فيلم (Rebel in the Rye) ثائر في حقل الشوفان

فيلم جميل، يجذبك فلا يجعلك تلتفت إلى شيء آخر غير متابعته حتى النهاية، يتحدث عن كاتب أميركي يدعى سالينجر كان والده يود أن يكون تاجرا للحم والجبن لكنه أراد لنفسه أن يكون كاتبا. حذره أستاذه في الجامعة التي التحق بها لتعلم مهارة الكتابة الإبداعية من أن الكتابة لا تطعم صاحبها خبزا، وأنه إن أراد أن يكون كاتبا عظيما فعليه أن يهب نفسه للكتابة ولا يتوقع من ورائها شيئا.
التحق الشاب سالينجر بالجيش الأميركي جنديا محاربا لهتلر في أوروبا، وهناك عايش فظائع الحرب، وكتب عن شخصية تسمى هولدن في اوقات فراغه بالمعسكر وأثناء تنقله طوال خدمته، كتب عن أفكار هولدن ومشاعره والمواقف التي مرت به.
بعد الحرب عانى من آثارها التي انطبعت في نفسه، فكانت تأتيه الكوابيس، وكان يرى صور القتلى أثناء النهار ماثلة أمام عينيه.
تعرف إلى معلم بوذي فساعده مساعدة كبيرة في التخلص من تمزقات روحه وتشتت عقله وأعاد إليه سلامه المفقود حتى عاود الكتابة بعد توقف طويل.
كان يكتب بتدفق فكري وشعوري فقط من أجل الكتابة لا من أجل النشر أو الشهرة. كان يكتب ما يستشعره بصدق، وكان يستمع أحيانا لنصائح أستاذه الذي علمه بعضا من فن الكتابة أثناء دراسته بالكلية والذي أصبح فيما بعد مقربا منه، كما كان أحيانا ولو بصعوبة بالغة يستجيب لطلب دار النشر بالاختصار والبعد عن الإسهاب.
نشر رواية هولدن فلقيت قبولا منقطع النظير لدى الرأي العام الأميركي، لقد قرأها الناس فوجدوا أنفسهم فيها. ونشر بعدها بعض المجموعات القصصية والروايات ومنها رواية ثائر في حقل الشوفان التي ترجمت لنعظم لغات العالم، لكنه قرر في لحظة ما أن ينعزل وأن يتفرغ للكتابة دون النشر، فقد شعر أن ذلك يحقق له السعادة والسكينة والسلام، وظل على هذا الحال، يكتب في عزلته، وشهرته رغم عدم نشره شيئا جديدا تزداد. ظل على هذا الخال إلى أن وافته المنية عن عمر يناهز ٩١ عاما.
الفيلم رائع في التمثيل والتصوير ونقل المشاعر الداخلية لأبطاله. والأروع هذه الحكم المستخلصة من دروس الحياة ولحظات الشفافية التي تمر بالنفس فتتحدث بالحقيقة التي تغيب عنا بفعل حُجب التشتت والإلهاء.
حقا إنه يستحق المشاهدة.