الرسول الأب صلى الله عليه وسلم كان النّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أباً رحيماً محبّاً لأولاده، فكان يحرص على سعادتهم في الدّنيا ونجاتهم في الآخرة، يجود بماله على بناته ولا يمنع عنهنّ شيئاً، يقول لابنته:(يَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا)،[١] وكان يحرصُ على الإصلاح بينهنّ وبين أزواجهنّ في حال الخلاف؛ ممّا يزيد من احترام أصهاره ومحبتهم له. وكان -صلى الله عليه وسلّم- يتألم لفقد أبنائه، وورد عنه أنه دمعت عيناه لوفاة ابنته، لحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (شَهِدْنَا بنْتًا لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: ورَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- جَالِسٌ علَى القَبْرِ، قالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمعانِ)،[٢] كما جاء عنه بكاؤه عند وفاة ابنه إبراهيم وهو صغير، و[٣] أسماء بنات وأولاد الرسول ولد للنبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- عددٌ من الذُّكور والإناث، فأول أبنائه من حيث الولادة القاسم، ثُمّ زينب وولدت قبل النُّبوة، وتزوَّجت من ابن خالتها أبي العاص ابن الربيع، وأنجبت منه علي وأُمامة، وتوفيت في السّنة الثامنة، ثُمّ رُقية التي تزوجت من عُثمان بن عفان، وهاجرت معه إلى الحبشة مرتين، ثُمّ فاطمة، ثُمّ أُمُّ كُلثوم تزوجت من عُثمان بن عفان بعد وفاة أُختها رُقية -رضي الله عنها-؛ ولهذا السبب لُقب بذي النورين، ثُمّ إبراهيم -عليهم السلام-،[٤] وولد له عبد الله، وجميع أبنائه من زوجته خديجة -رضي الله عنها- باستشناء ابنه إبراهيم، فأُمه مارية القبطيّة -رضي الله عنها-.[٥] أسماء بنات الرسول زينب رضي الله عنها وُلِدت زينب -رضي الله عنها- بعد مولد النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- بثلاثين سنة، وتزوجت من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وكان ذلك قبل النبوة، ولما بُعث النبي -عليه الصلاة والسلام- بالرسالة أسلمت، ولم يدخل زوجها الإسلام، وعلى الرغم من ذلك إلا أن زواجهما ظل مستمراً، وفي غزوة بدر وقع زوجها في أسر المسلمين، وافتدته زينب زوجته بقلادة أمها خديجة، فلما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- القلادة رقَّ لحالها، وطلب من الصحابة -رضي الله عنهم- إطلاق سراحه، وطلب منه النبي -عليه الصلاة والسلام- السَّماح لابنته بالهجرة إلى المدينة، فلحِقت السيدة زينب بأبيها وبقيت في المدينة وزوجها في مكة إلى أن خرج زوجها في تجارة بأموال قريش فاعترض المسلمون القافلة فما كان من أبي العاص إلا أن يستجير بالسيدة زينب فأجارته وبعدها رجع إلى مكة وأعاد أموال القافلة إلى أصحابها ثم رجع إلى المدينة ودخل في الإسلام، وبعد ذلك بمدة يسيرة توفيت السيدة زينب -رضي الله عنها- وكانت وفاتها في السنة الثامنة للهجرة، وحزن النبي -عليه الصلاة والسلام- لموتها حُزْناً شديداً.[٦] رقية رضي الله عنها وُلدت رُقية -رضي الله عنها- بعد أُختها -زينب -رضي الله عنها-، وكانت مخطوبة لعتبة ابن أبي لهب وأمره والده بطلاقها تضييقاً على النبي، وتزوّجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وأنجبت منه عبد الله ومات إذ نقره الدِّيك بوجهه وعمره ست سنوات، وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة؛ فراراً بدينهم، وبُعداً عن أذى المُشركين، ولمّا رجعت من الحبشة وجدت أُمَّها خديجة بنت خويْلد قد توفّيت، وهاجرت بصحبة زوجها إلى المدينة المنورة لمَّا بدأت هجرة المسلمين إليها، وأصيبت السّيِّدة رُقية بالحُمّى وتوفيت على إثْرها، وعند وفاتها كان النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون في غزوة بدر وعلِم النبي بوفاتها عند رجوعه من الغزوة ولم يشهد دفنها.[٧][٨] أم كلثوم رضي الله عنها أُمها خديجة -رضي الله عنها-، وخطبها عُتيبة ابن أبي لهب قبل النبوة، وأمره أبوه بطلاقها بعد بعثة النبي، وأسلمت مع أُمِّها، وبايعت النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- مع النِّساء، وهاجرت إلى المدينة، ولما توفيت أُختها رُقية تزوجها عُثمان بن عفان، وتوفيت في السَّنةِ التاسعة من الهجرة في شهر شعبان، ودفنها علي والفضل وأُسامة.[٨] فاطمة الزهراء رضي الله عنها وُلدت قبل البعثة بخمس سنوات، في السنة التي كان العرب يبنون الكعبة، وأمها السيدة خديجة -رضي الله عنها-، وكانت آخر أولاد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولادةً، ولما بلغت تقدّم أبو بكر وعُمر -رضي الله عنهما- لخطبتها، فردهما النبي -عليه الصلاة والسلام- بلطفٍ ولين، وزوّجها لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، بمهرٍ مقداره أربع مائة مثقالٍ من الفضة، وأنجبت فاطمة -رضي الله عنها- الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، وكانت ريحانة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يرضى لرضاها، ويسخط لسخطها، وكان النبي إذا رجع من سفرٍ يذهب إلى المسجد ثم إلى بيت السيدة فاطمة.[٩] ولما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرض الموت، واجتمعت جميع نسائه حوله، وجاءت ابنته فاطمة -رضي الله عنها- تمشي كمشية أبيها، فخصَّها النبي -عليه الصلاة والسلام- بسرٍّ فبكت، ثُمّ أسرَّها بسرٍ آخر فضحكت، وكان السبب في ذلك، قولها: (أنَّه كانَ حدَّثَني أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ بالقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَهُ به في العَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَانِي إلَّا قدْ حَضَرَ أَجَلِي، وإنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ لذلكَ، ثُمَّ إنَّه سَارَّنِي، فَقالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لذلكَ).[١٠][١١] أسماء أولاد الرسول جاء عن الإمام النوويّ أن للنبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثةٌ من الأولاد الذُكور، وهم: القاسم ولد قبل النبوة وهو أكبر أولاده صلى الله عليه وسلم وبه كان يُكنّى كنيته بأبي القاسم، ومات وهو ابن سنتين، ثُمّ عبد الله وكان يُسمى بالطيب والطاهر؛ لولادته بعد بعثة النبي، ثُمّ إبراهيم وكانت أُمه مارية القبطية -رضي الله عنها-، وهو آخر أولاد النبي، كانت ولادته في المدينة في السنة الثامنة للهجرة ووفاته بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة، وعاش سبعة عشر شهراً،[١٢] وحزن النبي -عليه الصلاة والسلام- لوفاته ودمعت عيناه، وقال: (إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ)،[١٣] رزق الله -تعالى- النبي -عليه الصلاة والسلام- الأولاد ذكوراً وإناثاً؛ استكمالاً لفطرته البشريّة، وتحقيقاً لحاجاته الإنسانية، ولكنّ الله -تعالى- قَدّر له أن يموت أولاده الذكور جميعاً في حياته وهم صغار؛ لكي لا يكونوا فتنةً لغيرهم من الناس، وكي لا يدّعي أحدٌ النبوة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وتسليةً لمن يموت له أولاده وهم أطفال، ولمن لم يُقدر الله -تعالى- له الولد حتى يجدوا لهم في النبي قدوة في شدّتهم، كما أنه ابتلاء للنبي -عليه الصلاة والسلام- فالأنبياء هم أشد الناس بلاءً

منقول