتعاطي مع المواقف بشكل إيجابي، وهذا يفرض على الأب أسلوباً معيناً لتعزيزه واحترامه وتقديره
لكل طفل إيجابياته وسلبياته
رابعاً: صحيح يوجد اختلاف بين الأبناء في الطباع والسلوك، وأكيد هناك من السلبيات الموجودة في كل شخصية، لكن لا يمكن أن أفضل أحداً على أحد؛ لأن كل واحد منهم له إيجابياته ومميزاته، التي من المفترض أن ينظر إليها الآباء نظرة إنصاف.
التمييز.. لصفات خاصة بالابن1-من الآباء من يميز الولد - الذكر- لأسباب تتعلق بالمساعدة في الأعمال الشاقة، والرغبة في العزوة وحجب الميراث، وخلافه، فيتمادى في الإغداق عليهم والتقتير على أخواتهم البنات في المال أو العطايا أو الاهتمام..وعلى الجانب الآخر هناك من يميز البنات فيتمادى في تدليلهن لكونهن بنات ضعيفات رقيقات، وفي المقابل يتعاملون بقسوة مع الأبناء الذكور؛ حتى يشبوا رجالاً أشداء في المستقبل
القلب يميل للابن المطيع المهذب
2-اختلاف العمر: فهناك بعض الأسر التي يحتل فيها الابن الأول (البِكري) مكانة متميزة عن باقي إخوته، وعلى الجانب الآخر فهناك أسر يتمتع فيها الابن الأصغر (آخر العنقود) بتلك المكانة المتميزة مادياً وعاطفياً
3-وهناك من الآباء من يرحب بمن يتميزون عن إخوتهم في الذكاء والتحصيل العلمي، أو في الجمال في البنات أو في القوة الجسدية في الأولاد، رغم أنه لا فضل لأحد من الأبناء على أخيه أو أخته في تمتعه بها
4-الاختلاف في بر الوالدين: فالقلب قد يلين للولد المطيع المهذب عن الولد العنيد الذي لا ينفذ توجيهات والديه إلا فيما ندر، نتيجة لسوء طباعه وأفعاله؛ ولذا كان أكثر تعرضاً للتوجيه والزجر
وتترجم هذه التفرقة في المعاملة في عدة صورتتضح في إعطاء مصروف أكبر أو شراء سيارة مثلاً لأحد الأبناء دون الآخر، ودون سبب منطقي
التمييز يتضح في المعاملة
التمادي في تدليل البنت أو آخر العنقود مثلاً، مع القسوة في التعامل مع الأبناء الآخرين
تكرار ذكر محاسن أحد الأبناء تحديداً أمام إخوته أو في التجمعات العائلية، وتجاهل الابن الآخر أو ربما ذكر مساوئه
الإنصات لأحد الأبناء تحديداً عندما يتناقش أو الاهتمام بسماع وجهة نظره في الأمور اليومية، مع إهمال الابن الآخر
مخاطر التمييز بين الأبناء
الطفل الغير مميز يعاني نفسيا
- وعلى الجانب الآخر فالطفل الأقل تمييزاً سوف يعاني من مشكلات وعقد نفسية أشد خطورة، والأمثلة على ذلك كثيرة
- ينشأ حقوداً وغيوراً وكارهاً لأخيه المميز عنه، بل ومن الممكن أن يتمنى له الضرر أو حتى يحاول أن يتآمر عليه ويسببه له
- عدم الثقة في الأسرة وبعد ذلك في المجتمع عامة، حيث إن الأسر هي وحدات تكوين المجتمعات
في التمييز خطورة على الأبناء
- تكوين آباء وأمهات غير أسوياء في تعاملهم مع أبنائهم في المستقبل، مما يشكل خطورة مطردة على الأجيال القادمة.
- الإصابة بالعقد والأمراض النفسية، فقد يصاب بالانطواء والعزلة والشك المرضي في الآخرين والاكتئاب.
- عقوق الوالدين كرد فعل على شعوره المتنامي بعدم عدالتهم وظلمهم له بلا مبرر.
- البحث عن الحب والحنان والتفاهم المفقود داخل الأسرة عند الأغراب، مع ما في ذلك من خطورة الوقوع فريسة لهم.
- فيشعر بأنهم يضطهدونه عندما ينبهونه لأخطائه أو يحاسبونه عليها. وكذلك لن يستطيع تحمل تبعات الزواج وتربية الأبناء، وسيضيق صدره عند أي مشكلة تواجهها أسرته الصغيرة.
مساوئ التمييز على الطفل غير المميز
هناك خطورة في التمييز بين الأبناء
- ولا يفوتنا هنا التنبيه إلى خطورة المقارنة بين الإخوة في الدراسة ومعايرة أحدهم بتدني مستواه عن الآخر، لما قد يسببه ذلك من ضغائن بين الإخوة.
- وقد يظن البعض بالخطأ أن الطفل الأقل تمييزاً فقط هو الذي سيقع عليه الضرر النفسي من هذا التمييز السلبي في معاملة الوالدين له دون الطفل المميز، ولكن الواقع أن كلا الطرفين معرض لآثار نفسية سلبية خطيرة في تكوين شخصيته.
- الطفل المميز سوف ينشأ أنانياً محباً للتملك ولا يتقبل النقد والتوجيه منالآخرين، الأمر الذي سوف يوقعه لا محالة في مشاكل كثيرة عندما يعمل تحت رئاسة من لا يعرفهم.
دراسة أميركية تؤكد تميز الابن الأصغرأجراها باحثون في جامعة Brigham أن الابن الأصغر هو المفضل لوالديه، وذلك بعد الاستناد إلى 300 عائلة لكل منها ولدان مراهقان؛حيث رأى الباحثون أن الطفل الأصغر يتعلق بالوالدين أكثر من إخوته الأكبر سناً الذين يميلون للاستقلالية سريعاً.
الطفل الأصغر يحتاج لرعاية والديه
بينما الطفل الأصغر يحتاج إلى الحب والرعاية؛ لأنه يضع نفسه في دائرة المقارنة مع الأطفال الأكبر، وهو يحصل على مراده، فيوليه الأهل الاهتمام.وتدق هذه الدراسة ناقوس الخطر؛ لأنها تظهر أنّ عدداً كبيراً من الأهل يميز في المعاملة بين الأبناء، ويعد هذا من أكثر المشاكل التي تواجه الأهل في التربية..فالتعاطي بمساواة بين الأولاد يساهم في تحسين العلاقة بين الإخوة وسيادة جو إيجابي في البيت
المساواة في المعاملة ..أمر إيجابي