بعد خلع عمر مكرم من زعامته الشعبية لم يبقي لمحمد علي سوي المماليك لينفرد بحكم مصر , و كان محمد علي قد أغري المماليك بترك الصعيد و الإقامة في مصر حتي يكونوا تحت سمعه و بصره.
و عندما أرسل السلطان العثماني إلي محمد علي ليجهز جيشاً يرسله إلي الجحاز للقضاء علي الحركة الوهابية، خشي محمد علي أن ينتهز المماليك فرصة وجود الجيش في الحجاز و يهاجموه ، و علي هذا دبر أمر التخلص منهم نهائياً ، إذ دعاهم إلي الاحتفال بالقلعة في مارس 1811 م بمناسبة خروج الجيش المصري بقيادة طوسون إلي الحجاز، و بعد انتهام مراسيم الاحتفال حوصرت فرق المماليك و قتلوا جميعاً إلا من استطاع الهرب إلا شخصاً واحداً.
و يقدر عدد من أُغتيل من أمراء المماليك في تلك الليلة بألف رجل في القلعة و في هجمات مشابهة علي أماكن تمركزهم في جميع أنحاء مصر.
و ما أن خرجت أخبار المذبحة من القلعة حتي سارع عامة المماليك بالفرار و التخفي في قري مصر حيث ذابوا في وسط الفلاحين.
و تعتبر مذبحة المماليك أكبر عملية اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، و بالرغم من بشاعتها إلا أنها خلصت المصريين من نفوذ المماليك الذي ظل طاغياً علي البلاد ستة قرون كاملة منذ مقتل شجر الدر و تولي عز الدين أيبك عرش مصر عام 1250 م.
و يُذكر أن محمد علي كان كلما تذكر هذه المذبحة تأسف بشدة لإضطراره إلي القيام بهذه الاغتيالات الوحشية في بداية عهده ليستقر له الحكم في مصر.
الوحيد الذي نجا من مذبحة القلعة هو أمين بك الذي قفز بحصانه من فوق سور القلعة ، و سقط مغشياً عليه و مات الفرس بسبب السقوط.
و تقول الرواية التاريخية أن بعض البدو رأوا أمين بك مغشياً عليه ، فأسرعوا إلي سرقة سلاحه و نقوده و ضربوه بالسيوف فأصابوه إصابة بالغة في عنقه.
و العجيب أنه لم يمت فقد كتب الله له النجاه عندما عثر عليه أعراب فقاموا بإخفائه و معالجته حتي شفي و استطاع الالتجاء إلي الشام.
و بذلك يكون هذا الأمير المملوكي قد نجا من موت محقق مرتين، و سبحان القادر علي كل شيء