بين يدي القائم الجزء الثالث (العلاقة مع الامام المهدي المنتظر (عج) في غيبته 1)
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع):
(اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني).
مقدمة:
إن هذا الدعاء يتحدث عن اول واجبات العلاقة مع الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه المقدم على كل واجب منها الا وهو معرفة الإمام التي لا تكون الا بتوفيق وتيسير من الله وبتوسط معرفة الله ورسوله.
(لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها).
إن أي علاقة مع الإمام المهديعجل الله تعالى فرجه انما تختلف بعمقها وسموها بحسب نوع المعرفة وعمقها ودرجتها.
(من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).
والواجب ان تكون علاقتنا به علاقة مأموم بإمام يرجع إليه في كل تفاصيل حياته وهناك اداب ذكرتها الروايات الشريفة سنقتصر على ذكر ثلة منها قدمناها على غيرها للحاجة وللأهمية وهي كما يلي:
1 - مؤاساته في غيبته تألماً وبكاءً والتشوق لرؤيته:
وهذه الاداب مما تواترت بها الروايات والأدعية والزيارات عن أئمة الهدى.
والتي تؤكد في النفس شدة تألمه هو نفسه من طول غيبته وغربته الموجبة لتألم وتحرق محبيه مواساتاً له فمن دعاء الندبة نقرأ:
(عزيز علي ان ارى الخلق ولا ترى، ولا اسمع لك حسيساً ولا نجوى، عزيز علي ان لا تحيط بي دونك البلوى...).
وهذا يومىء الى ضرورة تأصيل ليس فقط الحرقة والغصة والألم لفراقه وطول غيابه بل المشاركة له في تحمله الم الفراق لأنه اشد شوقاً الى الإياب من غيبته من اي مشتاق اخر ولذا هو اشد الماً من اي متألم اخر. ويفترض ان تكون هذه الشكوى وهذا الألم والبكاء بشكل جماعي ومشترك:
(... هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء، هل من جزوع فاساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى).
ولقد كان أئمة أهل البيت يتحرقون شوقاً اليه ويتألمون من غيبته فهذا امير المؤمنين علي عليه السلام يضرب عند ذكره له على صدره قائلاً (هاه) من شدة شوقه، وهذا صادق أهل البيت عليهم السلام يناديه ملتاعاً متألماً:
(سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك اوصلت مصابي بفجائع الأبد، فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد فما احس بدمعة ترقى من عيني وانين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا...).
فاذا كان هذا حال أئمة الهدى فما بالنا لا نردد بالقلب قبل اللسان:
(اللهم ارني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني اليه...)
ولعلنا نستطيع ان نعد من ايات الشوق لرؤية طلعته البهية في دعاء الندبة أكثر من ثلاثين فقرة ينادي بها الدعاء اين... اين... اين.
وهي امنية الشائق:
(... بنفسي انت امنية شائق يتمنى من مؤمن ومؤمنة إذا حنا).
2 - الصلاة عليه والدعاء له بالفرج:
وهذا ايضاً مما تمتليء به نصوص العترة الطاهرة على اختلافها فمن دعاء الإفتتاح:
(اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر...).
والدعاء نفسه أيضاً فيه فقرات عظيمة من الدعاء بفرجه.
وفي غير دعاء الإفتتاح نقرأ:
(وصل على الخلف الصالح الهادي المهدي... اللهم وصل على وليك المحي سنتك القائم بأمرك الداعي إليك والدليل عليك...).
3 - التوسل به في المهمات وطلب الحوائج:
إن الإمام المهديعجل الله تعالى فرجه هو ولي الله في ارضه وعين الله في خلقه وهو بقية الباب المبتلى به الناس وقد وود في دعاء الندبة: (... أين باب الله الذي منه يؤتى، أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء، أين السبب المتصل بين اهل الأرض والسماء...).
وقد ورد ايضاً عن الامام الرضا عليه السلام: »إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله عز وجل وهو قوله: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).
ولقد كانت سيرة العلماء والعرفاء انهم إذا اهمهم امر ونزلت بهم حاجة او ضائقة توسلوا بأهل بيت العصمة لا سيما حجة الله عجل الله تعالى فرجه لطلب الفرج.
ونذكر في هذا الإطار حادثة: »في أثناء حرب عناقيد الغضب التي شنها الصهاينة على المقاومة الإسلامية وبعد تفاقم الأمور واشتدادها وشعور الإمام الخامنئي بالخطر الشديد قام (دام ظله الوارف) بالإنتقال في احدى الليالي تلك من مقر اقامته في طهران الى مسجد جمكران بالقرب من قم المقدسة واخذ يصلي ليلتها ويتوسل الى الله بالإمام الحجةعجل الله تعالى فرجه ليحفظ وينصر المقاومة فلم يتأخر الأمر الإلهي بفضل الله والطاف صاحب العصر والزمان.
فهذا الإمام القائد يقطع المسافات ليصلي وليتوسل بالإمام في الأمور الخطيرة والمهمة فما بالنا لا نتأسى به.
وقد ورد عن أئمة أهل البيت عليه السلام هذا التوسل:
(اللهم اني أسألك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان الا اعنتني به على جميع اموري...).
يتبع ....