بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

روى الشيخ الصدوق ( رحمه الله ) عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ الْبَزَنْطِيِّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ـ أي الامام جعفر بن محمد ـ ( عليه السلام ) ، قَالَ : " كَانَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَخْتَرِقُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى ( عليه السلام ) حُجِبَ عَنْ ثَلَاثِ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَ يَخْتَرِقُ أَرْبَعَ سَمَاوَاتٍ ، فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) حُجِبَ عَنِ السَّبْعِ كُلِّهَا ، وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ ، وَ قَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ أَهْلَ الْكُتُبِ يَذْكُرُونَهُ ، وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ ـ وَ كَانَ مِنْ أَزْجَرِ ( 1 ) أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ـ : انْظُرُوا هَذِهِ النُّجُومَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَ يُعْرَفُ بِهَا أَزْمَانُ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ ، فَإِنْ كَانَ رُمِيَ بِهَا فَهُوَ هَلَاكُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، وَ إِنْ كَانَتْ ثَبَتَتْ وَ رُمِيَ بِغَيْرِهَا فَهُوَ أَمْرٌ حَدَثٌ .

1 _ وَ أَصْبَحَتِ الْأَصْنَامُ كُلُّهَا صَبِيحَةَ وُلِدَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه و آله ) لَيْسَ مِنْهَا صَنَمٌ إِلَّا وَ هُوَ مُنْكَبٌّ عَلَى وَجْهِهِ .


2 _ وَ ارْتَجَسَ ( 2 ) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِيْوَانُ كِسْرَى وَ سَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً .


3 _ وَ غَاضَتْ ( 3 ) بُحَيْرَةُ سَاوَةَ .

4 _ وَ فَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ .

5 _ وَ خَمَدَتْ نِيرَانُ فَارِسَ ، وَ لَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ .

6 _ وَ رَأَى الْمُؤْبَذَانُ ( 4 ) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِي الْمَنَامِ إِبِلًا صِعَاباً تَقُودُ خَيْلًا عِرَاباً قَدْ قُطِعَتْ دِجْلَةُ وَ انْسَرَبَتْ فِي بِلَادِهِمْ .

7 _ وَ انْقَصَمَ طَاقُ الْمَلِكِ كِسْرَى مِنْ وَسَطِهِ .

8 _ وَ انْخَرَقَتْ عَلَيْهِ دِجْلَةُ الْعَوْرَاءِ ( 5 ) .

9 _ وَ انْتَشَرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نُورٌ مِنْ قِبَلِ الْحِجَازِ ثُمَّ اسْتَطَارَ حَتَّى بَلَغَ الْمَشْرِقَ .

10 _ وَ لَمْ يَبْقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوساً ، وَ الْمَلِكُ مُخْرِساً لَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَهُ ذَلِكَ .

11 _ وَ انْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ .

12 _ وَ بَطَلَ سِحْرُ السَّحَرَةِ .

13 _ وَ لَمْ تَبْقَ كَاهِنَةٌ فِي الْعَرَبِ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبِهَا .

14 _ وَ عَظُمَتْ قُرَيْشٌ فِي الْعَرَبِ ، وَ سُمُّوا آلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ ( عليه السلام ) : إِنَّمَا سُمُّوا آلَ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ .
وَ قَالَتْ آمِنَةُ : إِنَّ ابْنِي وَ اللَّهِ سَقَطَ فَاتَّقَى الْأَرْضَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ، وَ سَمِعْتُ فِي الضَّوْءِ قَائِلًا يَقُولُ : إِنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ سَيِّدَ النَّاسِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّداً .
وَ أُتِيَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ قَدْ بَلَغَهُ مَا قَالَتْ أُمُّهُ ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَانِي هَذَا الْغُلَامَ
الطَّيِّبَ الْأَرْدَانِ ( 6 ) ، قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ .


ثُمَّ عَوَّذَهُ بِأَرْكَانِ الْكَعْبَةِ وَ قَالَ فِيهِ أَشْعَاراً .


قَالَ : وَ صَاحَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِي أَبَالِسَتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيهِ .


فَقَالُوا : مَا الَّذِي أَفْزَعَكَ يَا سَيِّدَنَا ؟


فَقَالَ لَهُمْ : وَيْلَكُمْ ، لَقَدْ أَنْكَرْتُ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ ، لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ عَظِيمٌ مَا حَدَثَ مِثْلُهُ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
( عليه السلام ) ، فَاخْرُجُوا وَ انْظُرُوا مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي قَدْ حَدَثَ .


فَافْتَرَقُوا ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا : مَا وَجَدْنَا شَيْئاً .


فَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ : أَنَا لِهَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ انْغَمَسَ فِي الدُّنْيَا فَجَالَهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَوَجَدَ الْحَرَمَ مَحْفُوظاً بِالْمَلَائِكَةِ ، فَذَهَبَ لِيَدْخُلَ
فَصَاحُوا بِهِ ، فَرَجَعَ ثُمَّ صَارَ مِثْلَ الصِّرِّ ـ وَ هُوَ الْعُصْفُورُ ـ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ حَرَى .


فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ : وَرَاكَ لَعَنَكَ اللَّهُ .


فَقَالَ لَهُ : حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ يَا جَبْرَئِيلُ ، مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فِي الْأَرْضِ ؟


فَقَالَ لَهُ : وُلِدَ مُحَمَّدٌ ( صلى الله عليه و آله ) .


فَقَالَ لَهُ : هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ ؟

قَالَ : لَا .

قَالَ : فَفِي أُمَّتِهِ ؟

قَالَ : نَعَمْ .

قَالَ : رَضِيتُ ،

( بحار الأنوار : 15 / 258 )



--------------------------

( 1 ) الزَجر : العيافة ، و هو نوع من الكهانة .
( 2 ) الارتجاس : الاضطراب و التزلزل .
( 3 ) غاضت : قلَّ و نَضُبْ ماؤها .
( 4 ) الموبذان : الموبذان للمجوس كقاضي القضاة للمسلمين .
( 5 ) دجلة العوراء : دجلة نهر معروف بالعراق ، و إن كسرى كان سكَّر بعض الدجلة و بنى عليها بناء ، فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعوراء لأنه عور و طم بعضها فانخرقت عليه و انهدم بنيانه .
( 6 ) الأردان : جمع الرُدن ، و هو أصل الكُم .


اللهم صلِ وبارك على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين