المسلمون بقيادة السلطان الأشرف خليل يقتحمون عكا
في عام 1291 للميلاد .. المسلمون بقيادة السلطان الأشرف خليـل يقتحمون عكا .. قلعـة الصليبيين الأخيرة .. و يحررونها بعد قرن من احتلالها ...
كانت عكـا منذ تحريـر بيـت المقدس على يد السلطان الناصر صلاح الديـن الأيوبي .. عاصمة للصليبيين و مركز ثقلهم في بلاد الشام .. و ذلك بعد أن احتلها ريتشارد قلـب الأسد و غدر بأهلها ... و منذ ذلك الوقت رزحت تحت وطأة هؤلاء الغزاة .. و زاد في استطالة مدة احتلالها .. اجتياح التتار للعالم الإسلامي و تهديدهم للحضارة الإنسانية ككل .. و مع صعـود نجم المماليـك و تسلمهم لزمام قيادة الحرب في قلب العالم الإسلامي في مصـر و الشام .. اتخذوا جهاد التتار و الصليبيين دستوراً لحكمهم ... و بدؤوا بتطهير البلاد و تخليص العباد .. فسحق المظفـر قطـز التتار في عيـن جالـوت .. و قضى بيبـرس على أمارة أنطاكية و حررهـا ... و قضى المنصـور قلاوون على إمارة طرابلس و حررهـا و دحـر التتـار في معركـة حمص الثانية ... و أخيراً جاء الدور على عكـا .. المعقل الرئيسي و الوزن الأكبـر ... فحشد السلطان الأشرف خليل جيشاً عظيماً لم يرى مثله من قبل ... و أكمل مهمة والده المنصـور قلاوون ... زاحفاً إلى عكا بأحدث التجهيزات الحربية للحصار .. حيث تم تحضير منجنيقات عملاقة جدا بلغ عددها 92 .. و تسميتها بأسماء فريدة .. كالمنصـوري و الغاضبة و غيرها .. و بدأ حصار المسلمين للمدينـة الحصينة في شهر نيسان .. و شن المسلمون هجوماً قاصفاً بالمنجنيقات .. فكان صوتها يرعد ليلاً نهاراً و مهندسي الجيش يشرعون بالاقتراب من السور و نقبه ... و في مثـل هذا اليوم الثامن عشر من مايـو عام 1291 .. شن المسلمون هجومهم الكاسح و النهائـي على أسوار المدينة .. و ركزوا الضربات على أحد الأبراج التي يدافع عنها فرسان الاسبتارية و فرسان المعبد .. حيث استمات جنود العدو بالمدافعة لكن المسلمين كانوا بعدد الرمل و موجات هجومهم كالبحر .. فاكتسحوا بوابة البرج و داسوا فرسان المعبد و الاسبتارية بسنابك الخيل .. و تدفقوا إلى شوارع المدينة مكبرين .. و تحقق النصـر المؤزر بعد قتال عنيف و حصار شديد ... و دخل جيش المسلمين يتقدمه السلطان إلى دمشـق بعد النصر المبين .. و التي تتزينت بأبهى حللها و هي ترى أرتال الصليبيين أسرى يساقون بالسلاسل ... و ما هي الا سنوات قليلة حتى تم تطهير كامل تراب الشام بالمطلق من دنس الحملات الصليبية ... و كان ذلك اخر العهد بهم حتى خمس قرون تالية ..