بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
ولم يختلف حال النبي الأكرم محمد(ص) عن حال من تقدمه من الأنبياء، فقوبل من قبل المجتمع القرشي كما قوبل سابقوه من الأنبياء(ع). ولم تقتصر العملية على خصوص المواجهة، بل كانت تشمل عملية النقد إما للأطروحة التي أتى بها النبي(ص)، أو لشخصه الكريم.
ويمكن اعتبار بداية الانتقاد لمبادئ الإسلام، ولشخصية الرسول(ص) في مكة، ويظهر من القرآن الكريم، والسيرة النبوية أن أول الإساءات الشخصية التي وجهت إليه (ص)، كانت من قبل قومه، حيث أتهم من قبلهم بالسحر، كما وسموه بالجنون، وغير ذلك.
وعندما هاجر النبي(ص) إلى أرض طيبة الطيبة، واستقر به المقام في المدينة المنورة، تولى عملية انتقاد شخصه الكريم، أفراد أخر، هم اليهود الذين كانوا يعيشون فيها، فأتهمه بعضهم بعدة تهم:
منها: أنه قام بعملية الاقتباس وبصورة محرفة من التوراة.
ومنها: أنه كان يرغب في الهيمنة والسيطرة وبسط النفوذ على المدينة المنورة.
ومنها: أنه عمد إلى الارتباط بهم ومصادقتهم رغبة منه في الإحاطة بالديانة اليهودية حتى يستفيد منها، ويقلد جملة من طقوسها، إلا أنه لم يواصل ذلك حيث ارتد عنهم.
ولم يختلف حال أصحاب الديانة المسيحية في توجيه النقد والإساءة إلى شخصية الرسول محمد(ص)، عن حال أصحاب الديانة اليهودية، وإنما تأخر وقت بدأ ذلك إلى قريب عصر القرون الوسطى، عندما كتب يوحنا الدمشقي كتابه الذي تعرض فيه إلى شخصية الرسول(ص)، وقام بالإساءة إليه، من خلال اتهامه أنه كان يستعين ببحيرا الراهب في كتابة القرآن الكريم، وأنه قد استفاد كثيراً من كتب ورقة بن نوفل التي ترجمها من الإنجيل المحرف، وأقتبس من كتاباته.
ولم تتوقف عمليات الإساءة إلى شخصه الكريم، وإنما لم تكن على ما يبدو بصورة منظمة، إلا أنه ومع حلول العصر الحديث، وبالتحديد بعد الحادي عشر من سبتمبر سنة واحد بعد الألفين الميلادي(1 سبتمبر 2001 م) بدأت عملية الإساءة لشخصه الكريم تأخذ أسلوبا منظماً ، فقد توالت الإساءات من ذلك الوقت، واتخذت أساليب مختلفة، فهذه إحدى الصحف الدنماركية تسيء لشخصه الكريم من خلال قيامه أحد رساميها برسم كاريكاتير مسيء، وهذا الإعلام الغربي ينتج فلماً يشوه به الصورة الطاهرة لرسول الله(ص)، وقد طالعنا الإعلام قبل أيام بفيلم أميركي يتضمن إهانة وتوهيناً إلى رسول الإنسانية، ونبي الرحمة محمد(ص).
وقد تداولت الشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً من ذلك الفيلم، تضمن إساءات عدة، أجمل شيئاً منها:
1-الحديث عن بداية الوحي، وكيف أن رسول الله(ص) كان خائفاً عندما نزل عليه الأمين جبرائيل(ع)، وأن زوجته السيدة خديجة كانت أشجع منه.
2-إبراز دور رئيس لورقة بن نوفل في رسالة النبي(ص)، وأنه حاول الانتحار أكثر من مرة ولم يوفق بعد وفاة ورقة لفتور الوحي عنه.
3-إبراز النبي(ص) بأنه رجل غريزي جنسي شهواني، محب للنساء طامع في نيل أكبر قدر منهن، حتى أنه يشرع الأحكام والتشريعات رغبة في الحصول على ذلك.وغير ذلك من الأمور، المقززة والمؤذية جداً.
تنبيه وتوجيه:
وربما قيل، بأن المادة الأساسية التي قد اعتمدها هذا الفيلم، أو غيره من الأفلام مصدرها ما وجد في كتب المسلمين، سواء الحديثية منها، أم التاريخية، ذلك أن السابر لها يجد مثل هذه الأمور، وهذا يعطي معذرية لأمثال هؤلاء الذين لا يعرفون الإسلام، ولا نبيه، لأنهم يظنون تمامية هذه المصادر فيعتمدونها.
ولا يذهب عليك بداية، أن هكذا كلام، يشم منه ترويج لحركة طائفية، تبعث على قسمة المسلمين فريقين، سنة وشيعة، بحيث يحكم بأنه لما كانت مادة هذه الإساءات وأضرابها ما ورد في مصادر أبناء العامة، فليس على أبناء المذهب الشيعي اتخاذ أي موقف تجاه ذلك، لكون هذه الأمور تكشف زيف وبطلان ما يلتـزمه هؤلاء، وعدم صحة ما يبنون عليه.
ولسنا الآن بصدد تصحيح ما في المصادر الحديثية من عدمه، وإن كنت سأشير إلى ذلك بعد قليل، إلا أن ما يهم الالتفات إليه، هو أن النبي الذي قد شوهت صورته ليس نبياً مختصاً بأبناء العامة دون أبناء الشيعة، فليس للمسلمين إلا نبي واحد وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب(ص)، وأنه من قريش، وهذا يعني وحدة المسلمين جميعاً، وأن هذه الإساءة تشمل الجميع دون استثناء، على أنه لا ينبغي لنا أن ننشغل بهذا الأمر الجانبي مبدئياً، وننسى القضية الأصل والأساس، وهي قضية الإساءة لرسول الله(ص)، وكيف ينبغي أن نسعى إلى إيجاد الحل والعلاج، فلاحظ.
نعم ما ينبغي التوجه له هو أن جملة من المصادر الإسلامية، سواء الحديثية منها أم التاريخية، تحوي نصوصاً إسرائيلية، لذا ينبغي على القائمين على الدراسات والمعارف الإسلامية، القيام بعملية التنقية لها من ذلك، كما أنه يلزم أن يوجد منهج علمي في التعامل مع النصوص، وأنه لا وجه للقول بصحة كل ما وجد في المصادر الحديثية، وكأن ذلك قرآناً منـزلاً.
منهج التصحيح عند الإمام الصادق:
والموجب لما ذكرنا، ما تضمنته الكثب الحديثية من إسرائيليات، مضافاً إلى وجود الكذابين والوضاعين الذين اختلقوا الكثير من الأحاديث على رسول الله(ص)، ولهذا نجد أن الإمام الصادق(ع) عمد إلى معالجة هذه المشكلة منذ البداية، فوضع قاعدة عامة يمكن الاعتماد عليها في عملية التنقية، وعرض الأسلوب الأمثل في التعاطي مع النصوص، وبيان الميزان الذي يمكن من خلاله القبول بالخبر من عدمه، بعرض كل رواية على القرآن الكريم، ليكون هو الميزان، فما كان منها موافقاً له، قبل، وما كان مخالفا له رد وضرب به عرض الجدار، قال(ع): إن على كل وما خالف كتاب الله فدعوه.
فالحديث المتداول في جملة من المصادر الروائية للمسلمين، من أن النبي(ص) كان يطوف على نسائه التسع في ليلة واحدة، الظاهر في كونه يمارس الحق الطبيعي مع كل واحدة منهن، سوف يسقط عن القبول وفقاً لهذه القاعدة، لمخالفته للقرآن الكريم، الدال على قيام الليل لرسول الله(ص)، وأنه كان واجباً عليه. على أنه يمكن أن يسقط عن الاعتبار لوجوه أخرى، لسنا بصدد ذكرها.
وبالجملة، إننا بحاجة إلى وقفة صادقة يقوم بها علماء الإسلام، لتنقية مصادرهم الحديثية وكتبهم التاريخية مما تتضمنه من الإسرائيليات، ورفع النصوص التي تفتقر إلى موجبات الحجية، من خلال عرضها على القاعدة العقلائية، والقاعدة الشرعية.
وكيف ما كان، سوف نسلط الضوء في هذه الدراسة، على جانبين، يثار الأمر حولهما عادة من قبل أعداء الإسلام والمستشرقين، يسعى فيهما إلى تشويه صورة الدين الإسلامي من جهة، وتشويه صورة نبي الرحمة محمد(ص) من جهة أخرى، وهما كيفية بداية الوحي، وما أحاط به من أمور، ومسألة تعدد زوجات النبي(ص).
بداية الوحي:
تضمنت بعض المصادر الحديثية عرضاً لهذا الموضوع بالكيفية التالية، فقد ورد في البخاري في رواية أنه بدأ الوحي عليه(ص) بالرؤيا الصالحة في المنام، وقد كان يتحنث في غار حراء مدة ثم يرجع متزوداً من أهله، ثم يعود من جديد إلى الغار، وجاءه الملك وهو فيه، فقال: اقرأ! قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ! قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ! قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال:- ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ)[1]، فرجع بها رسول الله(ص) يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد(رض)، فقال: زملوني زملوني! فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرؤ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله(ص) خبر ما رأى.
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك.
فقال رسول الله(ص): أوَ مخرجي هم؟
قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي[2].وقريب من ذلك نقل أيضاً مع اختلاف يسير جداً، لا يضر بأصل المطلب، فلاحظ.
نعم في بعض الأخبار أن الذي بشرته بالنبوة هي السيدة خديجة(ع)، لما كانت تعلمه من أمره لإخبار غلام لها بخبر الراهب بحيرا، وأمرها أن تتزوجه قبل عشرين سنة من البعثة، وقد خرجت خديجة(ع) بعدما سمعت الخبر من رسول الله(ص) إلى الراهب المذكور، وقد كان قريباً من مكة، وأخبرها بأن هذا هو جبرائيل الأمين، وهو رسول الله إلى الأنبياء. كما أن بعض النصوص تشير إلى أن مولاتنا خديجة قد قصدت أشخاصاً أخر غير ورقة، فقصدت قساً كبيراً في السن يسمى عداساً بعدما عادت من الراهب بحيرا، وأخبرها بمثل خبر ورقة.
نعم النصوص في شأن قضية ورقة متعارضة، فقد سمعت قبل قليل أنه صدق بمجرد أن أخبر، وأمن على أن النازل هو الناموس الأكبر، لكن في بعضها أنه طلب من خديجة(ع) إرسال ابن عبد الله إليه، ليتأكد من أن الذي نزل عليه ليس شيطاناً لأن بعضهم يتشبه فيضل ويفسد فيصبح الرجل بعدها مجنوناً، ومع أنه نزل على رسول الله(ص) قرآن بعدما عادت خديجة لرسول الله(ص)، وأبلغته بطلب ورقة اللقاء به، إلا أنها أصرت عليه بالذهاب إليه، ففعل وصدقه.
هذا ولسنا بصد استقصاء ما ذكروه من نصوص في البين، وبيان جوانب الالتقاء فيها فإن ذلك أجنبي عن الغاية التي نبتغيها. نعم ما يهم في البين، هو عرض جملة من التساؤلات حول هذه النصوص، تجعل القارئ لها يقبل بها أو يتوقف فيها يرفضها:
فمنها: إننا لا نعرف وجهاً صحيحاً للتصرف الذي صدر من الأمين جبرائيل(ع) تجاه النبي(ص) من الغط الشديد، وما كان يلقاه رسول الله(ص) من الجهد جراء ذلك، وكأن جبرائيل(ع) جاء من أجل إيذاء رسول الله(ص).
ومنها: ما هو الموجب لعدم تصديق جبرائيل للنبي(ص) في المرتين الأوليـين، وقبوله بقوله وتصديقه في المرة الثالثة؟ وإذا كان جبرائيل يعتقد-لا سمح الله-كذب المخاطب في دعواه، فكيف صدقه في المرة الأخيرة، هل تغيرت الرؤية عنده، وحصل له العلم بصدقه، أو لم يكن جبرائيل منذ البداية عالماً بمن بعث إليه؟!
ومنها: هل يعقل أن الرسول(ص) كان عارفاً بالقراءة، إلا أنه كذب-لا سمح الله- على جبرائيل، أم أنه كان يود امتحانه، ومعرفة مقدار ما يملكه من دراية به، أم غير ذلك؟! وإذا كان رسول الله(ص) عارفاً بالقراءة، فلمَ لم يقرأ منذ البداية، وإن لم يكن عارفاً بها، فلمَ يطالبه جبرائيل القراءة أساساً؟!
ومنها: إنه لم يتضح لنا وجه المطالبة بالقراءة، لأن النصوص التي عرضت ذلك، توافقت على أنه لم يكن جبرائيل(ع) حاملاً كتاباً كي يقرأه النبي(ص)، فما هو المقصود من طلب القراءة حينئذٍ؟
إن قلت: إن القراءة هنا بمعنى التلاوة، وهذا لا يستدعي أن يكون هناك كتاب كي يقرأه.
قلنا: بأن هذا الاحتمال صحيح، إلا أنه لا يتصور أن يطلب من شخص تلاوة شيء قبل أن يكون مطلعاً عليه، وهذا يستوجب أن يكون رسول الله(ص) مطلعاً على ما يراد منه تلاوته، ولم يطلعه جبرائيل على ذلك، فكيف يطالبه التلاوة؟!
ومنها: إننا نتعجب من صبر رسول الله(ص) على ما كان يلقاه من عذاب جراء تصرف جبرائيل معه، وعدم سؤاله عما يريد منه قراءته، فعوضاً عن أن يكرر عليه بأنني لست قاًرئاً، لماذا لم يقل له منذ البداية، ماذا تريد أن أقرأ كما كان ذلك في نهاية المطاف.
ومنها: إن أغرب ما في هذه النصوص الشجاعة العظيمة لمولاتنا خديجة(ع)، وأنها كانت أربط جأشاً وأشجع من رسول الله(ص)، بل في بعضها أنها خرجت معه إلى الغار حتى تعينه على ما كان يراه، وأنها كشفت رأسها ليذهب جبرائيل.
ومنها: ما أظهرت هذه النصوص من العلم والمعرفة للسيدة خديجة وإحاطتها بما لم يكن رسول الله(ص) محيطاً به.، فأخذت تذكره بمحاسن أخلاقه، وكريم فعاله، وأن من كان هذا فعله، لا يخزيه ربه، ولا يؤذيه.
ومنها: ما هو الوجه في ذهاب جبرائيل(ع) عن الرسول(ص) عندما أقدمت السيدة خديجة(ع) على كشف رأسها، هل ذلك يعود لكونه يمتلك شهوة كما يمتلكها العنصر البشري، أم أن ذلك نحو عفة وطهارة في الملك، أم أنه أمر من السماء، أم غير ذلك؟!
مع أن الحابكين لهذه القصص فاتهم أن النبي(ص) كان على دراية بنبوته، كما كان عمه أبو طالب(ع) على دراية بذلك، ولو بسبب إخبار الراهب بحيرا لهم عندما مضوا بالتجارة إلى بلاد الشام في القصة المشهورة. فقد جاء فيها أنه قال لأبي طالب(ع) لما رآه: ردّ هذا الغلام في بلاده، فإنه إن علمت اليهود ما أعلم منه قتلوه، فإن لهذا شأناً من الشأن، هذا نبي هذه الأمة، هذا نبي السيف[3].
على أن التسليم بكل ما قدم ذكره من النصوص، فرع البناء على أن ورقة بن نوفل شخصية حقيقة، وأنلها وجوداً، وإلا فإن بعض الباحثين يصرّ على كونها شخصية وهمية من الشخصيات المختلقة، التي لا وجود لها، ومقتضى ذلك سقوط جميع هذه النصوص عن المقبولية، فلاحظ. كما أن المعروف أن لقاءه(ص) بعداس في الطائف في القصة المشهورة، وليس له ذكر قبل ذلك مع أن بعض هذه النصوص تجعله راهبا كبيرا وأنه قد قصد كما قصد ورقة وكان جوابه مطابقاً لجوابه.
ولو رفعت اليد عن وهمية هذه الشخصية، وبني على وجودها، فإن من المستغرب جداً، أن المؤرخين، والرجاليـين، اتفقت كلمتهم على أنه قد مات كافراً، ولم يسلم بالنبي(ص)، فقد ذكر ابن عباس أنه مات على النصرانية، وقال ابن الجوزي أنه آخر من مات في الفترة، ودفن في الحجون، فلم يكن مسلماً. وقال ابن عساكر: لا أعرف أحداً قال إنه أسلم[4]. وعن الواقدي أنه قد عمر وعاش إلى ما بعد الهجرة من مكة، لكنه مات كافراً[5]. ويشهد لكون وفاته بعد البعثة الشريفة، بل الظاهر بعد الإعلان بالدعوة، ما نقله المؤرخون من أنه كان يمر وقريش تعذب بلالاً فينهاهم عن ذلك، ويخبرهم أنهم لأن لم ينتهوا ومات بلال ليتخذن قبره جناناً[6].
على أن لنا نصوصاً شريفة تفيد أنه(ص) كان نبياً وآدم بين الطين والماء، وأنه كان يعلم بذلك منذ ولادته، بل إن ما ظهر من الإرهاصات قبل ولادته، وما ظهر من الكرامات بعد ولادته، وطيلة فترة شبابه، كفيل برد جميع هذه القصص الواهية. كما تضمنت النصوص أنه(ص) لم يخف من نزول الوحي عليه، بل كان منتظراً له، وقد ألبسه الله تعالى السكينة والوقار، فقد سأل زرارة الإمام الصادق(ع)، قال: قلت لأبي عبد الله(ع): كيف لم يخف رسول الله(ص) فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك مما ينـزغ به الشيطان؟ قال: فقال: إن الله إذا اتخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار، فكان يأتيه من قبل الله عز وجل مثل الذي يراه بعينه[7].
دوافع هذه القصص:
وما ذكر، يوجب الاستغراب والتعجب، عن الدوافع التي دعت هؤلاء إلى وضع مثل هذه الأحاجي، وتلفيق مثل هذه القصص في شأن بدء الوحي، وتشويه صورة رسول الله(ص) بعرضه بما بين.
إلا أن ذلك يزول عندما يلتفت إلى أن هناك أيدي آثمة وأثيمة أرادت ذلك رغبة منها في الحط من هذه الشخصية المقدسة، والعظيمة، فإن أيدي بني أمية لم تتوقف عن التنكيل بالإسلام وأهله، وبأعظم شخصية فيه، وهي شخصية رسول الله(ص) فأرادت أن تمحو كل فضيلة زادته شرفاً وفضلاً على غيره من الأنبياء، عندما صورته أنه لم يختلف عنهم، فكما أن بعضهم أصابه الخوف والهلع، فهو كذلك، وكما أن بعضهم قد أحتاج معيناً، فكذلك كان هو، وهكذا.
وبالجملة، إن الرجوع لنصوص أهل بيت العصمة(ع)، يفيد كيفية نزول الوحي، وكيف أنه(ص) كان موحداً قبل أن يأتيه جبرائيل، وأنه كان يتعبد في غار حراء على وفق شريعته، ولم يكن متعبداً على شريعة أحد غيره، وأنه كان ينتظر أمر الله تعالى ليصدع بالدعوة إلى التوحيد، ورفض الشرك وعبادة الأصنام.
تعدد زوجات الرسول:
ومن الأمور التي يثيرها المستشرقون غالباً، ويجعلونها إحدى المساوئ التي يسعون للتوصل من خلالها لتشويه مبادئ الإسلام، والنيل من شخصية المصطفى الحبيب(ص)، مسألة تعدد زوجاته(ص)، فيعمدون إلى عرضه بصورة رجل جنسي شهواني، يحب النساء، وهكذا.
ولا يذهب عليك، أن هذه الشبهة تنحل في حقيقتها إلى شبهتين:
الأولى: مسألة تشريع تعدد الزوجات في الإسلام.
الثانية: مسألة تعدد زوجات النبي(ص).
وإن شئت، فعبر إن هاهنا مسألتين، إحداهما كبروية، وهي تمثل مسألة تعدد الزوجات، والأخرى صغروية، وهي مسألة تعدد زوجات الرسول(ص).
أما الأولى، فيتهم الإسلام بأنه أول من أباح هذا الأمر من خلال تشريعه التعدد، وأنه وفقاً لهذا التشريع، قد أساء للمرأة وأهانها، وانتهك حرمتها، فما عاد لها تقدير أو كرامة.
وهذا من المغالطة بمكان جداً، إذ ليس الإسلام هو أول من سوغ التعدد في الزوجية، بل إن الرجوع لبعض القوانين القديمة في الأمم السابقة، يفيد أن ذلك كان معروفاً، بل ومشرعاً عندهم، فإن القارئ لتاريخ الدولة الرومانية، يجد أن التعدد كان من الأمور المعروفة والمشروعة بينهم، كما أن قراءة التاريخ الإسرائيلي، يعطى نفس الأمر، وأما الفرس، فإنهم لم يكتفوا بتسويغ التعدد في الزوجات، بل كانوا يعمدون إلى مكافأة كل من يقدم على ذلك.فكيف بعد هذا يدعى أن الإسلام هو أول من سوغ ذلك.
ثم إنه لو رفعنا اليد عن هذه الناحية، فإنه يلزم أن ينظر كيف كانت الرؤية الموجودة للمرأة سواء في الحضارات السابقة، والتي كانت قبل الإسلام، أم الحضارات الغربية الموجودة في المجتمعات الغربية المعاصرة، وكيف نظر الإسلام إليها، فإن المنصف، يجد مقدار الاحترام والتقدير الذي أفرغه عليها الإسلام، فبعد ما كانت في تلك الأمم مجرد شيء ينقل، ولا تخرج عن كونها وعاء يفرغ فيها الغريزية والشهوة، وأصبحت في الحضارة المعاصرة مجرد لحم مبتذل، لا قيمة له، بل ميزانها بما تعرضه من مفاتنها، جعل لها الإسلام قيمة واحتراماً، فحفظ لها كافة حقوقها وساواها بالرجل في مجالات عددية، فعلى سبيل المثال، لا تختلف وإياه في ثبوت حق التعليم لها كثبوته له. بل لا فرق بينها وبينه بين يدي الله تعالى، فكما أنه يقّيم على وفق عمله، كذلك هي. ولم يجعل للرجل عليها امتياز، أفبعد هذا يتهم الإسلام بمثل هذه الأمور، ما لكم كيف تحكمون.
وأما مسألة تعدد زوجاته(ص)، فإن الحديث عن هذا الأمر يستوجب ملاحظة جوانب ثلاثة:
الأول: دوره الجهادي أثناء النهار.
الثاني: مشروعه العبادي في الليل.
الثالث: عمره عندما أقدم على تلك الزيجات.
وقبل ذلك لابد من التنويه إلى أنه(ص) عاش مع زوجته الأولى السيدة خديجة(ع) مدة خمس وعشرين سنة، لم يعرف زوجة غيرها، ولم يبنِ بامرأة سواها ما دامت على قيد الحياة، وإنما كان زواجه في مكة بمن تزوج بهن بعد وفاتها، واقتصاره(ص) في الزواج عليها طيلة تلك المدة، يعدّ منبهاً للتوقف في أصل التهمة الموجهة إليه(ص)، إذ أن من يكون موصوفاً بمثل تلك الصفات لا يتصور فيه أن يقضي فترة شبابه، وعنفوانها بالاقتصار على زوجة واحدة، خصوصاً وأن موجبات التعدد كانت موجودة لديه، ما يعني أن وجود التعدد عنده في ما بعد، لم يكن داعيه ما ذكر من أسباب، بل لابد وأن يكون لذلك موجبات أخرى، فلاحظ.
بعد هذا فلتحظ الأمور الثلاثة التي أشرنا لها قبل قليل، لأن ملاحظة ما كان يقوم به(ص) طيلة نهاره من العمل على الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك وعبادة الأصنام، وما يبذله من جهد في عملية هداية الأمة، وتعليم أصحابه، لإعلاء كلمة التوحيد، وإرساء دعائم الإسلام، لا ريب وأنه يمنع أن يكون منشغلاً بمثل هذا الأمر كما هو بين لا يخفى.
وأما مشروعه العبادي، فإن المستفاد من الأدلة الشريفة، وجوب التهجد عليه ليلاً، وأن وجوب صلاة الليل من المختصات به، وهذا يستوجب أن يصرف وقتاً من ليلته في مناجاة ربه، والابتهال إليه، وقد حدثت السيدة أم سلمة(رض) عن قيامه(ص) ليله، وأنها كانت تخاطبه بأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وكان يجيبها : ألا أكون عبداً شكوراً.
والحاصل، إن القارئ لسيرته العطرة، يحيط كيف كان المصطفى(ص) يقضي ليلته، وهل أنه كان منشغلاً بالنساء، أم أنه كان مشغولاً مع ربه.
أما ملاحظة عمره الشريف عندما أقدم على هذه الزيجات، فإن الثابت تاريخياً أنه لم يتـزوج واحدة منهن كما عرفت والسيدة خديجة(ع) على قيد الحياة، بل كان زواجه بهن بعد وفاتها، وقد قضى(ص) معها خمساً وعشرين سنة، فإذا كان زواجه بها وله من العمر خمس وعشرون سنة، فذاك يعني أنه يوم وفاتها بلغ الخمسين من العمر، فيكون زواجه بأي واحدة من تلكم النسوة بعدما بلغ خمسين سنة، وهذا يكفي شاهداً على بطلان هذه الدعوة، لأنه لو كان كما وصف، لأقدم على ذلك قبل بلوغ هذا العمر، خصوصاً وأن النواحي العلمية تفيد فقدان الرجل وقد بلغ هذا المقدار من العمر الكثير من طاقته وقدرته على الإحساس بما يحس به الشباب في العلاقة الطبيعة مع النساء، فتدبر.
ثم إنه لو رفعت اليد عن جميع ما قدم، فإن التأمل في زوجاته التي قد تزوجهن يمنع من القبول بهذه التهمة الموجهة إليه(ص)، والإساءة لشخصه الكريم، لأن المنقول لنا تاريخياً أنه(ص) لم يتـزوج بكراً عدا عائشة-على ما قيل- وأنها كانت أصغر نسوته سناً، وأما بقية النساء، فقد كن جميعاً ثيبات، كما أن المعروف تاريخياً أن بنائه بهن بعد ما بلغن مقداراً كبيراً من السن، بحيث قاربن سن اليأس لو لم يكن قد بلغهن حتى أن زينب بنت جحش، وهي طليقة زيد بن حارثة، ذكر أن عمرها يوم تزوجها كان خمسين سنة[8]. فمن كان يرغب القضية الطبيعية، هل يقدم على الزواج بالثيبات، والعجائز، أم أنه سوف يختار الأبكار، والصبايا والصغيرات، وقد كان الرسول(ص) في موقع اجتماعي يكفل له انتخاب الأبكار والصغيرات لو أراد ذلك، إلا أنه كما عرفت أختار من ذكرنا، وهذا يدلل على أن المسألة التي دعته(ص) للإقدام على هذه الزيجات ليس البعد الطبيعي للرجل تجاه المرأة، وإنما أمر آخر. بل لم ينقل المؤرخون في ما حكوه عن النسوة التي ارتبط بهن(ص) امتيازاً في الناحية الجمالية، يشير إلى تميز فيهن على غيرهن، فمثلاً تزوج(ص) سودة بنت زمعة، ولم ينقل فيها شيء يميزها عن غيرها من النساء، وهكذا البقية.
قال عباس محمد العقاد في كتابه عبقرية محمد: ولو كانت لذات الحس هي التي تسيطر على زواج النبي(ص) بعد زواج خديجة، لكان من الأحجى بإرضاء هذه الملذات أن يجمع إليه تسعاً من خيرة الفتيات الأبكار، اللواتي اشتهرن بفتنة الجمال في مكة والمدينة والجزيرة العربية، وبلا شك لو أراد ذلك لأسرعن إليه هن وأولياؤهن ووجد أولياؤهن أنفسهم فخورين بهذه المصاهرة التي لا تعلوها صلة من الصلات.
لقد كان محمد بن عبد الله معروفاً في صباه إلى كهولته بالعفة البالغة، فلم يعرف عنه أنه استسلم للملذات في ريعان صباه، ولا لها كما كان يلهو غيره من الفتيان حين كانت الجاهلية تبيح ما لا تبيحه الشرائع والأديان، بل كان وهو في ريعان فتوته ووسامة طلعته، وكمال رجولته معروفاً بالطهر والأمانة-إلى أن يقول-ولم يقل أحد بأنه كان ممن يستهويه الجمال وتسيطر عليه مفاتن المرأة، ولو كان فيه شيء من ذلك لظهر عليه في تلك المرحلة من مراحل حياته، ولحدثنا التاريخ عن العشرات من أخصامه الألداء تقول الناس: إن هذا الداعية إلى الطهارة والعفة ونبذ الشهوات لقد كان بالأمس القريب مسيراً لشهواته وملذاته[9].
على أن ملاحظة منهجيته(ص) في العدل بين نسوته، والمساواة وحسن المعاشرة ورعاية الحقوق، كله يؤكد عدم صحة هذه التهمة.
دواعي تعدد زيجاته:
وحتى نتمكن تحديد الأسباب التي دعت المصطفى(ص) لأن يكون صاحب زوجات متعددة، لابد أن نلحظ كل زوجة زوجة، وهذا سوف يعين لنا أسباب إقدامه على الزواج بلك واحدة منهن، ومن المعلوم اشتراك بعضهن في السبب، ولهذا سوف نضع العنوان العام الذي دعاه(ص) للزواج، ونذكر بعض المصاديق التي تدخل تحته، ويمكن للقارئ العزيز تطبيق البقية.
منها: أن يكون داعيه للإقدام على الزوجية بتلك النساء، نواحي إنسانية لأن في زواجه(ص) بالمرأة مصلحة للمرأة التي تزوج بها، كما لو كانت المرأة قد فقدت معيلها الذي يتولى إعالتها، كما في سودة بنت زمعة، فقد توفي زوجها في الحبشة، وكانت بين خيارين، إما بقائها في الحبشة دون كفيل أو معين، ما يجعلها تواجه ضغوط الحياة المعيشية الصعبة، مضافاً إلى الضغط النفسي، والغربة، أو رجوعها إلى مكة لأهلها وهم لا زالوا على شركهم، فيجبرونها على ترك الإسلام، فلأجل ذلك أقدم على الزواج بها، وكان ذلك في مكة المكرمة، وقد ذكر أنها قد جاوزت الخمسين من العمر. ومثل ذلك السيدة أم سلمة(رض)، فقد استشهد زوجها يوم أحد، ولم يكن ولأطفالها من معيل، لذا أقدم(ص) على الزواج منها، وقد تخطت سن الشباب، وبلغت الخمسين من العمر، أو أزيد من ذلك.
وقد كان هذا أيضاً هو موجب زواجه بزينب بنت خزيمة، التي استشهد زوجها في غزوة أحد أيضاً، وكانت من الفاضلات في الجاهلية تدعى أم المساكين لكثرة برها وعطفها، وصوناً لماء وجهها ومكانها، أقدم(ص) على الزواج منها، وهي أول زوجاته(ص) رحيلاً عن الدنيا بعد مولاتنا خديجة(ع)، لأنها لم تعمر معه(ص) إلا ثلاثة أشهر.
ومثل ذلك رملة بنت أبي سفيان، وقد تنصر زوجها في الحبشة، فكان حالها حال سودة بين البقاء في الحبشة دون معين أو كفيل، وبين الرجوع لأهلها في مكة فيجبروها على ترك الإسلام، أو الإيذاء، فأرسل النبي(ص) وطلب منه أنه يزوجه إياها لينقذها من الغربة، والقيام بكفالتها.
ومنها: أن يكون الموجب للإقدام على الزواج أبعاداً سياسية، كما يمكن أن يعدّ من ذلك زواجه من ابنة أبي سفيان، واسمها رملة، ليتألف بذلك قلبه جراء المصاهرة.
وقد يكون من هذا زواجه من صفية بنت حيي بن أخطب، سيد بني النضير الذي قتل زوجها يوم خيبر، وقتل أبوها مع بني قريظة، وكانت في سبي خيبر، فاصطفاها(ص) لنفسه، وتزوجها وقاية لها من الذل والهوان، مع أنها قد تزوجت قبله(ص) مرتين. ويمكن أن يعد هذا الزواج من البعد الإنساني أيضاً، فلاحظ.
ومن ذلك زواجه من عائشة، فقد كان الموجب لذلك هو إحراز النبي(ص) ولاء أبيها وأبناءه إليه، وكذا زواجه من حفصة، حتى أنه لم طلقها النبي(ص) بعد ما تظاهرت هي وعائشة عليه(ص)، حثى عمر على رأسه التراب، فراجعها النبي(ص).بل قد قيل أنه(ص) أراد أن يساوي بين أبي بكر وعمر، فتـزوجها كما تزوجت بنت أبي بكر.
ومنها: أن يكون الدافع لذلك أمراً دينياً، وهذا له نحوان في زوجاته(ص):
الأول: زواجه بجويرية، واسمها برة بنت الحارث سيد بني المصطلق، حيث أسرت بعد غزوة بني المصطلق، ومعها مئتا بيت بالنساء والذراري، وقد كان لزواج النبي(ص) منها أثر عملي من ناحيتين، من ناحية المسلمين، حيث أنهم أقدموا على عتق ما كان تحتهم من بني المصطلق وفكوا أسرهم، لأنهم أصبحوا أصهاراً لرسول الله(ص)، ومن ناحية بني المصطلق، إذ أثر ذلك فيهم تأثيراً بالغاً وحبب الإسلام إليهم، لما رأوا من فعل حسن منه(ص)، فأسلموا جميعاً وقد كانوا خلقاً كثيراً، بل ترك هذا الفعل النبوي العظيم أثره حتى في وسط القبائل العربية.
الثاني: زواجه(ص) بزينب بنت جحش، بعدما طلقها زيد بن حارثة، لأن المعروف في الجاهلية أن الربيب ابن، وليس للمربي الزواج من زوجة ربيبه، بل كان الإقدام على ذلك عيباً عندهم، وقد أراد الله سبحانه وتعالى نفي هذا الأمر، وبيان بطلانه، فأمر نبيه(ص) أن يتزوج زينب بنت جحش لإبطال هذا المعتقد.
خاتمة:
وقد اتضح من خلال ما تقدم، وجود بعض النصوص المتناثرة في المصادر الإسلامية التي تحمل صورة سلبية عن الرسول(ص)، وقد عرفت الحاجة إلى ضرورة تنقية المصادر الإسلامية من هذه الإسرائيليات، وهذا كما عرفنا يلقى على عاتق المسؤولين عن الأبعاد العلمية والمعرفية، ويبقى على عامة المسلمين مسؤولية أخرى تتمثل في قيامهم بالتعرف الفعلي على شخصية النبي الأكرم محمد(ص)، ورسم حقيقة واقعية من سيرته العطرة، وفقاً لما تضمنته آيات القرآن الكريم، وجاءت به المصادر الحديثية المعتبرة، على لسان أهل البيت(ع)، حتى يتسنى للمجتمعات الغربية أن تعرف من هو رسول الإنسانية، وتحيط بذلك خبراً، ويكون في هذا العمل أفضل طريقة لتصحيح كل رؤية محرفة أو زائفة، وخاطئة أريد بها المساس من رسول الله(ص).
ويلزم على الجهات الدولية أن تتخذ موقفاً حازماً تجاه كل من يقوم بمثل هذه الأعمال، من خلال سن قانون دولي يجرم كل من يسئ إلى شيء من المقدسات، والشخصيات المحترمة في الأديان.
[1] سورة العلق الآيات رقم 1-3.
[2]صحيح البخاري كتاب بدء الوحي، كتاب التفسير، كتاب التعبير، وورد في صحيح مسلم أيضاً في بدء الوحي.
[3]بحارا الأنوار ج 15 ص 200.
[4]لاحظ هذه الكلمات وغيرها في كتاب الإصابة ج 3 ص 633- 635.
[5]إرشاد الساري ج 1 ص 67.
[6]السيرة الحلبية ج 1 ص 252.
[7]بحار الأنوار ج 18 ح 16 ص 262.
[8]أشار لذلك السيد الطباطبائي(ره) في تفسيره الميزان سورة النساء الآيات 2-6 ج 4 ص
[9]نقلاً عن سيرة المصطفى(ص) ص 464-465.