السفاحة الإسبانية (قاتلة الاطفال)
السفاحة الإسبانية (قاتلة الاطفال)
في قصة حقيقية وقعت على الأراضي الإسبانية، نسافر بالزمن للخلف وبالضبط بين أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر.
كانت سيدة تدعى إنركيتا مارتي غيبوليس، من مواليد 1868 في إسبانيا وبالضبط من سان فيلايو دي يوبريغات بإقليم كاتالونيا، حيث كانت إنركيتا تشتغل خادمة في أحد منازل الأثرياء، لتقرر بعد ذلك ترك الاشتغال كخادمة في البيوت، حيث أصبحت إنركيتا بائعة هوى تمتهن الدعارة لتصبح واحدة من ضمن فتيات الليل الجميلات الذين يرتادون شوارع برشلونة لاصطياد الزبائن الباحثين عن بائعات الهوى، لكن إنركيتا كان طموحها اكبر من ذلك للحصول على الأموال الطائلة، لتقرر فيما بعد التوسع في هذا المجال، حيث قررت المتاجرة في الدعارة الراقية، وبدات تتوسع في عملها عن طريق جلب الفتيات لاستخدامهم معها في الدعارة، لتصبح انركيتا وسيطة دعارة، ورغم كل هذا فإن انركيتا وجدت بأن هذه المهنة لم تحقق لها طموحاتها المادية، ولم تحقق الثروات التي تحلم بها، فقررت البحث عن الشيء المطلوب في السوق، ويكون عليه الطلب أكثر خصوصا عند الطبقة الغنية لتعمل فيه وتجني الأموال الطائلة.
ومن هنا اكتشفت إنركيتا ماتي أن نساء الطبقة الغنية أكثر مايهمهن هو جمالهن والعناية بالبشرة، ولاسيما ان النساء لا يحبن التجاعيد أو آثار التقدم في السن، لهذا قررات انركيتا أنها تبدأ في تصنيع مستحضرات للتجميل وتبدأ بيعها للنساء الثريات، ففكرت أنها يجب أن تحصل على مادة تجميلية ليست موجودة في السوق، كي تصنع منها مواد التجميل وتكون مختلفة عن البقية، وتكون حصرية في السوق لتكون أكثر طلبا، لتجني منها أموالا طائلة، وفعلا استطاعت انركيتا الحصول على المستحضر المطلوب جعل كل النساء الثريات والمشاهير يتخاطفن عليه.
فيما كانت انركيتا تحقق نجاحا باهرا في بيع مستحضرات التجميل بشكل كبير، كانت تقع مشكلة في المدينة حيث بدأ يختفي العديد من الاطفال الصغار من الفقراء والمشردين دون العثور عليهم، ليتبين فيما بعد بانها جرائم خطف الأطفال الصغار، مما جعل الشرطة الإسبانية تقوم بالتحقيقات في اختفاء الأطفال دون ظهور أثر لهم، لكن كانت المفاجأة حين اختفت طفلة في الخامسة من عمرها اسمها تريزيتا اختطفت بينما كانت تلعب أمام منزلها في إحدى الضواحي الفقيرة، وبعد سبعة عشر يوما على اختطاف تريزيتا لتكون الصدمة الكبرى حين شاهدت إحدى جارات إنركيتا مارتي عن طريق الصدفة، طفلة تحدق نحو الشارع بحزن من خلال الزجاج القذر لنافذة شقة إنركيتا تشبه الأوصاف التي عممتها الشرطة عن الطفلة المخطوفة تريزيتا، لذلك قامت المرأة باستدعاء الشرطة في فبراير عام 1912 لتقوم الشرطة بالحضور قصد تقصي الحقيقة فقصدت منزل إنركيتا لتفتح باب شقتها لتفاجأ برجال الشرطة يسألونها عن سبب وجود طفلة غريبة في بيتها، لتقوم الشرطة بمداهمة منزلها وتفتيشه، لتعثر الشرطة على أشياء مروعة، حيث عثرت على جثث وبقايا بشرية في كل زاوية من منزلها، وملابس أطفال ملطخة بالدماء، وكتب ومخطوطات سحرية قديمة مكتوبة بلغات ورموز غير مفهومة، وأقداح كبيرة كانت تستعمل لغلي شحوم الأطفال وإذابتها، لاستخدامها في مسوحقات التجميل، فكل ركن من أركان بيتها كانت تفوح منه رائحة الموت، وربما كان أهم وأخطر الأشياء التي تم العثور عليها في منزلها هو سجل يحتوي على أسماء وعناوين زبائن إنركيتا الأغنياء، وكانت بين الأسماء الموجودة، أسماء كبيرة ومشهورة كان الإفصاح عنها سيؤدي إلى فضيحة مدوية في البلاد.
وبعد تحقيقات مطولة مع إنركيتا، اكتشفت الشرطة بأن جريمة خطف الأطفال الصغار كان بهدف قتلهم، وبعد ذلك تقوم باستخلاص الشحوم من أجسادهم لتستعملها في تصنيع المستحضرات التجميلية، التي تستخدم في القضاء على الشيخوخة، وكانت تقوم ببيعها للطبقات الغنية مقابل مبالغ مالية طائلة، كما كانت توفر لهم ما تتطلبه نزواتهم الشاذة، وتتقرب إلى النساء الجميلات الباحثات عن كسب قلوب الرجال فتقدم لهن تعاويذ سحرية مصنوعة من دماء وأشلاء الأطفال، أما النساء الراغبات في بشرة ناعمة فكانت تمُدّهن بمستحضراتها التجميلية المصنوعة من شحوم الأطفال، وبالمقابل كان هؤلاء الزبائن الأثرياء يقدمون لإنركيتا المال الوفير وتقديم لها الحماية والدعم اللازم، وهكذا تم سجن إنركيتا مارتي بفعل جرائمها البشعة.
بعد سجن إنركيتا مارتي بمدة قصيرة، كانت نهاية السفاحة الاسبانية، حيث كثرت رواية وفاتها، فهناك من يقول أنهم وجدوها مشنوقة في زنزانتها قالوا بأنها انتحرت، وهناك من يقول بانه تجمع عليها الكثير من النساء في السجن، وانهالوا عليها بالضرب المبرح وما كاد أن يصل إليها حراس السجن حتى كانت قد فارقت الحياة، ولكن المرجح أن عملية موتها كانت مدبرة بإحكام من قبل أولئك السياسيين والأثرياء الفاسدين الذين كانوا يشترون مستحضراتها، أرادوا إسكاتها وإقفال فمها إلى الأبد لكي لا يتورطوا في قضيتها، وهكذا انتهت قصة سفاحة اسبانيا، وذلك في 12 مايو 1913.
وبهذا طُويَت قضية إنركيتا ماتي غيبوليس الإجرامية، وسجل التاريخ بأنها اكبر سفاحة في التاريخ الإسباني بقتلها أكثر من 12 طفل.