بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته

عن الإمام زين العابدين (ع) في الصفات الذاتية للمؤمن، كيف يكوّن المؤمن شخصيته عندما يتكلم ويسكت ويواجه الزلازل الاجتماعية والسياسية، يقول (ع): "المؤمن يصمت ليسلم ـ عندما يسكت فإنه يسكت في الحالات التي يخاف إذا تكلم فيها أن يعصي الله أو أن يسيء إلى الناس في كلامه، فإن المؤمن يسكت حتى يسلم من المسؤولية عندما تحمّله الكلمة السلبية المسؤولية ـ وينطق ليغنم ـ يتحدث، لا لأنه يحب الكلام، بل ليحصل من نطقه على الغنيمة عند الله عندما يكون كلامه وعظاً ونصحاً وإرشاداً وارتفاعاً بمستوى الناس من خلال ما يتحدث به معهم ـ لا يحدّث أمانته الأصدقاء ـ يحفظ سرّ الناس، لأن السر أمانة عند صاحبه، بحيث لا يفشي أسرار الناس أمام أصدقائه ـ ولا يكتم شهادته من البعداء ـ لا يكتم شهادته لمن يحتاج إليها وإن كان بعيداً عنه على مستوى القرابة أو الانتساب ـ ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً ـ بل يعمل الخير تقرباً إلى الله ـ ولا يتركه حياءً ـ لا يترك عمل الخير لأنه يخجل من الناس أن ينتقدوه، بل يفعله حتى وإن انتقدوه ـ إن زُكّي خاف مما يقولون ـ إذا مدحه الناس في وجهه لم ينتفخ، بل يشعر بالخوف من الله من هذا المدح ـ ويستغفر الله لما لا يعلمون ـ وهذه تنقل عن الإمام أمير المؤمنين (ع) وهو المعصوم، أنه كان إذا مدحه أحد في وجهه قال: "إن الله أعلم بما في نفسي مني، وأنا أعلم بما في نفسي منك، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون"، وكان النبي (ص) والأئمة (ع) يستغفرون الله من غير ذنب، باعتبار أنهم المعصومون بمعرفتهم بالله، ولكنهم يتواضعون لله، لأن الاستغفار يختزن في داخله التواضع لله ـ لا يغره قول من جهله ـ لا يسقط أمام الناس الذين يشتمونه ويغتابونه، بل يتماسك لأنه يعرف نفسه جيداً ـ ويخاف من إحصاء ما عمله".


لا بدّ لنا أن نجلس مع أنفسنا لنفهمها ونربيها على ما يحبه الله ويرضاه، لأننا قد نقدّم الأعذار لبعضنا البعض، ولكن عندما نقف أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم، فأي عذر يمكن أن نقدّم؟