أتجه صانعي الدراما المصرية مؤخرًا إلا الأعمال الدرامية الطويلة، التي تتخطى عدد الحلقات الثلاثين، والتي طالما أعتدنا عليها، فمنهم من تخطي ال 45 حلقة ومنهم من وصل إلى 60 حلقة، بل لا يقف الحد عند هذا العدد من الحلقات؛ فقد يمتد إلا إنتاج جزء ثاني وثالث.. وهو ما قد يؤدي بالمشاهد إلا بعض الممل أو الزهد عن المشاهدة لضياع وقت كبير، وهو أيضًا ما قد يؤدي بالمؤلف إلى الإطالة والمط في الأحداث..
أما مسلسل اليوم وهو مسلسل إلا أنا؛ فعلى الرغم من أن حلقاته وصلت ل 60 حلقة إلا أنه استطاع أن يصنع الاتزان المطلوب، خصوصًا وأنه تناول 6 حكايات مختلفة بفريق عمل مختلف لكل قصة؛ وتُحكَى كل واحدة منهم في 10 حلقات، وهو ما حقق المعادلة الصعبة وابتعدت عن الملل والمط وتضيع الوقت..
وحكاية اليوم التي تحمل اسم “لازم أعيش” تصدرت تريند جوجل مع أول أيام العرض كما أن أحد مقاطعه تصدر موقع اليوتيوب بالأمس.. فهيا بنا نتعرف على أسباب هذا الاهتمام..
قصة الحكاية السادسة “لازم أعيش” من مسلسل “إلا أنا”
تدور أحداث حكاية لازم أعيش حول فتاة تدعى “نور” تقوم بدورها الفنانة “جميلة عوض” مصابة بمرض البهاق؛ فتتعرض للتنمر والنبذ من الناس منذ الطفولة.. إلى جانب الخوف الدائم من المستقبل ومن عدم تقبل أحد لها سواء في العمل أو في الزواج !
وتجد نور الحل في المكياج والملابس؛ فالمكياج يساعدها في إخفاء أثر البهاق من وجهها ويديها، كما أنها ارتداء الملابس الكاملة صيفًا وشتاءًا -رغم أنها غير محجبة- تخفي باقي آثار المرض بأنحاء جسدها..
مع هذه الحلول المؤقتة استطاعت نور أن تعيش حياة شبه مستقرة بين عملها كموظفة في البنك بالنهار، ومذيعة راديو بالمساء، وارتباطها بأحد الشباب الذي لا يعرف شيء عن مرضها حتى الآن، وتتوالى الأحداث التي تدفعنا للبحث أكثر عن حقيقة مرض البهاق للتعرف عليه عن قرب..
فما هو مرض البهاق ؟
مرض جلدي مزمن، يظهر على شكل بقع بيضاء في أنحاء متفرقة في الجسم، أكثرها في الوجه واليد وبين ثنايا الجلد، يرجع المرض إلى خلل مناعي يتسبب في نقص الخلايا التي تفرز الميلانين، وهي المادة المسؤولة عن صبغة لون الجلد، وهو مرض غير معدٍ، ولا ينتقل عن طريق التلامس لكن ثمة عنصر وراثي في انتقال الجين المسبب للمرض إلى الأبناء.
تعامل المسلسل مع حقيقة المرض
من أولى الحلقات ونحن نرى مدى تمحور كل مشهد حول مع مرض البهاق، المصابة به نور ،بطلة المسلسل؛ فنراها في كل مناحي حياتها تقريبًا ومعاناتها المتعددة الاتجاهات؛ حيث تناول المسلسل عدد من المشاهد التي تجسد معاناة مرضى البهاق مثل الخوف من مواجهة المجتمع وزملاء العمل وحتى الحبيب الذي سيصبح يومًا ما زوجًا، وسيعرف حقيقتنا دون تجمل أو مكياج !
مشهد ضربة الشمس التي تعرض لها نور
ومن المشاهد التي تجسد معاناة طبية آخرى متعلقة بمرض البهاق هو مشهد ضربة الشمس الذي تعرضت له نور عندما سافرت مع صديقتها تالا وزميلها شريف في إحدى الرحلات السياحية؛ حيث تعرضت هناك لضربة شمس وللإغماء؛ فمرضى البهاق لديهم معاناة مع الشمس أقرب ما تكون للعداوة أو الحث المستمر على تجنبها، فالصبغة التي تتعامل مع أشعة الشمس قليلة أو معدومة في بعض مناطق الجلد؛ وهو ما يجعل تأثير الشمس أقوى عليها.
كما أن نور ترتدي ملابس ثقيلة لتخفي ملامح مرضها، وتصل تلك التغطية تصل حد أنها تخفي رقبتها هي الأخرى؛ وهو ما جعل الطقس غاية في الحرارة وأدى بها في النهاية إلى ضربة الشمس والتعرض للإغماء..
وهذه هي المعالجات التي تستحق الوقوف عندها، عندما يستفيد مؤلف العمل من المعلومات الطبية؛ ليخرجها في شكل مواقف ومعاناة يومية؛ لتوضيح المرض للجمهور حتى يتعاطفوا مع قضية العمل..
مشهد التنمر والخوف من العدوى
من أقيم المشاهد أيضًا عندما تعرضت نور للتنمر من زميلتان لها في المدرسة عند الطفولة وهم يبتعدان عنها وعن الصنبور الذي لامسته بيديها اعتقادًا من إحداهما أنه مرض معدي، وهو ما وضحته الطفلة نور المصابة بالبهاق لهما، فلم يستجيبان لها وتركاها وحيدة وحزينة مع إحساسها بالخوف والغربة عن باقي الأصحاء.. كأن اختيار مرض البهاق شيء بيدها!
هل يمكن للمكياج فعلًا أن يوحد لون بشرة مريض البهاق؟!
هو سؤال توقفت عنده مليًّا عندما شاهدت المسلسل؛ فهو الحل المناسب الذي استخدمته بطلة المسلسل للتعايش مع المرض، وفعلًا عندما بحثت وجدت بعض الاتجاهات التجميلية الموجودة وبعض المنتجات التي تساعد في توحيد لون بشرة مريض البهاق قدر المستطاع، وهو ما يؤكد محاولات محاكاة المسلسل وتعرضه للواقع من كافة النواحي..
ولكن في نفس الوقت.. هل كل الناس لا تستطيع تمييز هذا المكياج ؟
فتعجبت من زملائها في العمل الذين يروها باستمرار ولم يلاحظوا؛ فقط الذي عرف الأمر من أول لحظة هو الشخص المتخصص الذي أتت به إدارة الراديو التي تعمل فيه نور؛ ليقوم بعمل مكياج لكل المذيعين؛ لأنهم سيصورونهم وقت إذاعة البرنامج الإذاعي.. وهو ما رفضته نور حتى لا ينكشف أمرها، وهو أيضا ما يثبت نقدي لهذا الحل وتسائلي عن مدى جدواه وكونه حل عملي لا يُلاحظ أم أنه حبكة درامية؟!
صورة مايكل جاكسون على سرير نور
من ألطف المشاهد التي لاحظتها هو وجود صورة مايكل جاكسون على سرير نور وكأنها رسالة من المسلسل لنا بأن الأب الروحي لنور هو مايكل جاكسون؛ فكما هو معروف أن مايكل جاكسون كان مصاب هو الآخر بمرض البهاق.. وهي لقطة جيدة جدا ترسخ أكثر لشخصية نور، وقد تكون واقعية مع بعض مرضى البهاق..
فريق عمل حكاية لازم أعيش
حكاية “لازم أعيش” بطولة كل من جميلة عوض وأحمد خالد صالح وخالد أنور وسلمى أبو ضيف ونجلاء بدر، ومن تأليف نجلاء الحديني وإخراج مريم الأحمدي.
ياسمين عبد الله - أراجيك