يقطب محمد عيسى (65 عاماً) حاجبيه وهو ينتظر دوره في طابور الرسوم الخاص بعقود ‏الزواج في محكمة الأحوال الشخصية في الحلة، ويذكر أن "المحاذير التي اتخذتها المحكمة ‏للحماية من فيروس كورونا جيدة، فهناك مسافات تباعد، والجميع يرتدي قناع الوجه والقفاز، ‏لكن حجم المراجعين كبير".‏
ولدى سؤاله من قبل مراسل "القضاء" عن حاجته، قال "جئت لإتمام زواج ابني البكر، كنا ‏ننتظر أن يزول الفيروس"، لكنه استدرك مبتسما "لا داعي للانتظار.. فقد ساهمت كورونا في ‏اختصار التكاليف، لم لا يتزوج الآن؟".‏
ويبدو أن أحداً لم يكن يتوقع أن هذه الجائحة التي خيمت على العالم ومنعت الاختلاط وأغلقت ‏على الحياة، قد "تجمع رأسين بالحلال"، لكنها أثبتت العكس في محافظة بابل، فعند حساب ‏حالات الزواج لتموز مقارنة بعددها خلال الشهر نفسه من العام الماضي ستجد أن نسب ‏الزواج هذا العام تتعداها بكثير خلال تموز 2019.‏
‏ يقول عيسى وهو يجمع رزمة أوراق ومستمسكات ثبوتية إنه "رجل متقاعد، ولديه ابن يعمل ‏عاملا مياوما في البناء، وان الجائحة ساهمت في تعطيله عن العمل لشهرين ما اضطره ‏للصرف من الأموال التي جمعها لإتمام زواجه".‏
وأضاف أن "الناس تقبل على الزواج هذه الأيام لأن تكاليفه قلت، فمعظم حالات الزواج ‏اختصرت المراسيم، تحت ذريعة الجائحة وعدم الاختلاط".‏
ولم يكن عيسى مخطئاً. فقد أظهرت الإحصائية التي أعدتها شعبة الإحصاء في رئاسة استئناف ‏بابل ما يؤيد ذلك.‏
ويعتقد الإحصائي ذو الفقار جاسم أن "شهر تموز الماضي سجل رقما قياسيا بعدد حالات ‏الزواج في المحافظة"، لافتا إلى أن "3181 حالة زواج سجلها شهر تموز الماضي، 3006 ‏حالة كانت للعقود في محاكم الأحوال الشخصية في بابل و175 حالة كانت لتصديق زيجات ‏خارجية، وهو عدد تاريخي"، بحسب الإحصائي.‏
ويقارن النسبة بالشهر نفسه في العام الماضي فيجد أن "الرقم المسجل في تموز 2019 أقل ‏بمعدل ألف حالة تقريبا، فقد سجل 2354 حالة زواج، ما يفسر زيادة كبيرة".‏
وبالنظر إلى حالات الطلاق، فالرقم المسجل لعدد حالات الانفصال في تموز للعامين لا يخلو ‏من الغرابة، فقد انخفضت نسبة الطلاق في بابل إلى 2% بالقياس إلى حالات الزواج وهي ‏نسبة غير مسبوقة أيضاً، بحسب جاسم.‏
وأكد أن "تموز 2020 سجل 79 حالة طلاق، بينما سجل تموز 2019 مئتين وخمسين حالة، ‏ما يعني أن النسبة انخفضت إلى الضعفين تقريبا".‏
ويعلق الخبير الاقتصادي مهند الشكري أن "هذا التصاعد في حالات الزواج متوقع لاسيما بعد ‏عزوف نسبة كبيرة من الشباب عن الزواج بسبب تفاقم تكاليفه"، مقدرا أن "ستة ملايين دينار ‏تقريبا جرى اختصارها عندما ألغيت مراسيم الولائم والحجوزات الفندقية والزفاف وقاعات ‏الحفلات، تحت ذريعة مقبولة وهي الظرف الصحي".‏