الكتب ضحية مفضلة للحروب.. قصة إبادة المؤلفات زمن الحرب العالمية الثانية
حرق الكتب فى الحرب العالمية الثانية
يبدو أن الكتب "لقمة" مفضلة كلما اشتعلت الحروب، هذا ما قالت به "ربيكا نوث" فى كتابها "إبادة الكتب.. تدمير الكتب والمكتبات برعاية الأنظمة السياسية فى القرن العشرين"، الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة، التابعة للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، فى الكويت.
يقول الكتاب إنه فى عام 1987 نظفت قوات فى قاعدة تابعة للجيش السوفييتى فى لتوانيا مستودعا، وأُفرغ فى حقل مجاور عدد كبير من الكتب النادرة التى نهبت من مكتبة نبيل بروسى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، من بين هذه الكتب نسخة فيتنبيرج للكتاب المقدس التى ترجع إلى العام 1534 (نسخة أولى من ترجمة مارتن لوثر للكتاب المقدس إلى الألمانية)، ونسخة أولى من خرائط ميركاتور لأوروبا الغربية، ومجلد يرجع إلى العام 1785 يضم رباعيات وترية تحمل إهداء موزارت إلى هايدن.
بعد مرور عام تعرضت فيه هذه المقتنيات للمطر والثلوج، طلب أمناء مكتبة لتوانيون بقلوب ملؤها الخوف السماح لهم بإنقاذ الكتب، كان رد الضابط المفزع: "هل تريدون هذه الكتب القديمة؟ خذوها. ليست إلَّا كومة نفايات.
فى مستهل الحرب العالمية الثانية بدا الإنسان مخلوقًا انقلب على ذاته، يهاجمها ويبذل قصارى جهده عامدًا لتدمير أدوات العقل، بما فيها الكتب والمكتبات بالنسبة إلى مفكرى تلك الفترة، مثل أرشيبالد ماكليش (1942)، بدا الجنس البشرى (ممثَّلًا فى النازيين) سقيمًا يتلوى فى ظلمات الجهل والحسد وتغويه الدعاية الموجّهة التى تعرض جميع العلوم وصنوف الاستنارة الفكرية وكل ما يُميِّز العقل بوصفه زيفًا وحمقًا.
أدرك ماكليش أن المفكرين والفنانين والكتاب والباحثين هم فى الأغلب الفئة المستهدفة من قبل النازيين. وعندما تأمل ماكليش الكتب التى حظر تداولها أو أحرقت أو صُودرت، والمعلمين الذين أخرستهم السلطة، والمطابع التى أغلقت، اكتشف أنه من الصعب أن يصر على أن عالم الفنون والتعلم له أى وجود بمنأى عن الانقلاب الذى شهدته الفترة المعيشة.
لم يكن ماكليش وحده الذى أصر على أن ذلك الانقلاب كان ضدّ العقل وثمرته - انقلاب الجهل والعنف والخرافات على مدينة الحقيقة.