كثيرة هي الحكايات المثيرة التي يتناقلها عامة الناس من سكان المناطق الأثرية المصرية، والتي تقترب في تفاصيلها من الأساطير. ومن بين تلك الحكايات، ما يرويه عمال التنقيب والترميمات الأثرية في قرى ونجوع منطقة القرنة الغنية بمعابد ومقابر الفراعنة، غرب مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، قصة المومياء التي تحدثت الى العمال طالبة منهم أن يغطوا ما تعرى من جسدها .
وروى أحد شيوخ المرممين، والذى طلب عدم ذكر اسمه ، تفاصيل ما جرى قبيل سنوات مضت في مقبرة الكاهن منتومحات في منطقة العساسيف الأثرية، قرب معبد الملكة حتشبسوت.وقال إنه في أحد الأيام عندما توجه مع آخرين للعمل بمشروع لترميم مقبرة الكاهن منتومحات الشهير بأمير طيبة، لفتت نظرهم من بين مجموعات المومياوات التي وجدوها في المقبرة، مومياء لأحدى نساء مصر القديمة، فنظر إليها هو ورفاقه من العمال والمرممين ووجدوا شفتاها تتحرك وملاح وجهها تتغير، وكأنها تريد أن تقول شيئا، وبالطبع اعتقدوا أن الأمر مجرد خيال، تركوها وانصرفوا للقيام بالأعمال المكلفين بها.
شغف لا ينتهي بأسرار الفراعنة
وأضاف أنه في اليوم الثاني تكرر ما جرى ولفتت المومياء المثيرة نظرهم، وحين تأملوها وجدوها تتحدث إليهم بلغة قريبة من لغة الإشارة وكأنها تريد أن تقول لهم شيئا ما. وتابع :"وكما حدث في يوم عملهم الأول تركوا تلك المومياء وانصرفوا لأعمالهم، لكن في اليوم الثالث شعروا أن المومياء تتحدث إليهم بالفعل وتنظر اليهم وأنها تريد أن تبلغهم برسالة ما".
ويقول إنه "في اليوم الرابع من عملهم بالمقبرة، التي تعد الأكبر من نوعها من بين المقابر المنحوتة في الصخر والمكونة من ثلاثة طوابق، حضر بعض العمال وهم في لهفة لرؤية تلك المومياء، وظلوا ينظرون إليها وكأنهم يتبادلون حديثا صامتا معها، ثم راحوا يروون لنا شيئا مثيرا قالوا إنهم شاهدوا تلك المومياء في أحلامهم، وأنها جاءت لهم في لحظات نومهم، وطلبت منهم طلبا غريبا ... لقد قالت لهم المومياء حين ظهرت لهم في الأحلام "أريد منكم تغطية جسدي ... لقد صرت... عارية على يد لصوص المقابر ... أرجوكم ضعوني تحت التراب ".
أما المدير العام الأسبق لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، سلطان عيد، فرفض نفي أو تأكيد ما يروى عن المومياء الناطقة في مقبرة الكاهن منتومحات. وقال عيد إن "مصر القديمة عرفت الحكايات الأسطورية التي يتوارثها المصريون حتى اليوم، كما عرفت السحر والقصص الخارقة، وأن هناك الكثير من القصص الأسطورية القديمة والمعاصرة التي لا نستطيع نفيها ولا نستطيع تأكيدها مثل تلك القصة حول المومياء الناطقة فى مقبرة منتومحات، لكن بعض الأساطير ينفيها العلم الحديث الآن".
ولفت إلى أن هناك ما يسمى بعلم الأساطير عند علماء المصريات، وهى أساطير لا تتوقف حتى اليوم، مثل الحديث عن لعنة الفراعنة ، الذى ظهر بعد اكتشاف البريطاني هوارد كارتر لمقبرة الملك توت عنخ آمون، وهناك الحديث المثير عن المركب الذهبي الذى يظهر لليلة واحدة في العام وسط مياه البحيرة المقدسة في معابد الكرنك الفرعونية، وغير ذلك الكثير من الحكايات الأسطورية التي عرفتها مصر في زمن الفراعنة، والحكايات المعاصرة التي يتناقلها المصريون، وخاصة الذين يقطنون قرب معابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة.
وتوجد الكثير من الحكايات الأسطورية، على غرار حكاية المومياء الناطقة في مقبرة منتومحات، والتي يتداولها الناس في الكثير من القرى التي تنتشر فيها مقابر ومعابد وكنوز ومومياوات الفراعنة، فهناك الرصد الفرعوني، أو الحارس الذى يشعل النيران في جدران وأسقف لصوص الآثار. هناك بساتين أيضا ذهبية تظهر ثم سرعان ما تختفى قرب جبال إسنا جنوبي الأقصر، وهناك العجل الضخم الذى يقف حارسا على تمثالي ممنون الشهيرين في مدخل جبانة طيبة. وهناك المومياء المعلقة في منطقة سقارة، والتي تترك تابوتها لعدة ساعات في كل يوم لتطير في الهواء ثم تعود لترقد في التابوت ثانية.
ورغم مرور السنوات، يستمر الجدل حول حقيقة ما يسمى بـ"لعنة الفراعنة" وتبقى هذه الأساطير المتداولة بمثابة اللغز المثير للاهتمام والجدل عبر الزمان.