العِلّة من خروج المؤمن من الكافر وخروج الكافر من المؤمن .
وهل وُلِدَ النبي محمد (ص) من أبويين كافرين ؟
وما معنى قول النبي : « أنا ابن الذبيحين » ؟

*
إنّ الله تعالى يُخرِجُ الخبيث من الطيّب ويخرج الطيّب من الخبيث . فهذا ابن نبيّ الله نوح (عليه السلام) خرج كافراً من صلب أبيه النبي . قَالَ تَعَالَى : ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ - [سُّورَةُ هُودٍ : 45 - 46.]
وهذا محمّد بن أبي بكر على طرف نقيض مع أبيه ، فهو من خُلّص أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقد قُتِلَ في سبيل الدفاع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) . والآية الكريمة قاضية بذلك : قَالَ تَعَالَى : ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى - [سُّورَةُ فَاطِرٍ : 18.]

ولقد بيّن الأئمة (عليهم السلام) عِلّة خروج المؤمن من الكافر وخروج الكافر من المؤمن .
وبيّنوا أيضاً علّة إصابة المؤمن السيئة وإصابة الكافر الحسنة .
عَنْ الْإِمَامِ السَّجَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ النَّبِيِّينَ مِنْ طِينَةِ عِلِّيِّينَ وَأَبْدَانَهُمْ ، وَخَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ وَخَلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ ، وَخَلَقَ الْكَافِرِينَ مِنْ طِينَةِ سِجِّينٍ وَقُلُوبَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ ، فَخَلَطَ بَيْنَ الطِّينَتَيْنِ فَمِنْ هَذَا الذي يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ وَيَلِدُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ ، وَمِنْ هَاهُنَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ السَّيِّئَةَ وَيُصِيبُ الْكَافِرُ الْحَسَنَةَ ، فَقُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ تَحِنُّ إِلَى مَا خُلِقُوا مِنْهُ ، وَقُلُوبُ الْكَافِرِينَ تَحِنُّ إِلَى مَا خُلِقُوا مِنْهُ .
المصدر : (علل الشرائع : ج1، ص82.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ نُطْفَةَ الْمُؤْمِنِ لَتَكُونُ فِي صُلْبِ الْمُشْرِكِ فَلَا يُصِيبُهُ مِنَ الشَّرِّ شَيْ‏ءٌ حَتَّى إِذَا صَارَ فِي رَحِمِ الْمُشْرِكَةِ لَمْ يُصِبْهَا مِنَ الشَّرِّ شَيْ‏ءٌ حَتَّى تَضَعَهُ فَإِذَا وَضَعَتْهُ لَمْ يُصِبْهُ مِنَ الشَّرِّ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ فِي صُلْبِ الْكَافِرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَصَاةِ فِي اللَّبِنَةِ ، يَجِي‏ءُ الْمَطَرُ فَيَغْسِلُ اللَّبِنَةَ وَلَا يَضُرُّ الْحَصَاةَ شَيْئاً .
المصدر : (الكافي : ج2، ص13.)

بالنسبة إلى آباء النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
فإنّ معظم مذاهب المسلمين تقول أنّ :
أبو النبي عبد الله بن عبد المطلب (عليه السلام) كافر وفي النار .
أُم النبي آمنة بنت وهب (عليها السلام) كافرة وفي النار .
عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب (عليه السلام) كافر وفي النار .
جد النبي عبد المطلب بن هاشم (عليه السلام) كافر وفي النار .
في حين تقول الآية 218 من سورة الشعراء : ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ . التي بيّنت أنّ النبي محمد قد وُلِدَ في أصلاب الساجدين ، أي في أصلاب الآباء الموحدين والعابدين لله تعالى ، آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه الله نبياً . وقد كان أبواه موحدان على دين الحنيفية السمحاء دين جدّهما إبراهيم الخليل (عليه السلام) .
وبقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ مِنْ لَدُنْ آدَمَ » . « لَمْ يَزَلْ يَنْقُلُنِيَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إِلَى أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ حَتَّى أَخْرَجَنِي فِي عَالَمِكُمْ هَذَا ، لَمْ يُدَنِّسْنِي بِدَنَسِ الْجَاهِلِيَّةِ » . ولو كان في آبائه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كافرٌ لم يصف جميعهم بالطهارة مع قوله تعالى : ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 28.] ومع قوله سبحانه : ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - [سُّورَةُ النُّوْرِ : 3.]
وقد أورد الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر - كتاب المناقب : الجزء : ( 1 ) - الصفحة : ( 190 ) : 225 - أحاديث أنّ جميع آبائه وأمهاته على التوحيد : أن جميع آبائه عليه السلام وأمهاته كانوا على التوحيد ، لم يدخلهم كفر ولا عيب ولا رجس ، ولا شيء مما كان عليه أهل الجاهلية - وقد ذكر الباجوري في حاشيته على جوهرة التوحيد أنها بالغة مبلغ التواتر يعني المعنوي .

عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
هَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَفَّعَكَ‏ فِي خَمْسَةٍ ، فِي بَطْنٍ حَمَلَكَ وَهِيَ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَفِي صُلْبٍ أَنْزَلَكَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَفِي حَجْرٍ كَفَلَكَ وَهُوَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ ، وَفِي بَيْتٍ آوَاكَ وَهُوَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو طَالِبٍ ، وَفِي أَخٍ كَانَ لَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
قِيلَ‏ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الْأَخُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
كَانَ آنِسِي وَكُنْتُ آنِسَهُ ، وَكَانَ سَخِيّاً يُطْعِمُ الطَّعَامَ‏ .
المصدر : (البحار : ج15، ص126، عن الخصال.)

معنى قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ » .
عَنْ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
« أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ » ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) . أَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَهُوَ الْغُلَامُ الْحَلِيمُ الَّذِي بَشَّرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ،‏ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ‏ وَهُوَ لَمَّا عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِهِ‏ ﴿قالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ , وَلَمْ يَقُلْ لَهُ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا رَأَيْتَ‏ ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ . فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَبْحِهِ فَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى‏ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏ بِكَبْشٍ أَمْلَحَ ، يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ وَيَشْرَبُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ وَيَبُولُ‏ فِي سَوَادٍ ، وَكَانَ يَرْتَعُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ عَاماً . وَمَا خَرَجَ مِنْ رَحِمِ أُنْثَى وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ‏ ﴿كُنْ ، فَكَانَ لِيَفْدِيَ بِهِ إِسْمَاعِيلَ . فَكُلُّ مَا يُذْبَحُ بِمِنًى فَهُوَ فِدْيَةٌ لِإِسْمَاعِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَهَذَا أَحَدُ الذَّبِيحَيْنِ .
وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ تَعَلَّقَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ ، وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْزُقَهُ عَشَرَةَ بَنِينَ وَنَذَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَذْبَحَ وَاحِداً مِنْهُمْ مَتَى أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ ، فَلَمَّا بَلَغُوا عَشَرَةً قَالَ : « قَدْ وَفَى اللَّهُ تَعَالَى لِي فَلَأَفِيَنَ‏ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » . فَأَدْخَلَ وُلْدَهُ الْكَعْبَةَ وَأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَكَانَ أَحَبَّ وُلْدِهِ إِلَيْهِ ، ثُمَّ أَجَالَهَا ثَانِيَةً فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ أَجَالَهَا ثَالِثَةً فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَحَبَسَهُ وَعَزَمَ عَلَى ذَبْحِهِ ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ وَمَنَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِينَ وَيَصِحْنَ . فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ عَاتِكَةُ : « يَا أَبَتَاهْ ، أَعْذِرْ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَتْلِ ابْنِكَ »! قَالَ : « وَكَيْفَ أُعْذِرُ يَا بُنَيَّةِ ؟ فَإِنَّكِ مُبَارَكَةٌ » . قَالَتْ : « اعْمِدْ عَلَى تِلْكَ السَّوَائِمِ‏ الَّتِي لَكَ فِي الْحَرَمِ ، فَاضْرِبْ بِالْقِدَاحِ عَلَى ابْنِكَ وَعَلَى الْإِبِلِ وَأَعْطِ رَبَّكَ حَتَّى يَرْضَى » .
فَبَعَثَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى إِبِلِهِ فَأَحْضَرَهَا وَعَزَلَ مِنْهَا عَشْراً ، وَضَرَبَ بِالسِّهَامِ فَخَرَجَ سَهْمُ عَبْدِ اللَّهِ فَمَا زَالَ يَزِيدُ عَشْراً عَشْراً حَتَّى بَلَغَتْ مِائَةً فَضَرَبَ فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَكَبَّرَتْ قُرَيْشٌ تَكْبِيرَةً ارْتَجَّتْ لَهَا جِبَالُ تِهَامَةَ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : « لَا حَتَّى أَضْرِبَ بِالْقِدَاحِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ » . فَضَرَبَ ثَلَاثاً كُلَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ السَّهْمُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ اجْتَذَبَهُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ وَأَخَوَاتُهُمَا مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ ، فَحَمَلُوهُ وَقَدِ انْسَلَخَتْ جَلْدَةُ خَدِّهِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْأَرْضِ ، وَأَقْبَلُوا يَرْفَعُونَهُ وَيُقَبِّلُونَهُ وَيَمْسَحُونَ عَنْهُ التُّرَابَ ، وَأَمَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنْ تُنْحَرَ الْإِبِلُ بِالْحَزْوَرَةِ وَلَا يُمْنَعَ أَحَدٌ مِنْهَا وَكَانَتْ مِائَةً .
فَكَانَتْ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَمْسٌ مِنَ السُّنَنِ أَجْرَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِسْلَامِ ، حَرَّمَ نِسَاءَ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ ، وَسَنَّ الدِّيَةَ فِي الْقَتْلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَكَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ، وَوَجَدَ كَنْزاً فَأَخْرَجَ مِنْهُ الْخُمُسَ ، وَسَمَّى زَمْزَمَ حِينَ حَفَرَهَا سِقَايَةَ الْحَاجِّ . وَلَوْ لَا أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ كَانَ حُجَّةً وَأَنَّ عَزْمَهُ عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ شَبِيهٌ بِعَزْمِ إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ ، لَمَا افْتَخَرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِالانْتِسَابِ إِلَيْهِمَا . لِأَجْلِ‏ أَنَّهُمَا الذَّبِيحَانِ فِي قَوْلِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : « أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ » . وَالْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الذَّبْحَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ هِيَ الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا دَفَعَ الذَّبْحَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، وَهِيَ كَوْنُ النَّبِيِّ وَالْأَئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) فِي صُلْبَيْهِمَا .
فَبِبَرَكَةِ النَّبِيِّ وَالْأَئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) دَفَعَ اللَّهُ الذَّبْحَ عَنْهُمَا فَلَمْ تَجْرِ السُّنَّةُ فِي النَّاسِ بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ كُلَّ أَضْحًى التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَتْلِ أَوْلَادِهِمْ ، وَكُلُّ مَا يَتَقَرَّبُ النَّاسُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أُضْحِيَّةٍ فَهُوَ فِدَاءٌ لِإِسْمَاعِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
المصدر : (البحار : ج15، ص128، عن عيون أخبار الرضا (ع).)