حب الجمال والكمال!..
إن مشكلة مَنْ يتوجه بكل وجوده إلى عشق الفانيات، هو وجود صورة جميلة ثابتة في الذهن، فالقلب عندما ينظر إلى تلك الصورة الجميلة؛ يعشقها.. وبما أن هذه الصورة لا تفارق الذهن، فإن هذا الحب يصبح من النوع الذي يُعمي ويُصم!.. سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن العشق، فقال: (قلوب خلت من ذكر الله، فأذاقها الله حب غيره).. فصفحة الذهن عندما تُملأ بصورة جميلة، فإن القلب ينشغل بتلك الصورة؛ لأن من طبيعة القلب حب الجمال والكمال.. وكلما اشتدت الصورة جمالاً، كلما اشتد امتلاء أفق الفكر بهذه الصورة؛ وبالنتيجة القلب ينشغل بتلك الصورة، ثم يسري ذلك الانشغال إلى عالم الجوارح.. فيوسف (عليه السلام) أعطي شطر الحسن، ومن هنا عندما تجلى للنسوة، تجلت في أذهانهن هذه الصورة الحسية، وامتلأت بها أفكارهن، ثم تعلقت بذلك قلوبهن، ثم سرى ذلك الحب إلى الجوارح فقطعن أيديهن.. فلننقل هذه المعادلة إلى عالم الغيب: إننا -مع الأسف- نزلنا الذكر من عالم الفكر، إلى عالم القلب، ثم إلى عالم الجارحة!.. فالجارحة هي آخر محطة، ونحن نريد لآخر الدرجات، أن تكون أول الدرجات.. فالقلب والفكر في عالم الرؤى، يعتقد بوجود صورة جميلة في هذا الوجود، هذه الصورة الجميلة هي مبدأ كل جمال في عالم الطبيعة والأنفس.. لذا، فإن بعض المؤمنين عندما يقع نظره على صورة جمالٍ بشري أو طبيعي، وإذا به يعيش عوالم قُربية من حيث لا يشعر، فيرى بأن اليد التي نقشت هذه الصور الجميلة، هو نفسه الذي نقف بين يديه في الصلاة ونناجيه.