بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
يتفق المسلمون جميعا على وجوب محبة أهل البيت ، تمسكا بما أكد عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾، كما يتفقون على كون فاطمة بنت رسول الله ﷺ هي ممن تجب محبته، فهي بالإضافة لكونها من أهل البيت فقد ورد في شأنها الكثير من الأحاديث عند السنة والشيعة تبين مقامها الرفيع وحظوتها عند رسول الله ﷺ، منها ما ورد في صحيح البخاري، كقوله: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني». وقوله ﷺ: «فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها». وقوله لها: «أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين». يضاف إلى ذلك أن حبها هو فرع محبة رسول الله ﷺ، ويمثل نوعا من التأسي بسنته الشريفة.
ورغم كل هذا فإننا - وللأسف الشديد - لا نزال نسمع بعض الأصوات النشاز التي تتحدث عن فاطمة بكلام سفيه أقل ما يقال عنه أنه يؤذي النبي ﷺ في ابنته الصديقة الطاهرة، وكفى بذلك جرما عظيما وإثما مبينا.
إن حبنا للنبي ﷺ وأهل بيته لا يزيد في شأنهم ومقاماتهم شيئا، إذ المستفيد هو المحب حيث يجد لهذا الحب آثارا عظيمة في الدنيا والآخرة. وبهذا أخبر الوحي في قوله تعالى: «قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُم». أما غير المحب فلن يجد سوى الخذلان والخسران.
لنتأمل في الرواية التالية التي تتحدث عن موقف فاطمة الزهراء يوم القيامة حين تساق إلى الجنة في موكب عظيم مهيب. تقول الرواية:
«فَإِذَا صَارَتْ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ تَلْتَفِتُ فَيَقُولُ اللَّهُ يَا بِنْتَ حَبِيبِي مَا الْتِفَاتُكِ وَقَدْ أَمَرْتُ بِكِ إِلَى جَنَّتِي [الْجَنَّةِ]؟ فَتَقُولُ يَا رَبِّ أَحْبَبْتُ أَنْ يُعْرَفَ قَدْرِي فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ. فَيَقُولُ اللَّهُ [تَعَالَى] يَا بِنْتَ حَبِيبِي ارْجِعِي فَانْظُرِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حُبٌّ لَكِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكِ خُذِي بِيَدِهِ فَأَدْخِلِيهِ الْجَنَّةَ. »
يعلق بعد ذلك الإمام الباقر قائلا للصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري:
«وَاللَّهِ يَا جَابِرُ، إِنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ لَتَلْتَقِطُ شِيعَتَهَا وَمُحِبِّيهَا كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الْحَبَّ الْجَيِّدَ مِنَ الْحَبِّ الرَّدِيِّ. فَإِذَا صَارَ شِيعَتُهَا مَعَهَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ يُلْقِي اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَلْتَفِتُوا فَإِذَا الْتَفَتُوا يَقُولُ [فَيَقُولُ] اللَّهُ يَا أَحِبَّائِي مَا الْتِفَاتُكُمْ وَ قَدْ شَفَعَتْ فِيكُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ حَبِيبِي؟ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ أَحْبَبْنَا أَنْ يُعْرَفَ قَدْرُنَا فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ. فَيَقُولُ اللَّهُ يَا أَحِبَّائِي ارْجِعُوا وَانْظُرُوا مَنْ أَحَبَّكُمْ لِحُبِ فَاطِمَةَ، انْظُرُوا مَنْ أَطْعَمَكُمْ لِحُبِ فَاطِمَةَ، انْظُرُوا مَنْ كَسَاكُمْ لِحُبِ فَاطِمَةَ، انْظُرُوا مَنْ سَقَاكُمْ شَرْبَةً فِي حُبِّ فَاطِمَةَ، انْظُرُوا مَنْ رَدَّ عَنْكُمْ غِيبَةً فِي حُبِّ فَاطِمَةَ خُذُوا بِيَدِهِ وَ أَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ. »
هذا ما يفعله حب فاطمة لمحبيها، فاستبشروا بحبكم الذي حملتم في قلوبكم، وأظهرتم بألسنتكم وأفعالكم. طوبى لكم أيها المحبون فاطمة.