الحروب الصليبية



الدولة الإسلامية
كان العالم الإسلاميّ يُحكم من قِبل العديد من الأسر الحاكمة، فقد كان السلاجقة في تلك الفترة يحكمون أراضي الخلافة العباسيّة، وكان الفاطميين يحكمون في مصر، وكانت في الأندلس دولة ملوك الطوائف، وقد نجد نوع من أنواع التشتيت في قوة العالم الإسلامي بسبب الفرقة الحاصلة، وهذا كان أحد الأسباب التي شكّلت قصة الحروب الصليبية، ولا يمكن الإغفال عن الانتصار الكاسح للسلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان في معركة ملاذكرد، وهذه المعركة أيضًا كان لها دور في صياغة قصة الحروب الصليبية، وكان العامل الاقتصاديّ من الأسباب الرئيسة في قصة الحروب الصليبية، وكان العامل الديني من العوامل البارزة في قصة الحروب الصليبية وهذا ما دعا إليه البابا أوربان الثاني عام 1095م
قصة الحروب الصليبية
في عام 1095م كانت الدعوة للحروب الصليبيّة من قِبل البابا أوربان، وهذه الحروب كانت تهدف إلى وقف اضطهادات المُسلمين للمسيحين في الشرق كما كان الادعاء، وقد كان للحالة الاجتماعية دور هام في قصة الحروب الصليبية فقد كان يحلم الأسياد بالسيطرة على أراضٍ جديدة والتملّك في الشرق، وما دفع لقيام الحروب الصليبية العلاقة السائدة بين أوروبا والعالم الإسلاميّ، فقد كانت الفتوحات تمتدّ في بقاع أوروبا، فكانت الحروب الصليبية للسيطرة على الأراضي المقدسة وأيضًا لإنهاء الخلاف بين الكنيسة في الشرق وخصوصًا في القسطنطينية والكنيسة في الغرب، والعلاقة بين المُسلمين والمسيحيين لم تكن وليدة اللحظة أو فترة الحروب الصليبية بل كانت مُنذ فتح بلاد الشّام وفلسطين، وكان هناك حدث كبير في هذه الفترة وهو مجيء عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- لتسلّم مفاتيح القُدس، المدينة التي تُعتبر من المدن الهامّة للأديان، وللدين الإسلاميّ على وجه الخصوص
الحملة الصليبية الأولى
من نتائج اجتماع كليرمونت الدعوة لاحتلال المشرق الإسلاميّ، وقد أجج هذه الدعوة البابا أوربان الثاني، وكان التحرّك للحملة في عام 1096م، لكن في نفس الفترة كانت دعوة البابا أوربان الثاني للحروب الصليبية حاضرة في أوروبا حتى يضم أكبر عدد من الفُرسان ويتم النصر، وقد تميّزت الحملة الصليبية الأولى بالعشوائية لأنها ضمت الفلاحين والفُقراء ولم تكن مُنظمة بالشكل الكافي لتشكيل قصة الحروب الصليبية، كان وصول هذه الحملة إلى القسطنطينية عام 1096م لكنهم قاموا بعمليات السلب والنهب قبل أن يحققوا المقصد الرئيس من حملتهم في المشرق الإسلاميّ وهذا يدل على عشوائية الحملة، وقد وصلت الجيوش الصليبية التي يقودها غودفري دي بويون الرابع. كانت أول نتائج اتحاد الجيش الصليبي مع الجيش البيزنطي حصار نيقية وهي عاصمة سلاجقة الروم، وقد دام الحصار حتى أعلنت المدينة التي يحكمها قِلّج أرسلان الاستسلام للبيزنطيين والصليبين، وكانت نتيجة هذا الاستسلام بمثابة أمل كبير بالنسبة للجيش الصليبي الذي واصل المسير نحو فلسطين، وكان التشتت في العالم الإسلاميّ من قبل الحُكّام من الاسباب المؤدية إلى صياغة قصة الحروب الصليبية، وقد استولى الصليبين على نيقية من ثم أنطاكية، وكان عام 1099م هو العام الذي دخل فيه الصليبين إلى القدس، والجدير بالذكر أنّ هذه الحملة كان قد تصدى لها العالم الإسلاميّ بشكل مُتفرّق، فكانت المواجهة من قبل سلاجقة الروم والتي لم تسفر إلّا عن سقوط مدينتهم، من ثم كانت المواجهة من قِبل الفاطميين وقاد جيوشهم الأفضل شاهنشاه، لكنه هُزم بالقرب من عسقلان.
معركة حطين
كان النصر في معركة حطين من قِبل المُسلمين من أحد الأسباب التي أدّت إلى تحرّك حملة صليبية ثالثة، وكان النصر الكاسح في معركة حطين له أثر كبير في قصة الحروب الصليبية، وقد شكل معالم النصر القائد المُسلم صلاح الدين الأيوبي عام 1187م وقد حرّر القدس من أيدي الصليبيين، وكانت المعركة في قرية حطين وهي من القُرى الفلسطينية، ومن الاستراتيجيات العسكرية التي اتبعها القائد صلاح الدين الأيوبي السيطرة على مياه الشرب مما أدّى إلى نقصها عند الصليبيين، وقد دخل صلاح الدين الأيوبي القدس عام 1189م، وأنعم على سُكان القدس بالمُعاملة الطيّبة عوضًا عن القساوة التي تعرضوا لها من قِبل الحُكم الصليبي.[
بدأ التفكير في أمر تسيير حملة صليبية ثالثة بعد أن هُزم الصليبيين في معركة حطين على يد القائد المُسلم صلاح الدين الأيوبيّ، وكان البابا غريغوريوس الثامن قد أرسل الرسائل لملوك أوروبا يدعوهم للحملة الثالثة التي بدأت عام 1187م، وكان أول نتائج هذه الحملة سقوط مدينة عكّا عام 1191م بعد الحصار الذي فُرض عليها[١]، وفي العام الثاني 1192م كان صُلح الرملة وهو بمثابة هدنة لوقف الحرب بين الطرفين، كما تم وضع شروط عدّة منها أن تكون مدينتيّ اللدّ والرملة تحت الحكم الإسلاميّ والصليبيّ بالمُناصفة، وقد كان لهذه الأحداث دور مهم في رسم معالم قصة الحروب الصليبية.
تأثيرات الحروب الصليبية
آثار الحروب الصليبية لم تكن فقط بشكلها العسكريّ، لأنّ هذه الحروب لم تكن عبارة عن حروب أهليّة بل هي حروب بين حضارة الغرب الأوربيّ والحضارة الإسلاميّة، فكانت الآثار متنوعة، وقد ساعد الصليبيين في بداية الأمر تفرّق القوى في العالم الإسلاميّ وعدم الوحدة بينهم، فقد كانت الخلافة العباسيّة مُجرّد صورة ظل في وجود الدول التي حكمت أراضيها، وكان لضعف دولة السلاجقة أثر في مُساعدة الصليبيين في اوّل الأمر، وظهرت دول إسلاميّة أخرى تهدف إلى طرد الصليبيين من مناطق المشرق الإسلاميّ مثل دولة نور الدين زنكي، واستمرت الحملات الصليبية واستمر ظهور الدول، فقد انتهت الدولة الأيوبيّة بقيام دولة المماليك، التي كان لها دور في تشكيل قصة الحروب الصليبية، لقد اختلفت الآثار بالنسبة للصليبيين والعالم الإسلاميّ، فقد سلب المسيحيين الفكر والثقافة من المشرق الإسلاميّ، وانتعشوا اقتصاديًا، كما كان الأثر بالنسبة للعالم الإسلاميّ، قيام دول وسقوط أخرى، وبهذه الأحداث الكثيرة صيغت قصة الحروب الصليبية.