TODAY - 18 October, 2010
مقالة مختارة
مخلفات فضائية
صورة توضح كثافة الأجسام الفضائية الإصطناعية حول الأرض
المخلفات الفضائية (بالإنجليزية: Space debris أو space junk) عبارة عن مجموعة من النفايات الناتجة من مخترعات الإنسان ومن بقايا الأقمار الصناعية السابحة في مدارات حول كواكب النظام الشمسي، ومنها ما زالت مخلفاته في مدار الأرض تسبح حولها. وتشمل هذه المخلفات أي شيء لم يعد له حاجة في الفضاء كقمر صناعي عطلان أو أجزاء من الصواريخ الفضائية. وقد تكون هذه المخلفات صغيرة الحجم كقشرة من الأصباغ التي تطلى بها المركبات الفضائية.
أخذت المخلفات الفضائية تلقى اهتماماً واسعاً من المؤسسات التي تعنى بالفضاء - كالإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء (ناسا) مثلاً - لقدرة هذه الفضلات بالتسبب بأضرار فادحة في هيكل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية. فمعضم هذه الفضلات تسير بسرعة 8 كم/ثانية (ما يقارب 28800 كم/ساعة). وبهذه السرعة يمكن لهذه الفضلات - مهما صغر حجمها - أن تخترق هيكل المركبات الفضائية وأن تشكل خطرًا على حياة رواد الفضاء. فجسم من المخلفات بحجم كرة التنس يسير بهذه السرعة يحمل قدرة تفجيرية توازي 25 عصا من الديناميت. كما يقدر أن لجسم بحجم حبة البازلاء يسير بهذه السرعة قوة اصطدام تعادل جسم وزنه 181 كيلوجرام (400 رطل) يسير بسرعة 100 كم/ساعة (60 ميل/ساعة). ويقدر أن هناك ما يقارب 5،5 مليون كيلوجرام من المخلفات الأنسانية بمدار الأرض، منها حوالي مليون جسم أكبر من مليمتر واحد، 300000 جسم أكبر من سنتيمتر واحد، و 13000 جسم أكبر من كرة التنس. وتتوقع ناسا أن تزداد أعداد الأجسام الفضائية في مدار الأرض المنخفض بواقع 75٪ خلال 200 سنة القادمة في حال عدم اتباع إجراءات التقليل من المخلفات الفضائية.
تاريخ المخلفات الفضائية
منذ عام 1957 - حين بدأ عصر الفضاء - تم إطلاق 4600 مركبة فضائية لوضع 6000 قمر صناعي في المدار المخصص له. ولعل أقدم هذه الأقمار هو القمر فانقارد 1 (بالإنجليزية: Vanguard I) والذي أطلق عام 1958. يعتبر هذا القمر الصناعي أقدم المخلفات الفضائية حيث لا زال القمر في مداره حول الأرض. وتشكل هذه الأقمار - كما ذكر سابقاً - نسبة بسيطة مقارنة بالمخلفات الأخرى كقشر الأصباغ وخزانات الوقود. وتعتبر التصادمات بين الأقمار الفضائية مصدر أخر للمخلفات. ففي تقرير لوكالة ناسا الفضائية عام 1991، حذر دونالد كسلر (بالإنجليزية: Donald Kessler) من خطر التصادم المتسلسل للأقمار الصناعية، حيث المخلفات - الناتجة عن تصادم جسمين فضائيين من المخلفات زو الأقمار الصناعية - ستؤدي إلى تصادم أعداد أكبر من الأجسام الفضائية.. ولعل ما حذر به كيسلر حصل في 10 من فبراير عام 2009 حيث اصطدم قمرين صناعيين إحداهما أمريكي (تديره شركة ايريديوم ساتيلايت ال. ال. سي) والآخر روسي (لأغراض تجسسية). ونتج عن هذا التصادم ما بين 500-600 جسم لا يتعدى حجم بعضها 10 سنتيمتر..و بعد هذه الحادثة قامت ناسا بقياس إحتمالات حدوث حادث خطير لإطلاق المكوك الفضائي فوجدت أن هناك احتمال حدوث حادث خطير لكل 318 عملية إطلاق مكوكية.ويعتقد أن بعض هذه المخلفات الناتجة عن الاصطدام قد تبقى في مدار الأرض لمدة 10000 عام.
لعل أحد أهم الحوادث التي أدت إلى تكون العديد من المخلفات ما حصل في 11 يناير 2007 عندما اختبرت جمهورية الصين الشعبية صواريخ مضادة للأقمار الصناعية. تم أطلاق صاروخ يعمل بالوقود الصلب من قاعدة زيجانق (بالإنجليزية: Xichang) ليصيب أحد الأقمار الصناعية الصينية. وكان القمر المصاب يدور في مدار قطبي وهو متخصص في الأرصاد الجوية. والجدير بالذكر أن الصاروخ المضاد للأقمار الصناعية لم يكن مجهز برأس متفجر بل قام بتدمير القمر عن طريق الأصطدام فقط. ومع هذا فقد نتج عن الإنفجار ما بين 2300 - 2500 جسم (أصغرها بحجم كرة التنس). مما يجعل هذا الأصطدام الحدث الأكبر في تكوين المخلفات الفضائية. ويختلف هذا الحدث عن الأختبارات التي قامت بها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة حيث تم تجربة أكثر من 20 صاروخ مضاد للأقمار الصناعية. ويكمن الأختلاف أن معضم التجارب التي تم بين العامين 1968 و 1986 كانت لأقمار في مدار منخفض والمخلفات التي نتجت عن الإنفجار سرعان ما احترقت في الغلاف الجوي للأرض. بينما التجربة الصينية تمت على ارتفاع 550 كم عن سطح الأرض والمخلفات التي نتجت عنها انتشرت بين 200 كم و 3850 كم مما قد يؤثر على غالبية الأقمار الموجودة في مدار الأرض المنخفض. وفي
يونيو من عام 2007، أدى هذا الكم من المخلفات إلى تغيير مسار القمر الصناعي المركبة الفضائية تيرا المتخصصة في دراسة المناخ (بالإنجليزية: Terra environmental spacecraft) لتجنب الأصطدام المحتمل بالمخلفات الناتجة عن التجربة الصينية، لتكون المرة الأولى التي تضطر فيها ناسا لتغيير مسار مركبة أو قمر صناعي.وقد يعتبر هذا الحدث هو الأكبر في تكوين المخلفات الفضائية ولكن الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي السابق هما المسببان الأكبر للمخلفات الفضائية على مدى أكثر من 50 عام منذ التجربة الفضائية الأولى.
و مع ازدياد أعداد المخلفات الفضائية باتت تهدد سلامة المركبات والأقمار الفضائية وخاصة محطة الفضاء الدولية. ففي 12 من مارس 2009 تم إخلاء المحطة الدولية إثر اقتراب جسم فضائي بصورة خطرة من المحطة. ويقدر طول الجسم بثلث بوصة. ولكن -للأسباب المذكورة سابقاً- لهذا الجسم قدرة تخريبية كبيرة من الممكن أن تهدد مستقبل المحطة الدولية التي تقدر قيمتها ب 100 بليون دولار. ونتيجة لتأخر إبلاغ رواد المحطة بالجسم لم يكن بمقدورهم المناورة حول الجسم مما إضطرهم إلى إخلاء المحطة ولجوئهم إلى كبسولة الإنقاذ سويوز (بالإنجليزية: Soyuz escape ship) لحمايتهم من انخفاض الضغط الحاد في حالة وقوع الإصطدام.
رصد المخلفات الفضائية
في تقرير للجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية التابعة للأمم المتحدة في عام 1999 الطرق المتبعة لرصد المخلفات الفضائية . وهي كالتالي:
الرصد بواسطة أجهزة أرضية:
بواسطة الرادار: تنتشر الرادارات التي لها القدرة على رؤية الأجسام الفضائية في عدد من الدول، منها ألمانيا (تملك رإدارين)، اليابان (ثلاث رادارات)، روسيا وأوكرانيا (رادار واحد)، الولايات المتحدة الأمريكية (خمس رادارات). وأدق هذه الرادارات هو الرادار غولدستون (بالإنجليزية: Goldstone) التابع لناسا حيث له القدرة على رؤية جسم قطره 2 مم على ارتفاع 500 كم.
بواسطة أدوات بصرية: يمكن رؤية الأجسام الفضائية عندما تعكس أشعة الشمس أثناء الليل باستخدام التليسكوب (المقراب).
'المركبة المعرضة لمدة طويلة (بالإنجليزية: Long duration exposed facility) مصدر مهم للمعلومات عن المخلفات الفضائيةالرصد بواسطة مركبات فضائية. وتكون عن طريق:
فحص بدن المركبات العائدة إلى الأرض وتقدير عدد المخلفات تباعاً. ويتم تقدير عدد الأجسام على أساس المدة التي قضتها المركبة في الفضاء ومساحة السطح المعرض للإصطدام بالمخلفات الفضائية. وأحد هذه المركبات هي المركبة المعرضة لمدة طويلة (بالإنجليزية: Long duration exposed facility) وقد أطلقت هذه المركبة عن طريق مكوك الفضاء شالنجر لقياس عدد المخلفات الفضائية. وتقدر مساحة المركبة 151 متر مربع. وأتمت المركبة 32422 دورة حول مدار الأرض خلال 5 سنوات و 7 أشهر (من أبريل 1986 - يناير 1990).[وحالياً تدور حول مدار الأرض مركبة مماثلة وهي المركبة الفضائية المدارية (بالإنجليزية: Space shuttle orbiter) منذ عام 1992. وتيدر مساحة سطحها ب 100 متر مربع.
إرسال أقمار صناعية خصيصاً لرصد الأجسام الفضائية. ويتم رصد الأجسام الفضائية عن طريق الأشعة دون الحمراء
أحداث متعلقة بدخول المخلفات الفضائية للمجال الجوي
خلال الأربعين سنة الماضية يدخل جسم واحد من المخلفات الفضائية المجال الجوي للأرض يومياً.ومعظم هذه الأجسام صغيرة ولا تسبب ضرر. ولكن بعضها قد ينجو من الإحتكاك بالهواء الجوي ويصل إلى سطح الأرض. لعل ما يلي أشهر الأحداث المتعلقة بدخول المخلفات الفضائية للمجال الجوي وبلوغها لسطح الأرض:
أسوأ الحوادث المتعلقة بدخول المخلفات الفضائية للمجال الجوي كان عام يوليو 1979 عندما دخلت المحطة الأمريكية سكاي لاب (بالإنجليزية: Skylab) المجال الجوي للأرض قبل الموعد الحدد لها. وقد سقطت أجزاء المحطة التي تزن 78 طن على أجزاء متفرقة من أستراليا.
في 22 مارس 2007 سقط جزء من حطام قمر صناعي روسي كان يستخدم لأغراض تجسسية قرب طائرة الإيرباص إيه 340 التابعة للان تشيلي (LAN Airlines) في رحلتها من سانتياغو تشيلي إلى أوكلاند، نيوزيلندا وعلى متنها 270 راكب خلال طيرانها عبر المحيط الهادي.
إلى الآن سجلت إصابة واحدة بسبب المخلفات الفضائية حيث أصيبت لوتي ويليامس (بالإنجليزية: Lottie Williams) عام 1997 في كتفها بجسم قياسه 10 X 13 سنتيمتر. وقد تم تأكيد الجسم وحدد مصدره بأنه أحد أجزاء خزان الوقود للمركبة دلتا- 2 والتي أطلقها القوات الجوية الأمريكية في عام 1996.
محاولات الحد من المخلفات
على الرغم من خطورة المخلفات الفضائية، لا يوجد اتفاق عالمي للتقليل من المخلفات الفضائية. وو قد قدمت لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية التابعة للأمم المتحدة مجموعة من التوصيات المتعلقة بالمخلفات الفضائية عام 2007. وتركز التوصيات على الجوانب التالية:
الحد من الحطام المنبعث من العمليات العادية.
تقليل حلات التشظي (تكون الشظايا) أثناء الأطوار التشغيلية للمركبات الفضائية.
الحد من احتمال الاصطدام العرضي في المدار
تفادي التدمير العمدي وسائر الأنشطة الضارة
الحد من تواجد طويل الأمد للمركبات غير المستخدمة.
و تعتبر ناسا أول وكالة فضاء تقوم بإصدار تقرير يتظمن قواعد للحد من المخلفات الفضائية وكان ذلك في عام 1995. وبعدها بعامين قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت مذكرة بقواعد ممارسات التخفيف من المخلفات الفضائية (بالإنجليزية: Orbital Debris Mitigation Standard Practices) وأعتمدت المذكرة على تقرير ناسا.
مركز أختبار السرعات العالية (بالإنجليزية: Hypervelocity test facility) في مركز جونسون للفضاءو قد أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية برنامج لدراسة المخلفات الفضائية ووضع قواعد لتقليل ومنع حدوث تصادمات للأقمار الصناعية والمركبات الفضائية في مدارات الأرض. وقد أطلق البرنامج في 10 من فبراير 2009 بتكلفة 50 مليون يورو.
و هناك حالياً عدد من الدراسات بخصوص المخلفات الفضائية الموجودة حالياً. فأحد هذه الدراسات تشير إلى إمكانية إرسال قمر صناعي تكون مهمته إدخال المخلفات الفضائية إلى المجال الجوي للأرض. وبهذه الطريقة يتم التخلص من الجسم الفضائي عن طريق احتراقه من شدة الإحتكاك بالمجال الجوي. وتبنى نظرية القمر الصناعي على إبطاء من سرعة الجسم الفضائي باستخدام وسائل للربط الكهروديناميكي.كما يتم دراسة طرق أخرى للتخلص من المخلفات الفضائية كاستعمال أشعة الليزر أو وضع مصدات تعمل على تغيير مسار الأجسام الفضائية غير المرغوب بها بحيث تدخل المجال الجوي للأرض.
و تقوم الآن ناسا بتصميم المركبة الفضائية أوريون بحيث تكون مزودة بدرع واقي. ويتم اختبار هذا الدرع في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا. حيث يتم قذف أجسام ذات أحجام مختلفة لتصطدم بالدرع بسرعة 7-8 كم/ثانية (25200 - 28800 كم/ساعة). ويتم تحليل المعطيات بواسطة الحاسوب كي يعطي صورة مقربة لما قد يحصل بالفضاء.
رسم بياني يوضح كثافة الأجسام الفضائية الإصطناعية مقارنة ببعد مدارها عن الأرض. ويلاحظ أن معظم الأجسام تقع على بعد 800-1500 كم من الأرض وهذا المدار يعتبر الأهم للأقمار الصناعية والمحطات الفضائية
صورة توضح إحتمالية إصابة محطة الفضاء الدولية بالمخلفات الفضائية. اللون الأحمر يعبر عن إحتمالية إصابة عالية بينما اللون الأزرق يعبر عن إحتمالية منخفظة
صورة فنية لقمر صناعي يستخدم الربط الكهروديناميكي للتخلص من المخلفات الفضائية
'المركبة المعرضة لمدة طويلة (بالإنجليزية: Long duration exposed facility) مصدر مهم للمعلومات عن المخلفات الفضائية
أحد المخلفات الفضائية التي وقعت في المملكة العربية السعودية في تاريخ 2001/1/21
مركز أختبار السرعات العالية (بالإنجليزية: Hypervelocity test facility) في مركز جونسون للفضاء
Best Regards
Sally