بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته



تناقلت الأنباء هذه الأيام تعرض عدد من الشيعة المشاركون في المواكب الحسينية في عدة دول عربية واسلامية لسلسلة اعتداءات، ما أسفر عن سقوط مئات الأبرياء بين شهيد وجريح. هذه ليست المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة، فهناك فئة من البشر إمتهنوا وللأسف قتل الأبرياء ممن يعتقدون بكفرهم وكل ذلك بإسم الدين، وكأنهم أخذوا وكالة من رب الجلالة بأن يقتصوا من بقية البشر المختلفين معهم في توجهاتهم الدينية والفكرية! فهل قتل النفس في الدين الإسلامي سهل لهذه الدرجة؟!

الشيعة المستهدفون هم طائفة من المسلمين من أتباع المذهب الجعفري يتبعون في تعاليمهم الدينية فقه آل البيت المعروف بفقه الإمام جعفر الصادق . الاختلاف الجوهري بين هذا المذهب والمذاهب الإسلامية الأخرى هو مسألة الخلافة بعد رسول الله حيث يؤمن أتباع المذهب الجعفري بأن الأئمة من بعد رسول الله ﷺ إثني عشر أولهم الإمام علي بن أبي طالب وآخرهم الإمام محمد بن الحسن المنتظر ولهم أدلتهم من القرآن والسنة النبوية المطهرة.

إن ما يحصل ليس قتلا في ساحة معركة، وليس قتلا وجها لوجه، وإنما هو قتل غادر باستعمال القنابل والأسلحة الفتاكة. فإلى أي دين ينتمون؟! وبأي عقيدة يؤمنون؟! ولأجل من يقتلون الأبرياء؟! ألم يقرأوا قوله سبحانه وتعالى:
﴿والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله إلا بالحق﴾ و﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾ و﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ وأيضا ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. واضح من هذه الآيات تحريم "قتل النفس التي حرم الله الا بالحق" وهي تعني عموم البشر.

فالدين الإسلامي وكل الأديان الأخرى بريئة من دين الإرهاب، ولذلك اشتهرت مقولة
«الإرهاب لا دين له». الله سبحانه وتعالى يأمرنا بأن نعد العدة والقوة لنرهب أعداءنا وأعداء الله، والآية القرآنية صريحة في ذلك: ﴿وأعدّوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يُوفَّ إليكم وأنتم لاتظلمون﴾ ولكن ذلك ليس لقتل الأبرياء وسفك دمائهم أينما كانوا. يقول رسول الله: «والذي نفسي بيده لاتذهب الدنيا حتى يأتى على الناس يومٌ لايدرى القاتل فيم قتل ولا المقتول فيم قتل». نرى المقتول يمشي بأمان فإذا به في عداد الموتى، والقاتل يعتقد بأنه بفعلته هذه سيكافئ بالجنة والحور العين!

لقد اصبح الحكم على عقائد الآخرين سهلا عند البعض، فالشيعة يتهمون بالشرك لأنهم مثلا يسمون أبنائهم بأسماء شركية من قبيل "عبد الزهراء" و"عبد الحسن". والمعروف لغويا أن كلمة "عبد" لها عدة معاني ومن معانيها "خادم" ولمحبتهم لآل البيت فإن الشيعة يسمون أبنائهم "عبد الزهراء" ويعنون بذلك "خادم فاطمة الزهراء" ، و"عبد الحسن" ويعنون بذلك "خادم الإمام الحسن بن علي" ،
فأي شرك في هذا؟!

لك أخي المسلم... أخي المواطن... أخي في الإنسانية... لك أن تبغضني لأي سبب كان فهذا شأنك. ولكن ليس من حقك أن تسلب مني وطنيتي فالوطن للجميع مهما اختلفت الأديان والمذاهب والآراء وهذا حق ضمنه الله سبحانه وتعالى لجميع البشر وضمنته القوانين الدولية والشرائع الإنسانية.
علينا أن نواجه الكلمة بالكلمة، والرأي بالرأي، فمن يواجه الكلمة والرأي بالقتل فهذا دليل ضعفه وقلة حيلته. ليس من حقك ان تطبق علي فهمك للاسلام لأنني ببساطة اختلف معك في هذا الفهم... والحكم الأخير ليس لك ولا لي وانما هو لله... وانا أقبل بحكمه سبحانه وتعالى لأنني أؤمن بعدله. حقي وحقك في الوطن يجب ان يخضع لمبادئ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة، وﺗﻛﺎﻓؤ اﻟﻔرص وان لا يكون له اي ربط بانتماءاتنا المناطقية او القبلية او الفكرية او العقائدية وخلافه.


ماذا يضير المسلم السني إن لطم المسلم الشيعي نفسه تأثرا بالأسلوب الشنيع الذي قتل به الإمام الحسين ؟ وماذا يضير المسلم الشيعي إن إعتقد المسلم السني بصلاة التراويح جماعة؟ واقعا ليس هناك مشكلة بين الشيعة والسنة فالإختلاف موجود حتى داخل المذهب نفسه. وفي نفس الوقت كل يعمل وفق عقيدته والحساب من أجر وعقاب يقرره الخالق سبحانه وتعالى، لا أنا ولا أنت. المشكلة تكمن في إستغلال الساسة للإختلاف الطبيعي بين البشر مع إستجابة مباشرة للمتشددين بقصد أو بغير قصد.

قال سبحانه وتعالى:
﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ صدق الله العظيم. أدعو الله سبحانه وتعالى ان يوحد كلمة المسلمين جميعا شيعة وسنة وجميع البشر المسالمين على الخير والصلاح وان يكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم أرني الحق حقا حتى أتبعه وأرني الباطل باطلا حتى اجتنبه ولا تجعله علي متشابها فأتبع هواي بغير هدى منك وإجعل هواي تبعا لرضاك وطاعتك وخذ لنفسك رضاها من نفسي وإهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم.

حمى الله وطننا العزيز وحفظ بلادنا الغالية من كل سوء ومكروه إنه سميع مجيب.