صندوق الدنيا 2020
فيلمٌ جيد جداً، فيلمُ فلسفات إنسانية يتلاعب بعواطف مشاهديه بشكلٍ كبير، فيلمٌ يمكنُ له أن يكون من أفضل أفلام العام 2020.
(حلم، كومبارس، ممرات الخوف، الرهان، آخر نفس).. تلك هي أسماء فصول، أو قصص، الفيلم التي تشكلُ اجزاءً من الواقع الذي تقوده الفنتازيا بشكلٍ عام.. فنتازيا أقرب للواقع منها إلى الخيال، فنتازيا تجمع ثيماتٍ نصيّة حكائية مختلفة ومتباعدة وتبدو مفككة للغاية لا تربطها سوى إشارات خفيفة، تحتاجُ لمشاهدٍ يصبر عليها -بما تمتلكه من قوة جذب عامة- ليصل إلى ما يريده منه صنّاع الفيلم.
استحق هذا الفيلم أن يمثل الواقع العربي في أزمنة ما بعد الحداثة بشكل عام، وواقع الحواري المصرية في وسط القاهرة بشكلٍ خاص. في مهرجان اوناريو الدولي في كندا، وهو يبين لنا كيف غيّرت قيمُ ما بعد الحداثة من الصور النمطية للمجتمعات المصرية التي اعتدنا على مشاهدتها على شاشات السينما.
في الفيلم قصة زوجة شاعر مصري يرى نفسه شاعراً كبيراً ويقضي أغلب يومه في البارات يكتب الشعر مفتتناً بأجساد الجميلات بينما تخونه زوجته -مضطرة كما يصور لنا الفيلم- مع شابٍ نصّابٍ تافه، لا ثقافة له ولا قيَم.
وهو يصور امرأة اخرى فاتها القطار، لترى نفسها عانساً فترتبط -مضطرة كما يصور لنا الفيلم- مع طبيب بشكلٍ عرفي، يسرق منها ورقة الزواج.
كما نرى فيه امرأة شريفة عفيفة، تحافظ على جسدها في وسط الشارع التي تسكنه وتبيع فيه الخضار -وتلك مفارقة غريبة- حيث تبيت هناك، تنام وتأكل وتشرب هناك.
في الفيلم رمزية عالية لمسرح العرائس، وسيرك الشارع حيث الحِكم والقيَم التي تُحكى هناك، بينما لا يأبه المشاهدون سوى بالصورة، في إشارة إلى أن القيَميّة والمُثُل والبراءة والأصالة تذهب مع وجود الرغبات والشهوات البشرية.
يضيعُ الطفل في الميدان، ويُقتلُ الوالد في بضعةِ مشاهد تبدأ معها قصتهما بما يشبه قصة قيميّة في الماضي تنتقل انتقالاً زمنياً يمثله انتقال الابن والوالد في السيارة ومعهما النسوة لزيارة مقام السيدة زينب في القاهرة، لنجد سيرورة القصة متجهة نحو الواقعية المعاصرة المفرطة في واقعيتها حيث لا تحصد الرحلة سوى الخراب.
في كل تلك الخلطات، وغيرها كثير، نرى الشخوص فيها، ومعها الأزمنة التي تمثلها، تجتمع في المكان، وهو الثابت الوحيد فيه ضمن كلِ المتغيرات.
تقييمي للفيلم: (8 من 10)