تعد قراءة كتبُ السير الذاتية أكثر ما يشد فهي تضفي نكهة خاصة، تماماً كالأحاديث الجانبية، فهي تعبر عن انفعالات الكاتب وتجاربه ومشاعره تجاه ما يحدث من حوله.
والسير الذاتية تعبيرٌ عما يجول في خاطر الشخص، فتنقلكَ من أزمنة إلى أخرى وتثير المشاعرَ في القلب.
نضع بين يديك بعض السير الذاتية، التي يمكنكَ قراءتها
عبدالرحمن البدوي.. سيرة حياتي
من اطلع على كتابات عبدالرحمن البدوي وأعماله وتحولاته الفكرية سيدرك حجم الانقلاب الذي عاشه والعمق الذي جسدهُ في "سيرة حياتي". فهو فيلسوف ورجل مخضرم امتدت حياته الثقافية من الثلاثينيات حتى التسعينيات. يتحدث في سيرته التي تتكونُ من جزأين عن أحد أهم المفكرين البارزين في مصر، والذي كانت له إسهامات كبيرة في مجال التأليف.
يتطرق المؤلف إلى أحداث حياته بكل مجرياتها، والتي تزامنت مع أحداث مهمة على كل الأصعدة، السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية في مصر.
كان لهذه المجريات تأثير على مسيرته الفكرية التي تعكس نضال أهل الفكر، بصورة عامة والبدوي بصورة خاصة، دفاعاً عن مبادئهم من ناحية، وفي سبيل إتمام رسالتهم من ناحية أخرى.
رحلتي الفكرية.. عبد الوهاب المسيري
بالرغم من أن سيرة عبد الوهاب المسيري تطرقت لمواقف فسرها بحسب فكره وطورها لتصير حياتهُ رحلةً فكريةً، غير أنها رحلة المؤلف الفردية، فهو الذى تفاعل مع ما حوله من تجارب منذ أن وُلد فى دمنهور، ونشأ فيها إلى أن انتقل إلى الإسكندرية ومنها إلى نيويورك ثم أخيراً إلى القاهرة حيث استقر به المقام.
فإذا كانت هذه الرحلة الفكرية، سيرة غير ذاتية، فهي أيضاً سيرة غير موضوعية، ولهذا فهو لا يذكر القضايا الفكرية المجردة وحسب، وإنما يشفعها دائماً بأحداث من حياته أو اقتباسات من كتاباته تبين كيف ترجمت القضية الفكرية العامة نفسها إلى أحداث ووقائع، وذلك بأسلوب المؤلف السلس والعميق والساخر. وهذه الطبعة الجديدة تتميز ببعض الإضافات، وأهمهما ملحق صور كبير يتناول رحلة المؤلف ومحطات حياته المختلفة.
سجن العمر.. توفيق الحكيم
سجن العمر هي سيرة ذاتية لتوفيق الحكيم، وهي واحدة من أجمل السير الذاتية في الأدب العربي وأكثرها إمتاعاً. أراد من خلالها أن يتتبع ذلك الشيء "الطبع الذي يتخبط بين قضبان سجنه طول العمر"، على حد تعبيره. أراد أن يكتشف نفسه، ويرى من أين تفتقت في تلك الحياة التي عاشها، أمن أبيه أم من أمه أم الظروف أم الجميع أم ماذا؟
ما يميز الكتاب بشدة هو تعرفك على الحكيم الإنسان، أن يقدم لك تاريخ عائلته قبل أن يولد، وأن يقدم لك خوفه ورهبته من سجن "الطباع"، وأن يقدم لك لماذا يخاف من القراءة ولماذا اختار الحياة وحيداً.
حياتي.. أحمد أمين
يحاول أحمد أمين في كتابه أن يسرد بأسلوب شيق ما مر به من تجارب في حياته بدءاً من مرحلة الطفولة والشباب التي قضاها في مدرسة أم عباس الابتدائية النموذجية، والتي انتقل بعدها إلى الدراسة في الأزهر ومدرسة القضاء، مروراً بمرحلة الشباب والرجولة التي تنقّل فيها بين مناصب القضاء والتدريس، ثم انتهاءً بوصوله إلى الجامعة التي عُيِّن فيها أستاذاً وعميداً لكلية الآداب.
عاصر أمين خلال تلك الفترة نخبة من عظام المفكرين المصريين أمثال: طه حسين، وأحمد لطفي السيد وغيرهما، وميزة هذا الكتاب أنه لا يطل بنا فقط على الحياة الشخصية للمؤلف، بل يطلعنا أيضاً على الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية السائدة في أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20.
ماذا علمتني الحياة.. جلال أمين
استعان جلال أمين بسيرته الذاتية لسبر المجتمع الذي نشأ فيه عميقاً وبقلم شديد السلاسة، فإذا به يقارن بين ظروف نشأته وظروف نشأة والده، ومن ثم أولاده وأحفاده، ويتحدث عن ظواهرها وأصولها العامة، فيربط الخاص بالعام، ويتحول الفرد إلى مرآة عاكسة لمجتمعه. ويتحول كتاب السيرة الذاتية إلى كتاب يتناول حياة أجيال بأكملها.