بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
العلامة الشبراوي الشافعي قال عن الإمام الحسن العسكري (علیه السلام): "الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص و يلقب أيضاً بالعسكري... و يكفيه شرفاً أنّ الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالی فرجه الشریف) من أولاده، فللّه در هذا البيت الشريف والنسب الخضم المنيف و ناهيك به من فخار وحسبك فيه من علو مقدار...
الإمام الحسن العسكري (علیه السلام) في سطور
نسبه الشريف
هو الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیه السلام).
و هو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (علیهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً.
و أُمه اُم ولد يقال لها: حديث، أو سليل، و كانت من العارفات الصالحات. و ذكر سبط بن الجوزي: أنّ اسمها سوسن.
محل الولادة و تاريخها
ولد الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (ع) ـ كما عليه أكثر المؤرخين ـ في الثامن من شهر ربيع الآخر سنة (232هـ) من الهجرة النبويّة المشرفة في المدينة المنوّرة.
ألقابه (علیه السلام) و كُناه
اُطلق على الإمامين عليّ بن محمّد والحسن بن عليّ (العسكريّان) لأنّ المحلة التي كان يسكنها هذان الإمامان ـ في سامراء ـ كانت تسمى عسكر.
و(العسكري) هو اللقب الذي اشتهر به الإمام الحسن بن عليّ (عليه السلام).
وكان يكنّى بابن الرضا ، كأبيه وجدّه، و كنيته التي اختص بها هي: (أبو محمّد).
ملامحـه
وصف أحمد بن عبيدالله بن خاقان ملامح الإمام الحسن العسكري بقوله : إنّه أسمر أعين حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، له جلالة وهيبة، وقيل: إنّه كان بين السمرة والبياض.
النشأة و ظروفها
نشأ الإمام أبو محمّد (علیه السلام) في بيت الهداية و مركز الإمامة الكُبرى، ذلك البيت الرفيع الذي أذهب الله عن أهله الرجس و طهّرهم تطهيراً.
وقد ظفر الإمام أبو محمّد بأسمى صور التربية الرفيعة و هو يترعرع في بيت زكّاه الله و أعلى ذكره و رفع شأنه حيث {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ...}، ذلك البيت الذي رفع كلمة الله لتكون هي العليا في الأرض و قدّم القرابين الغالية في سبيل رسالة الله.
و قطع الإمام الزكي شوطاً من حياته مع أبيه الإمام الهادي (علیه السلام) يفارقه في حلّه و ترحاله، وكان يرى فيه صورة صادقة لمُثل جدّه الرسول الأعظم، كما كان يرى فيه أبوه أنّه امتداد الرسالة والإمامة، فكان يوليه أكبر اهتمامه ، ولقد أشاد الإمام الهادي (علیه السلام) بفضل ابنه الحسن العسكري قائلاً:
"أبو محمّد ابني أصحّ آل محمّد غريزةً و أوثقهم حجة. و هو الأكبر من ولدي و هو الخلف و إليه تنتهي عرى الإمامة و أحكامها"، والإمام الهادي (علیه السلام) بعيد عن المحاباة والإندفاع العاطفي مثله في ذلك آباؤه المعصومون.
وقد لازم الإمام أبو محمّد (علیه السلام) أباه طيلة عقدين من الزمن و هو يشاهد كل ما يجري عليه و على شيعته من صنوف الظلم والإعتداء، و انتقل الإمام العسكري (ع) مع والده إلى سرَّ من رأى (سامراء) حيث كتب المتوكل إليه في الشخوص من المدينة، و ذلك حينما وُ شي بالإمام الهادي (علیه السلام) عنده، حيث كتب إليه عبدالله بن محمّد بن داود الهاشمي: "يذكر أنّ قوماً يقولون إنّه الإمام ـ أي عليّ الهادي (علیه السلام) ـ فشخص عن المدينة و شخص يحيى بن هرثمة معه حتى صار إلى بغداد، فلمّا كان بموضع يقال له الياسرية نزل هناك، و ركب إسحاق بن إبراهيم لتلقّيه، فرأى تشوّق الناس إليه و اجتماعهم لرؤيته، فأقام إلى الليل، و دخل به في الليل، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة ثم نفذ إلى سُرَّ من رأى".
وكان استشهاد والده (سنة 254هـ) و تقلّد الإمامة بعده، و كانت فترة إمامته أقصر فترة قضاها إمام من أئمة أهل البيت الأطهار (ع) و هم أصح الناس أبداناً و سلامة نفسيّة و جسديّة، قد استشهد و هو بعد لمّا يكمل العقد الثالث من عمره الشريف، إذ كان استشهاده في سنة (260هـ) فتكون مدة إمامته (ع) ست سنين.
و هذه المدة القصيرة تعكس لنا مدى رعب حكّام الدولة العبّاسية منه و من دوره الفاعل في الأُمّة، لذا عاجلوه بعد السجن والتضييق بدس السم له و هو لم يزل شاباً في الثامنة أو التاسعة والعشرين من عمره الميمون.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن المنقول التاريخي عن الإمام العسكري (ع) في ظل حياة والده الإمام عليّ الهادي (ع) و مواقفهما لا يتعدى الولادة والوفاة والنسب الشريف و حوادث و مواقف يسيرة لا تتناسب و دور الإمام(ع) الذي كان يتمثل في حفظ الشريعة والعمل على إبعاد الأُمّة عن الانحراف و مواجهة التحديات التي كانت تواجهها من قبل أعداء الإسلام.
غير أنّ مجموعة من الروايات التي نقلها لنا بعض المحدثين تشير إلى اُمور مهمّة من حياة الإمام العسكري(ع)، وقد أشار الإمام العسكري نفسه إلى صعوبة ظرفه بقوله(ع): "ما مُنيَ أحد من آبائي بمثل ما مُنيتُ به من شك هذه العصابة فيّ".
و هذا شاهد آخر على حراجة الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تحيط بالإمامين العسكريين عليّ بن محمّد والحسن بن عليّ(ص) والتي كانت تحتم إبعاد الإمام العسكري من الأضواء والاتصال بالعامة إلاّ في حدود يسمح الظرف بها، أو تفرضها ضرورة بيان منزلته و إمامته و علو مكانته و إتمام الحجّة به على الخواص والثقات من أصحابه، كل ذلك من أجل الحفاظ على حياته من طواغيت بني العباس.