بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
وُلِدَ الإمام الحسن بن عليّ العسكري(ع)، الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت(ع)، في شهر ربيع الثاني العام 232هـ في المدينة، وتوفّي في شهر ربيع الأوّل العام 260هـ في سامراء، وأمّا لَقَبُ "العسكري"، فنسبةً إلى بلدة سامرّاء، أو "سُرَّ مَنْ رأى"، الّتي كان يعسكر بها الجنود.
وعلى الرغم من صغر سنه، فقد كان موضع عناية واهتمام العلماء والمؤرّخين الذين فاضوا في الحديث عن ورعه وتقاه وفضله وعلمه وزهده وصبره وحلمه وشجاعته وتحمّله للمسؤوليّة، فحتى أعداؤه لم يستطيعوا طمس تأثيره وحضوره في قلوب العامّة والخاصّة، فدانوا له بالفضل ولو رغماً عنهم.
من الناحية العلميّة، فقد كان مركز جذب للرّاوة، حيث بلغ عدد الرواة عنه 149، حدّثوا عنه بلا واسطة، مع الاختلاف في وثاقتهم ومنازلهم، وهذا ما يدلّ على رفعة منزلته العلمية، وكيف كان قطباً ثقافياً وإسلامياً وعلمياً متحركاً في واقعه، ومن وكلائه، محمد بن أحمد بن جعفر، وجعفر بن سهيل الصّيقل، وقد أدركا أباه وابنه.
ومن أصحابه: محمّد بن الحسن الصفّار، وعبدوس العطّار، وسريُّ بن سلامة النيسابوريّ، وأبو طالب الحسن بن جعفر المنافاي، وأبو البختري.
أشهر ألقابه: الزكي، العسكري، التقي، الميمون، الخالص .
كنيته: أبو محمد، ويعرف بابن الرضا، كأبيه وجدّه (عليهم السَّلام).
أبوه : الإمام علي الهادي (ع).
أمّه: حديث، وتسمَّى أيضاً: سليل وسوسن، وهي أمّ ولد. (المقصود بأمّ ولد، أنّها كانت جارية وأنجبت ولداً من مولاها).
ولادته: (8) من شهر ربيع الثاني سنة ( 232 ) هجريّة .
محل ولادته: المدينة المنوَّرة .
مدّة عمره: (28) سنة.
مدّة إمامته: (6) سنوات، من 26 جمادى الثانية، أو 3 رجب سنة 254.
ملوك عصره: عاصر الإمام بقيّة ملك المعتزّ العباسي، وكانت أشهراً، ثم ملك المهتدي أحد عشر شهراً، ثم ملك المعتمد بن المتوكِّل، وتوفي الإمام العسكري في ملك هذا الأخير.
كان الإمام العسكري(ع) مثالاً في الإقدام وتحمّل المسؤوليّة، فكان يحرص على إرشاد الناس والإجابة عن مسائلهم، ومبادرتهم بالسّؤال عن أوضاعهم، ومحاولة رفع شأنهم من النّواحي كافّة، وخصوصاً العلمية والاجتماعية، وإبراز القيم الإسلامية الأصيلة التي لا بدّ لهم من تمثلها في علاقاتهم وأوضاعهم.
ومن وصاياه(ع): "أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد(ص)....
اتّقوا الله، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كلّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح، فإنّه ما قيل من حسن فنحن أهله، وما قيل من سوء فما نحن كذلك، لنا حقّ في كتاب الله، وقرابة من رسول الله، وتطهير من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا كذَّاب .
أكثروا ذكر الله، وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصّلاة على النبيّ(ص)، فإنَّ الصّلاة على رسول الله عشر حسنات. احفظوا ما وصّيتكم به، وأستودعكم الله، وأقرأ عليكم السّلام" .
وقال(ع): "ادفع المسألة ما وجدت التحمّل يمكنك، فإنّ لكلّ يوم رزقاً جديداً، واعلم أنّ الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التّعب والعناء، فاصبر حتّى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصّنيع من الملهوف، والأمن من الهارب المخوف! فربما كانت الغِير نوعاً من أدب الله، والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، وإنّما تنالها في أوانها .
واعلم أنّ المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها، فيضيق قلبك وصدرك، ويغشاك القنوط. واعلم أنَّ للسخاء مقداراً، فإن زاد عليه فهو سرف، وإنَّ للحزم مقداراً، فإن زاد عليه فهو تهوّر، واحذر كلّ ذكيّ ساكن الطّرف، ولو عقل أهل الدّنيا خربت".
وبمناسبة ولادة الإمام الحسن العسكري(ع)، نستحضر تلك القامة الإماميّة والإسلاميّة والإنسانيّة الشّامخة التي أعطت كلّ ما ملكت من موقف وجهد، وحكمة ووعي، وتضحية وعلم، وعفّة وتقى، في سبيل عزّة الإسلام والمسلمين، ورفع راية التّوحيد.