بطل فتح الهند الأعظم وصاحب مقولة أين (محمود) الذي كسر الصنم؟!
بطل هذا الفتح العظيم هو القائد الفاتح الكبير "محمود بن سبكتكين"
الذي أثبت أنه من أعاظم الفاتحين في تاريخ الإسلام حتى قال المؤرخون :
إن فتوحه تعدل في المساحة فتوح الخليفة "عمر بن الخطاب"
بدأ السلطان محمود فتوحاته الكبيرة ببلاد "الهند" من مركز قوة بعد أن ثبت الجبهة الداخلية لدولته
فقد كان يسيطر على سهول "البنجاب" فكانت مداخل الجبال وممر خيبر الشهير في يده وكذلك لم يكن هناك مناوئ أو معارض داخلي للسلطان "محمود" يعيق حملاته الجهادية والهضبة الإيرانية كلها تحت حكمه وسيطرته لذلك كانت البداية في غاية القوة
ثم استمر السلطان "محمود بن سبكتكين" في حملاته وفتوحاته لبلاد "الهند" وكان كلما فتح بلدًا أو هدم صنمًا أو حطم معبدًا قال الهنود :
إن هذه الأصنام والبلاد قد سخط عليها الإله "سومنات" ولو أنه راضٍ عنها لأهلك من قصدها بسوء
ولم يعر السلطان "محمود" الأمر اهتمامه حتى كثرت القالة وأصبحت يقينًا عند الهنود
فسأل عن "سومنات" هذا
فقيل له : إنه أعظم أصنام وآلهة الهنود ويعتقد الهنود فيه أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه على عقيدة التناسخ فيعيدها فيمن شاء وأن المد والجزر الذي عنده إنما هو عبادة البحر له
وكان لهذا الصنم وقف عشرة آلاف قرية
وعنده ألف كاهن لطقوس العبادة
وثلاثمائة رجل يحلقون رءوس ولحى زواره
وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون على باب الصنم
وأما الصنم "سومنات" نفسه فهو مبني على ست وخمسين سارية من الصاج المصفح بالرصاص
و"سومنات" من حجر طوله خمسة أذرع وليس له هيئة أو شكل بل هو ثلاث دوائر وذراعان
وعندما اطلع سلطان الإسلام السلطان "محمود" على حقيقة الأمر عزم على غزوه وتحطيمه وفتح معبده ظنًّا منه أن "الهند" إذا فقدوه ورأوا كذب ادعائهم الباطل دخلوا في الإسلام
فالسلطان "محمود" لا يبغي من جهاده سوى خدمة ونشر الإسلام
فاستخار الله عز وجل وخرج بجيوشه ومن انضم إليه من المتطوعين والمجاهدين وذلك في 10 شعبان سنة 416 هجرية واخترق صحاري وقفار مهلكة لا ماء فيها ولا ميرة واصطدم بالعديد من الجيوش الهندية وهو في طريقه إلى "سومنات"
مع العلم أنه أعلم الجميع بوجهته وهدفه ليرى الهنود إن كان "سومنات" سيدفع عن نفسه أو غيره شيئًا
بلغ السلطان "محمود" بجيوشه مدينة "دبولواره" على بعد مرحلتين من "سومنات" وقد ثبت أهلها لقتال المسلمين ظنًّا منهم أن إلههم "سومنات" يمنعهم ويدفع عنهم فاستولى عليها المسلمون وحطموها تمامًا وقتلوا جيشها بأكمله وساروا حتى وصلوا إلى "سومنات" يوم الخميس 15 ذي القعدة سنة 416 هجرية فرأوا حصنًا حصينًا على ساحل النهر وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين واثقين أن معبدوهم يقطع دابرهم ويهلكهم
وفي يوم الجمعة 16 ذي القعدة وعند وقت الزوال كما هي عادة المسلمين الفاتحين زحف السلطان "محمود" ومن معه من أبطال الإسلام وقاتلوا الهنود بمنتهى الضراوة بحيث إن الهنود صعقوا من هول الصدمة القتالية بعدما ظنوا أن إلههم الباطل سيمنعهم ويهلك عدوهم
ونصب المسلمون السلالم على أسوار المدينة وصعدوا عليها وأعلنوا كلمة التوحيد والتكبير وانحدروا كالسيل الجارف داخل المدينة وحينئذ اشتد القتال جدًّا وتقدم جماعة من الهنود إلى معبودهم "سومنات" وعفروا وجوههم وسألوه النصر واعتنقوه وبكوا ثم خرجوا للقتال فقتلوا جميعًا
وهكذا فريق تلو الآخر يدخل ثم يقتل
وسبحانه من أضل هؤلاء حتى صاروا أضل من البهائم السوائم
قاتل الهنود على باب معبد الصنم "سومنات" أشد ما يكون القتال حتى راح منهم خمسون ألف قتيل ولما شعروا أنهم سيفنون بالكلية ركبت البقية منهم مراكب في النهر وحاولوا الهرب فأدركهم المسلمون فما نجا منهم أحد وكان يومًا على الكافرين عسيرًا
وأمر السلطان "محمود" بهدم الصنم "سومنات" وأخذ أحجاره وجعلها عتبة لجامع غزنة الكبير شكرًا لله عز وجل
وأثناء القتال الشرس حول صنم "سومنات" رأى بعض عقلاء الهنود مدى إصرار المسلمين على هدم "سومنات" وشراستهم في القتال حتى ولو قتلوا جميعًا عن بكرة أبيهم فطلبوا الاجتماع مع السلطان "محمود" وعرضوا عليهم أموالاً هائلة وكنوزًا عظيمة في سبيل ترك "سومنات" والرحيل عنه ظنًّا منهم أن المسلمين ما جاءوا إلا لأجل الأموال والكنوز
فجمع السلطان "محمود" قادته واستشارهم في ذلك فأشاروا عليه بقبول الأموال للمجهود الضخم والأموال الطائلة التي أنفقت على تلك الحملة الجهادية
فبات السلطان "محمود" طول ليلته يفكر ويستخير الله عز وجل ولما أصبح قرر هدم الصنم "سومنات" وعدم قبول الأموال
وقال كلمته الشهيرة :
"وإني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت إذا نوديت يوم القيامة أين "محمود" الذي كسر الصنم؟ أحب إليَّ من أن يقال :
الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا؟!"