بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته




في الآونة الأخيرة فقدنا عددا من الأحبة الأعزاء الذين تركوا أثرا كبيرا في نفوس محبيهم بعد فراقهم. لن أعدد أسماءً خشية سقوط أحد الأسماء سهوا وسأقف على بعض القواسم المشتركة التي جعلتهم يحتلون حيزا في قلوب محبيهم ويبقى ذكرهم مخلد وتبقى صورتهم مشرقة براقة على مر الزمن.

مما لاشك فيه بأنهم قد عملوا على غرس بذور الحُب في قلوب من حولهم وتعاهدوها لتنمو ومن ثَمّ جنوا الحب من قلوب صادقة وفاءً وعرفاناً لهم. وقد عمق جذور هذا الحب أخلاق رفيعة ومعاملة راقية سمت بها نفوسهم. فبتواضعهم واحترامهم للصغير والكبير ارتفع قدرهم وعلت درجتهم ونالوا نصيبا من الإحترام والتقدير. وبتضحياتهم وإيثارهم وتفانيهم، ونقاء نفوسهم من الأنا والحسد والكبر والعجب والغطرسة استحوذوا على قلوب الناس وكانت لهم مكانة مرموقة. وبتركهم كثرة اللوم والعتاب ومالايعنيهم، وتحليهم بالتسامح والعفو والتغافل جعل القلوب تميل وتتودد إليهم.

كل ذلك لم يخلو من الكلمة الطيبة المنتقاة بعناية لمراعاة مشاعر الآخرين وعدم المساس بأحاسيسهم، مصحوبة بوجه بشوش وابتسامة حيوية مشرقة على محياهم حتى وإن كانت قلوبهم تعتصر ألما… ابتسامة تبعث على الأمل والحب والتفاؤل والسلام تزيل جميع الحواجز التي تسهم في تباعد القلوب وتنافرها عن بعضها.

لم يكتفوا بذلك بل كان الإبداع حليفهم بامتلاك مهارة متميزة للتعايش مع مختلف أطياف المجتمع وتعددت مفاتيحهم ليكون لكل شخص مفتاحه المناسب بلاتكلف. لم يسعوا ليكونوا محور الاهتمام للآخرين بل أن الآخرين كانوا محور اهتمامهم يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، ويتواصلون معهم بفعالية كبيرة قدر المستطاع لتحقيق مايصبون إليه من أهداف سامية.

لم يستحوذ عليهم حب الذات والاستقلالية في معيشتهم بل كانوا يستشعرون ويتلمسون حاجات المجتمع وكان لكل منهم دور بارز في مجاله ليكون له بذل وعطاء مميز مادي أو معنوي وإحسان لم ينتظر له مقابل من أحد. البعض كان عطاؤهم مادياً لدعم مختلف المشاريع والأنشطة والبرامج ولم يتبعوا عطاءهم بالمن والأذى وطلب الشهرة والسمعة. والبعض الآخر نذروا أنفسهم وطوعوها لخدمة المجتمع بوقتهم وجهدهم في شتى المجالات كل حسب تخصصه ورغبته وميوله. لقد كانوا شموعا تحترق لتضيء للآخرين طريقهم وتسهل أمورهم وكانوا يستمتعون بجلب السعادة للآخرين ورسم الابتسامة على شفاههم، همهم التعاون والتكاتف والتضامن لرقي ونمو وتطور مجتمعاتهم ونهضة أوطانهم.

لقد رحلوا وتركوا بصمة في قلوب محبيهم.. لقد رحلوا وتركوا من خلفهم الذكر الجميل والكلمة الطيبة والعمل الصالح.. لقد رحلوا ولكنهم واقعا لم يرحلوا وسيبقى ذكرهم يتجدد..