منذ وقت ميلاد جان دارك ، تورطت فرنسا في حرب طويلة الامد مع انجلترا ، والمعروفة باسم" حرب المائة عام " ، وهنا بدأ الخلاف حول من سيكون وريث العرش الفرنسي ، وبحلول اوائل القرن ال15، كانت شمال فرنسا على الحدود غير موجود بها القانون وانتشرت بها الجيوش الغازية .
السنوات الاولى من حياة جان دارك :
جان دارك هي ابنة الفقراء المزارعين المستأجرين ، وبالرغم من فقرهما هذا الا ان والديها علموها التقوى وتعلمت المهارات المنزلية من والدتها ،ولم يغامروا قط بالابتعاد عن الوطن ، وتولت جان دارك رعاية الحيوانات وتعلمت الخياطة .
وفي عام 1415، غزا الملك هنري الخامس ملك إنجلترا شمال فرنسا ، وبعد القاء الهزيمة علي فرنسا وتحطيم القوات الفرنسية بالكامل ، واكتسبت إنجلترا دعم البورغندين في فرنسا في ذلك الوقت ،وفي عام 1420 قاموا بتوقيع معاهدة لمنح العرش الفرنسي للملك هنري الخامس وجعله نائبا لجلالة الملك المجنون الملك شارل السادس ، فكان يأمل الملك هنري في وراثة العرش بعد وفاة الملك تشارلز ، ولكن يشاء القدر ان يتوفي كل من الملك هنري وتشارلز في 1422، وترك هنري ابنه لكي يرث من بعده العرش ، وفي هذا الوقت، بدأت جان دارك ان يتكون لديها رؤى صوفية فقد شجعها علي ذلك الحياة التي كانت تعيشها ، ولكن مع مرور الوقت، اصبحت اكثر وضوحا، وخاصة مع وجود القديس مايكل وسانت كاترين الذين رأوا بها منقذة لفرنسا واخذوا يشجعونها على السعي للقاء الملك الوريث تشارلز ، فكان في ذلك الوقت سيتم تثبيته كملك شرعي .
لقاء جان دارك مع الملك الوريث للعرش :
في مايو عام 1428، كانت تعتبر جان دارك هي قائدة الحامية ومؤيدة للملك تشارلز، علي الرغم ان الملك تشارلز في البداية، رفض طلب جان دارك في رؤيته ، ولكن بعد رؤيته كيف انها قد حصلت علي موافقة كل القرويين، وفي عام 1429 اصبح الملك اكثر لينا ، وقدم لها عدد لا بأس به من الخيل وامر بمرافقة العديد من الجنود ، وبدأت جان دارك ان تتخذ شكل الرجال فقامت بقص شعرها وارتداء ملابس الرجال ، وبدأت في رحلتها التي استمرت 11 يوما عبر اراضي العدو لشينون .
في البداية، كان الملك تشارلز مترددا للسماح لهذه الفتاة الفلاحة البسيطة بالذهاب ، فكان يشعر بالندم علي انه اعلن انها تستطيع ان تنقذ فرنسا ، ولكن جان دارك بدأت تجعله يغير هذه الفكرة فارتدت ملابس متخفية ، فكان لا احد يستطيع ان يفرقها عن باقي الرجال ، كما انها طوال مدة الرحلة كانت مثال للتقوي والعفة والتواضع فلم يستطيعوا ايجاد اي شئ غير لائق بها .
معركة اورليان :
واخيرا، وبعد نجاحها في رحلتها التي استمرت 11 يوما لشبنون ، قدم الملك تشارلز درع خاص لجان دارك التي كانت بالغة من العمر 17 عاما ، وقدم لها حصان ايضا وسمح لها بمرافقة الجيش لمدينة اورليان، وهو كان موقع حصار الإنجليز في ذلك الوقت، ودخلت فرنسا وقتها في سلسلة من المعارك بين 4 مايو و 7 مايو 1429، وقامت وقتها القوات الفرنسية بالسيطرة على التحصينات الإنجليزية ، ولكن اصيبت جان دارك ، وبالرغم من ذلك عادت بعد ذلك إلى الامام لتشجيع الجيش علي الهجوم النهائي ، وبحلول منتصف يونيو، كان الفرنسيون قد هزموا الإنجليز ، وبطريقة لا تقهر .
وعلى الرغم من ان الملك تشارلز قد قبل مهمة جان دارك سابقا ، الا انه لم يعطيها الثقة الكاملة من حيث المشورة ، وبعد الانتصار في اورليان، بدأ في التفكير في غزو مدينة ريمس ايضا لكي يتوج ملكا عليها ، وبالرغم من حذره الشديد هو ومستشاريه الا انه استطاع ان يدخل اخيرا الي ريمس وان يتوج ملكا لها، ولكن هو ومستشاروه كانوا اكثر حذرا وتوج شارل السابع يوم 18 يوليو، عام 1429 ، وكانت جان دارك إلى جانبه، واحتلت معه مكان بارز في الاحتفالات.
القبض على جان دارك ومحاكمتها :
وفي ربيع عام 1430، امر الملك تشارلز السابع جان دارك بمواجهة الاعتداء البرغندي ، وخلال المعركة، اضطرت جان دارك ان تترك حصانها يغادر خارج بوابات المدينة ، واخذها البورغندين اسيرة ، وظلت لعدة اشهر لديهم ، وبالتفاوض مع الإنجليز، رأى البورغندين ان جان دارك تعتبر جائزة لدعاية قيمة ، واخيرا بادل البورغندين جان دارك بمبلغ يقدر ب 10،000 فرنك .
وبعد رجوع جان دارك الي فرنسا ، اصرت الكنيسة ومسئوليها علي ان يحاكموا جان دارك بالهرطقة ووجهت اليها 70 تهمة بما في ذلك السحر، واطلاق البدع وخلع ملابسها وتشبهها بالرجل ، في بداية الامر عقدت المحاكمة في جلسات علنية، ولكنها بعد ذلك اصبحت جلسات خاصة ، وما بين 21 فبراير و 24 مارس 1431، تم استجواب جان دارك ما يقرب من اثنتي عشر مرة من قبل المحكمة، وكانت دائما ما تقوم بالحفاظ علي التواضع والمطالبة الصامدة بالبراءة ، وبدلا من احتجازها في سجن الكنيسة مع الراهبات ،تم حجزها في سجن عسكري ، وهددوها كثيرا بالاغتصاب والتعذيب، واخيرا استخدمت المحكمة الملابس العسكرية التي ارتدتها ضدها، متهمين اياها انها تشبهت بالرجال .
إعدام وحرق جان دارك :
في 29 مايو 1431، اعلنت المحكمة ان جان دارك مذنبة ، وانها تختلق البدع ، وفي صباح يوم 30 مايو، اخذوا جان دارك وهي مقيدة إلى السوق في مدينة روان وتم حرقها امام اعين كل الناس ، فقد تم حرقها امام حشد يقدر ب 10،000 شخص ، وكانت وقتها جان دارك ابنة التاسعة عشر عاما ، وقيلت الكثير من الاساطير المحيطة ان قلبها نجا من النار ولم يتأثر باي شئ - كما يدعوا - ، وجمعوا رمادها ونشروه في نهر السين .
إعادة محاكمة جان دارك بعد موتها :
بعد وفاة جان دارك ، استمرت حرب المائة عام لمدة 22 عاما اخرى ، واستطاع الملك شارل السابع ان يحتجز ولي عهده في نهاية المطاف ، وامر بإجراء تحقيق في 1456 ، ونتيجة لهذا التحقيق اعلن براءة جان دارك من كل التهم المنسوية اليها رسميا وعينت كشهيدة ، وفي 16 مايو 1920 اعتبروها قديسة ، وشفيعة لفرنسا