مسلسل ما وراء الطبيعة “paranormal ” مستوحى من سلسلة روايات ” ما وراء الطبيعة” للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، المكونة من ثمانين عدد والتي بدأت عام 1993 وانتهت عام 2014.
مسلسل ما وراء الطبيعة من إخراج عمرو سلامة بالاشتراك مع ماجد الأنصاري، بطولة أحمد أمين، رزان جمال، آية سماحة، سماء إبراهيم، رشدي الشامي.
حينما بدأت السلسلة لم أكن قد ولدت بعد، وعند الوقت الذي عرفتها فيه كنت قد غادرت الطفولة، لذا لا أملك مع السلسلة ذكريات طفولة أو موجات عاطفية تجعلني أنصاع للانحياز لنصر ذكرياتي سواء بالاعتراض أو الشكر المبالغ، لأنني قرأتها في سنتي المدرسية الأخيرة ما قبل الجامعة.
أتذكر قراءتي للأعداد جمعيها في شهر رمضان كامل، السنة التي تسبق نشر آخر عدد من السلسلة، وبغض النظر عن أنني أحب طريقة أحمد خالد توفيق الكتابية، إلا أن السلسلة كانت أشبه بالكتابة الشعبية عن أساطير مصرية وعالمية في قالب إثارة ودراما ممتلئة بتفاصيل درامية مصرية ساخرة، بعضها كانت قصص جيدة وبعضها لا بأس به وبعضها غير جيد، تربطها شخصية مبتكرة الصنع “رفعت إسماعيل” وشخصيات مصرية حقيقية.
مسلسل ما وراء الطبيعة مستوحى من السلسلة وليس مقتبس عنها أو يقدمها، وهذه الكلمة هي مفتاح فهم تكنيك المسلسل التي ستجعلك تتوقف عن المقارنة بين السلسلة والمسلسل والنظر له كعمل منفصل قائم بذاته مما يمنح نظرة أكثر أنصافًا وموضوعية.
فقد أختار عمرو سلامة مبتكر المسلسل خط درامي مختلف مُتصل اكتفي فيه بأخذ معالجات جانبية ومشاهد قليلة متفرقة من بين ستة أعداد من السلسلة وهما” أسطورة البيت، أسطورة لعنة الفرعون، أسطورة حارس الكهف” العساس” ، وأسطورة الجاثوم بجزئيها”.
خط أحداث مغاير وشخصيات بخليفات وروابط مختلفة، حبكة متصلة وليست متصلة متفصلة، فأغلبية الشخصيات يظهرون خلال الستة حلقات متابعين خطوطهم الدرامية، ولا يمكن مشاهدة الحلقة الثالثة ثم الأولى لأن حينها ستسقط في فجوة لا منطقية بعض التصرفات والتيه عن هوية الشخصيات، على الرغم من أن حلقات المسلسل الستة تبدو كلها وكأنها تمهيد لمواسم أخرى.
اكتفى عمرو سلامة بأشياء جانبية من السلسلة ليضفر ويصنع حكاياته الخاصة البعيدة عنها قدر ما تهمين تفاصيلها على العمل.
رفعت إسماعيل .. بين الرواية والمسلسل
شخصية رفعت إسماعيل هي أساس المسلسل والسلسة، الشخصية التي بنى الأثنين حولها، والتي نالت شهرة فاقت شهرة اسم السلسلة نفسه وباتت معروفة باسمه.
رفعت إسماعيل في مسلسل وراء الطبيعة كان مميز وأفضل عنصر تم تقديمه في السلسلة، وأظنه العنصر الذي حظى بالتركيز الأضخم، ونال أكثر وصفه من السلسلة.
طبيب بائس في الأربعين، فوضوي وغير جذاب شكلًا وإن كانت جُمله وردوده كذلك، يوحى بأنه ضعيف البنيان ولكن ليس هزيل، منحى الظهر، مدخن شره ويؤمن بقوانينه الخاصة، سيء الحظ ويرى بأن الحياة سوداء و إن كان ليس بشكل فلسفي بل أقرب لهزلي.
تم توظيف الاندفاع وعدم المبادرة بشيء من التناقض، فكانت الشخصية تنتقل فيما بينهما دون مبررات، تناقضاته في الانفعالات العاطفية بين ماجي وهويدا أيضا خَلَت من العمق النفسي.
إلا أن أداء” أحمد أمين” قد غطى الكثير من تلك التناقضات، فقد وضع كل مواهبه التمثيلية في أداء هذه الشخصية، خفض تمامًا من طريقته الكوميدية الحية المشتعلة حد السخرية الغير مفتعلة، وقد شعرت خلال بضع مشاهد أنه يصارع لإخفاء حيويته ليبرز لا مبالاة رفعت إسماعيل وقد نجح في فعل ذلك حتى بات طبيعيًا بأداء عبقري للغاية.
ربما رفعت إسماعيل بعيد كذلك عن الشخصية المكتوبة إلا أنها قد قُدمت بشكل جيد جدًا، وقد أحببت الشخصية وأدائها المبهر.
أسطورة البيت .. البداية وما قدمته
الحلقة الأولى من المسلسل من كتابة وإخراج عمرو سلامة والتي أثبت فيها أنه مخرج درامي جيد، فقط طغت على الحلقة الدراما بشكل ضخم واختفت الإثارة التي من المفترض أنها تشارك تصنيف العمل.
المشهد الافتتاحي والذي عرضته نتفلكيس قبل طرح العمل بأربعة وعشرون ساعة، كانت لعبة” الغميضة” لمجموعة أطفال بينهما طه ابن شقيقة رفعت، ثم حركة لشبح تليها صرخة.
الدخلة التقليدية لمسلسلات الرعب أو الإثارة.
ثم قدمت الحلقة رفعت إسماعيل ثم ماجي ثم أسرته في عيد ميلاده الأربعين، بالتزامن مع قصة من ماضي رفعت تحكي عن خلفية البطل ومنبع الأحداث، و شخصية شيراز، الخط السببي الدرامي الذي سيصل الحلقات بعضها ببعض.
عكس ما أجمع عليه الكثير أن الأطفال لم يكونون جيدين، إلا أنني أرى بأن الأطفال لم يكونون جيدين لأنهم بلا أدوار تقريبًا على الرغم من ظهورهم لتقريبًا نصف الحلقة الأولى، إلا أن مشهدهم لم تكن قوية لا مستوى الدراما أو الإثارة ولذلك لم يستطيعون تقديم أداء من الأساس، وإن كان الطفل” آدم وهدان” القائم بدور طه كان الأفضل لأنه حظى بالمساحة الأكبر ليستعرض فيه أدائه والذي سقط منه في بضع مواضع إلا أنه كان الأفضل جانيًا مع الطفل الذي قدم رفعت إسماعيل في طفولته.
عكس ” ريم عبد القادر” التي قدمت شخصية شيراز فظهرت كأنها قادمة من فيلم رعب أمريكي، بالفعل تشابهت مشاهدها مع مشاهد من فيلم “the Ring” ولم استشعر شيئا مبتكرًا منها إلا أنها قدمت أداء جيد في حيز دورها.
تثبت أن عمرو سلامة مخرج دراما جيد لكنه ليس كاتب إثارة أو رعب جيد.
وهذه البداية تقودنا نحو النقطة التالية.
شخصيات مسلسل ما وراء الطبيعة
لجأ عمرو سلامة للحيلة القديمة في تعريف الشخصيات بماهيته، وهي الجمل الذي تصفها به أحد الشخصيات الأخرى ثم يتركهم في حيز درامي يتصرفون كما تم وصفهم.
خلاف شخصيتي رئيفة التي قامت بأدائها” سماء إبراهيم”، ورضا التي قام بتأديتها “رشدي الشامي ” التي بُرعا كلاهما في أدائهما من خلال الجُمل الحوارية والنظرات دون التعبيرات الحركية التي تم أهملها، وفقًا لما وصفت به كل شخصية.
جاءت بقية الشخصيات باهتة، طلعت زوج رئيفة، نبيل ابن خال رفعت وزوجته، ماجي وهويدا، بخلاف البعد العاطفي للشخصيتين النسائيتين لم يكن هناك عمق نفسي للشخصيات، لم ترسم بحرفية تطور الشخصية وانفعالاتها في مواقف الخوف أو الموت وحتى التباسط الدرامي.
اكتفت الشخصيات بجُمل اقتباسات عنها على لسان رفعت، بضع جُمل عميقة اعتمد عليها طاقم العمل فُسطحت وسط الدراما.
قدمت زران جمال شخصية ماجي بشكل جيد نسبة لأنها لم تملك سوى جانب عاطفي كذلك أية سماحة في شخصية هويدا، وهو ما تم التركيز عليه في شخصية كلتهما دون الأبعاد الأخرى، فظهرت تصرفاتهن نوعًا غير مفهومة وهذا سبب تناقض تصرفات شخصية رفعت في الرد على انفعالاتهن وتصرفاتهن.
هناك عمق نفسي مفقود في الشخصيات، القصة كانت بحاجته للغاية.
كما ظهر اعتماد عمرو سلامة على قراء السلسلة أو الباحثين عن تفاصيل عنها لتقديم شخصية رفعت إسماعيل، فلم يقدم نفسه إلا في الحلقة الأخيرة، فإذا كنت لا تعرف الشخصية فأنت لا تعرف هل أستاذ في الجامعة وممارس ولَمَا هو ضمن الفريق متخصصين لتشريح جثة ؟.
جديلة الخط الدرامي من بعد البداية؛ الكتابة
توالت الأحداث في شكل متتابع من بعد البداية، جاءت في شكل سببية مقننة ومقنعة، ظهر في الحلقة الأولى خبر في جريدة عن اكتشاف مقبرة فرعونية فجاءت الحلقة الثانية عن أسطورة الفرعون ونتيجة لأحداثها ظهرت أسطورة حارس الكهف فقادت رفعت إلى أسطورة النداهة ثم الجاثوم وحتى النهاية.
جاء الربط مقنع وجيد وإن كانت الكتابة نفسها في حالة صعود وهبوط مستمرة خاصًا مع النهايات التي دعمت ما وراء الطبيعة في كل قصة وابتعدت عن التفسير العقلاني.
من الصعب جدًا تقديم سلسلة أدبية ضخمة في عمل درامي خاصًا أن تفاصيل السلسلة ليسَت متتابعة بل هي تسرد عن طريقة رفعت إسماعيل نفسه في شيخوخته والقصص التي مر بها في حياته، وتحتاج لمساحة مهولة، لذلك ربط المسلسل الخط الدرامي بينهما بشكل منطقي ومتتابع منذ طفولته وحتى العودة في الحلقة الأخيرة.
ورشة الكتابة وإخراج في قصة واحدة متشابكة ؟!
تم اختيار مخرجين للعمل بالمناصفة، حظى كل مخرج بثلاثة حلقات وكل حلقة كتبتها كاتب مختلف، وهذا ما أظهر نوع من عدم التوازن في الحلقات، فهناك حلقات والتي كتبتها الكاتبة “دينا ماهر” تم التركيز فيها على الحوار العاطفي وجُمل تبرز وحدة وبؤس رفعت إسماعيل أكثر من سوداويته، على حساب القصة نفسها والرعب والإثارة، فظهرت حلقتي العساس وأسطورة البيت: العودة كقصص درامية أكثر من كونها قصص رعب مشوقة.
وبغض النظر عن النهايات جاءت من حيث تقديم قصص تشويق ورعب أفضل الحلقات التي كتبها محمود عزت في حلقتي لعنة الفرعون والجاثوم.
أفضل بالتأكيد ورش الكتابة في كتابة المسلسلات فهي تمنح أبعاد نظر مختلفة، ويمكن فيها تلافى التكرار والتقليدية فيقدم كل كاتب أفضل ما يملك فيها إلا أن بعض الأعمال كانت تفضل أن تكون لكاتب واحد حتى يستطيع تقديم حبكة مسلسلة منطقية متحكمة تمامًا في أفعال الشخصيات والقصص داخلها.
النداهة.. بين عمرو واكد وعمرو سلامة
ظهرت أسطورة النداهة في مسلسل الرعب المصري الذي أنتج عام 2010″ أبواب الخوف” وعند مشاهدة الحلقة ستجد نفسك تخضع للمقارنة دون قصد.
ظهرت النداهة في مسلسل أبواب الخوف واقعية حقيقية ومخيفة للغاية والتي قامت بتأديتها “نسرين أمين” التي برعت في تقديم مزيج من الدراما والرعب.
أمَا في ما وراء الطبيعة ورغم جودة الصورة والكادرات فقد بدت وكأنها ذات طابع كرتوني ما، لم تكن مخيف وكانت الأحداث متسارعة وعمدت على نهايات درامية جزيئًا لم تكن مقنعة.
ربما جودة الصورة والتفاصيل والمشاهد الدرامية أفضل في ما وراء الطبيعة، لكن القصة والرعب يتفوقان في أبواب الخوف.
الحوار.. المؤثرات البصرية وتصميم المخلوقات وأشياء أخري
تفوق الحوار العاطفي في المسلسل على الجوانب الأخرى، باستثناء ما يحدث به رفعت إسماعيل نفسه بالطبع والذي كان أغلبه اقتباسات من السلسلة الأدبية وكانت جيد جدًا وفيه بعض الكوميديا الذكية التي تجعلك تضحك وسط الدراما وذروة الإثارة في الحلقة.
لكن المؤثرات البصرية كانت في أضعف حالاتها، فتصميم وحش العساس في شكل غوريلا كان اختيار سيء كذلك تصميم الجاثوم بدا هزلي أكثر منه مخيف، والجرافيك الذي وضع كذلك في سياق كان كارثي بكل المقاييس.
وهو أضعف العناصر الموجودة في المسلسل، والمستغرب لأنه إنتاج منصة عالمية بالتأكيد قادرة على صنع أفضل من ذلك.
كذلك الموسيقي لم تعلق في ذهني أثناء المشاهدة، كانت منخفضة للغاية حتى أنني في بضع مواضع لم أسمعها، وتمتلك هذه ميزة البعد عن خضات الرعب المعتادة وعيب أنها لم تقدم لي موسيقي مميزة، لذا كانت عنصر غير مؤثر.
إلا أن الصورة كانت في أفضل جودة، الكادرات والإضاءة والتفاصيل التقنية كانت مميزة صافية وممتعة للنظر وتفوقت على العناصر التقنية الأخرى.
نهاية معكوسة
الحلقة الأخيرة من الموسم الأولى من مسلسل ما وراء الطبيعة كانت تشبه البداية، كأن الموسم الأول هو عبارة عن تمهيد لمواسم أخرى ليس إلا.
أنهى فيها قصة شيراز الخيط الرفيع الذي ربط كل الحلقات بعضها ببعض، وقدم قصة درامية لا بأس بها عنها، استعانة فيها بتكنيك جانبي من العدد الأصلي ثم نهاية تشبه بداية.
ببساطة كان يمكن أن تكون الحلقة الأخيرة هي الأولى ولن يشكل فارقًا، يمكن فقط مشاهدتها ثم العودة لمشاهدة الحلقة الأولى.
وفي ذلك ميزة ابتعادها عن النهايات التي تحتفظ بحل اللغز حتى آخر مشاهدها، بل جاءت كتتابع في سلسلة الحلقات وهو ما خلق نوع من الذكاء الإخراجي، كذلك عيب عدم شعورها وكأنها نهاية لموسم أول بل فقط مجموعة حلقات تمهيدية ما قبل البداية.
تفاصيل السلسلة تهيمن على العمل
احتفظ عمرو سلامة بتفاصيل السلسلة الأصلية لجعلها تهمين على المسلسل، استخدام البومة في تتر البداية، أوراق التاورت، برنامج بعد منتصف الليل في مقتطفات إذاعية في خلفيات مشهد، وحتى تحترق النجوم.
الأجواء الستينية الجيدة دون المبالغة، فبغض النظر عن ملحوظة أنابيب المياه والأجهزة الطبية التي لم تكن عامل مؤثر في الحدث وبها نوع من المبالغة السخيفة كانت الأجواء من تفاصيل الشخصيات الشكلية كتصميم الثياب والاكسسوارات وعلبة سجائر رفعت والجرائد والكتب جيدة للغاية وقد صنعت حالة الستينيات المطلوبة.
تلك التفاصيل الصغيرة نثرت عطر السلسلة على العمل في تفاصيل إبداعية متقنة وصنعت الربط المفقود بين العمل الدرامي والسلسلة.
وهناك أيضا نوع من السكون والانعزالية والصمت الشديد المُخيم على المسلسل، فالأبطال لا يتفاعلون سوى مع أنفسهم، لا يتحركون خارج دائرة صغيرة للغاية شكلوها هم أنفسهم، كما لو أن العالم الخارجي لا وجود له، بالكاد يمكنك الشعور بحركة أخرى حولهم أو غيرهم وكأن العالم مقتصر عليهم.
قانون رفعت إسماعيل المعدل 1: يوجد بما يسمى بما وراء الطبيعة
على الرغم من جودة المشهد الأخير والكادر الجيد إلا أنه عزز شعور أن الموسم الأول ما هو إلا تمهيد أو رحلة تصديق رفعت إسماعيل في وجود ما وراء الطبيعة.
وهو النقطة التي ركزت فيها الأعداد الأولى من السلسلة الأدبية بالفعل، الأعداد الذي تحول فيها رفعت إسماعيل من هادم الأساطير إلى مُصدقها إلا أن في العمل الدرامي لم يكن في حاجة في ذلك.
من الحلقة الأولى وهو يرى شبح شيراز بالفعل، ثم تصرف على أساس إيمانه به في الحلقة الثانية وحتى السادسة، بل أنه أندفع للتصديق في الأساطير بسهولة تامة وبدا على قناعة بورق التاورت والذي لم يؤمن به رفعت إسماعيل في الروايات.
مما يعيدنا لنقطة صنع نهايات أخرى من القصص، بالفعل القصص الأصلية تملك نهايات هادمة للأساطير مع مساحة من التشكيك التي ستجعل رحلة تصديق رفعت إسماعيل أكثر إقناعًا مما قدمها العمل الدرامي.
بين الدراما والإثارة؛ لا يوجد رعب
السلسلة الأدبية كذلك المسلسل يتم تصنيفهم بشكل مجحف على أنهم رعب، لكن ذلك التصنيف ظالم للغاية لكلاهما.
هم أقرب لقصص رعب متواضعة، لكنهما قصص شعبية تحكي عن أساطير مصرية بلمحة من الإثارة والتشويق وهو التصنيف الأنسب لهما.
لا يوجد هنا الرعب التقليدي والصرخات والفزع وما إلى ذلك وهو شيء جيد للغاية، فالمسلسل قدم نوع جديد من الرعب يعتمد على الإثارة في عرض القصة وفي معظم الحلقات نجح في تقديم الإثارة.
سؤال لابد من الإجابة عنه؛ هل عمرو سلامة تأثر بالرعب الأمريكي ؟
من الصعب عدم وجود مخرج أو كاتب غير متأثر بالرعب الغربي خاصًا الأمريكي، يمكن إخراج بضع مشاهد تشبه مشاهد من أفلام أخري لكنه شيئا طبيعيًا أن يجد هذا التأثير الذي يساعد في تكوين الخبرات طريقه في الإبداع.
نحن في الأساس خليط من خبراتنا السابقة ومن الإجحاف إنكار ذلك عن عمرو سلامة.
ربما إصراره على تقديم رعب وهو ليس بمخرج رعب ولا الأساطير تحتمل تصنيف الرعب هو ما أسقطه في مشاهد قليلة تبدو مشابهة، لكنها كانت في حدود ضيقة للغاية ولم تظهر فجة أو مقصودة.
ما وراء الطبيعة
هل يستحق المسلسل المشاهدة ؟
بالطبع ودون شك، فهو تجربة مصرية مختلفة لم تظهر مثلها في الدراما، تقديم ذلك النوع من التشويق مع أساطير مصرية شعبية بنهكة رعب اجتهدا المخرجان في إبرازها رغم كل شيء.
المسلسل مسلي رغم الرتم البطيء والانعزالية التي سيطرت عليه في سبيل خلق حالة من السوداوية والرتابة المصحابة لرفعت إسماعيل والتي كانت جزء من شخصيته، لكن شعورها على الورق أمر مغاير ومختلف عن تجسيدها لكن أظن أن السلسلة أيضا امتازت بذلك لكن كونها مكتوب لم يكن ظاهر لهذا الحد.
لا أحبذا فكرة إضفاء صفة الأول أو البداية على العمل، لأننا بالفعل نملك تجارب أخرى في مجال الرعب، صحيح غالبيتها سيئة ومخيبة للآمال إلا أننا لا نستطيع حذفها وإطلاق على كل عمل يلي التجربة الأولى فهذا يحمل المسلسل عبء ليس عليه أن يحمله، ولا يشكل دفاع جيد في حقه، في النهاية نحن لا نعيد صناعة التصنيفات وكوننا لا ننتج السيارات فليس معناه أن نسمي بداية إنتاجنا باختراع ما بالفعل موجود.
كعمل دراما وتشويق وفانتازيا كان جيد، تجربة جيدة للمشاهدة والاستمتاع فهو بالفعل مُسلي، وربما سيرتفع نسبة الإمتاع فيه إن لم يكن هناك شعور بالإجبار أو الواجب من الانتهاء منه في جلسة واحدة، بالعكس سترتفع نسبة المتعة إذا تم تقسيمه.
ما وراء الطبيعة تجربة جديدة في الدراما العربية، نقلة نوعية جيدة في الدراما العربية، ربما بداية متوسطة بالمقارنة مع الدراما الغربية إلا أنها كبداية لا بأس بها أبدًا.
سارة يحيى محمد - أراجيك