بين يدي القائم «عجل تعالى الله فرجه الشريف» (الجزء الأول التمهيد لظهور الحجة المنتظر«عج»)
{".... ولو إن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد لما تأخر عنهم أليُمّن بلقائنا و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا ..."}
من توقيعه «عجل الله تعالى فرجه الشريف » الصادر الى الشيخ المفيد
مقدمة :
لقد اضحت من المشهور في عصرنا هذا ومن الأمور التي لا يشك فيها عاقل ان هنالك نوعين من الانتظار احدهما يعبر عنه بالانتظار السلبي وهو يعني القعود وترك العمل للظروف و حوادث الايام والثاني هو الانتظار الايجابي الذي يقترن بالعمل و الجهاد واعداد العده و الاستعداد لظهور الامام المهدي (عج) المبارك .
و بنظر هؤلاء فأن الامام انما غاب نتيجة عدم نضوج الظروف الموضوعية لقيامه بالأمر فالأنتظار اذن هو العمل على انضاج الظروف الموضوعية للمشروع المهدوي بمعنى العمل على استرجاع الغائب من غيبته و لذا كان التعبير في التوقيع المذكور انفا.
{... ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا...}
الانتظار يعني العمل والتمهيد ، تمهيد الارض لقيام دولة العدل الالهي و انه لشرف اعظم الشرف ان يكون المرء فاعلا في تحقق المشروع الالهي هذا .
هل تستقيم للأمام (عج) الامور بلا عمل؟
الجواب :
عن الامام الصادق (ع) حيث قال له احدهم : انهم يقولون : ان المهدي (عج)لو قام لأستقامت له الامور عفواً و لا يريق محجمة دم ، فقال (ع) : ( كلا ، والذي نفسي بيده لو استقامت عفواً لأستقامت لرسول الله (صٓ) حيث ادميت رباعيته و شج في وجهه ، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وانتم العرق والعلق ثم مسح جبهته ).
ما اروعها من رواية تلخص المطلوب لتحقق المشروع الالهي و هي :
١- حضور الامام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف ) وقيادته للمشروع حين قال : …نحن …
٢- وجود انصار جاهزون ومهيأون …قال : … انتم …
٣- العمل مشترك من القيادة ( الامام ) والقاعدة حيث عبر بـ : …نمسح …
٤- العمل على نوعين :
أ-جهد و كد و تعب : ( …نمسح العرق…)
ب-جهاد بما يعني الجرح والقتل : (…نمسح …العلق …)
و اللافت ان الامام استخدم القسّم مرتين بالذي نفس المعصوم بيده مكرراً النفي بـ كلّا بعد كلا القسّمّين الاولى لنفي التوهم الوارد في السؤال عن عدم الحاجة للعمل والجهاد في التمهيد والثاني لتأكيد احتياج الامر الى جهاد وجهد وبذل ودماء .
وهذا يعني وجود افراد على جهوزية عالية عقائدياً و نفسياً و بدنياً و من حيث الكفاءات لاستقامة امر القائم «عجل الله تعالى فرجه الشريف »
هل هذا الاعداد فردي ؟
بمعنى ان المطلوب والكافي بأن تكون حركة التمهيد حركة فردية اي ان يصلح كل فرد نفسه على حدى او ان التمهيد عملية جماعية ؟
بالنظر الى مشروع الدولة المهدوية نستنتج انه مشروع شمولي يشمل ليس فقط كل البشر بل حتى باقي المخلوقات ، ولا يشمل فقط الحياة الفردية بل يشمل النظام العام والحياة العامة من حكومة وانظمة وغير ذلك ، فالرواية تعبر بـ: ( …يملؤها قسطاً وعدلاً…)
لا تعني فقط ملء الامكنة و البلدان بل تشمل نواحي الحياة جميعاً بجميع اشكالها .
وهذا يفترض وجود افراد على كفاءة في كافه هذه الميادين .
ثم ان العقبات التي تحول دون قدومه ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) والتي قد تواجه مشروعه بعد قدومه المبارك ليست افراداً فقط بل دول وانظمة و جماعات بل امم منحرفه وظالمه وطاغية فهل ياترى يمكن ازالت هذه المعوقات و مجابهتها بشكل فردي ....
بل حتى الروايات التي تحدثت عن اصحابه تحدثت عنهم بأنهم واجدون لكل ما يطمح اليه فهو لا يحتاج بعد ظهوره الى اعادة اعدادهم و قد كان التعبير بـ ( ... ويكفونه ما يريد فيهم ...)
فإذن تحصل ان التمهيد عمل جماعية و من جمله حركة التمهيد اعداد و تجهيز الاصحاب .
من الذي يقوم بقيادة حركة التمهيد ؟
اذا كانت عملية التمهيد جماعية فهي تحتاج الى اجهزة كما تحتاج افراداً، وهي بما انها مشروع جماعي فهي تفرض وحدة و الوحدة تفرض قيادة موحدة .
ولننظر ما يقوله التوقيع الشريف : ( لو ان اشياعنا وفقهم الله لطاعته على إجتماع من القلوبلا في الوفاء بالعهد لما تأخر عنهم أليُمّن بلقائنا....)
المكاتبة تتحدث عن شرط الظهور وهو اجتماع القلوب و هو عين معنى الوحدة والاجتماع وقوام الوحدة الوفاء بالعهد للأمام المنتظر ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )اي اجتماع على قضية الامام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ).
ومن نافل القول ان الانتماء العقائدي لا يكفي لانه لو كان هو الشرط لكان الخروج من زمن قديم بل ان الوحدة و الاجتماع هما في اطار العمل وصب الجهد في مشروع التمهيد لا بشكل عشوائي بل بشكل منظم له قيادة وله نظام فمن هو قائد هذه الحركة وهذا النظام ؟
( اما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها الى رواة حديثنا ....)
القائد لحركة الممهدين هو الولي الفقيه ، فالولي الفقيه هو قائد هذه الحركة الجماعية والموحدة التي تحمل توقاً الى الامام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وهو الذي يقوم برعاية الجماعات والافراد والاجهزة والمؤسسات التي تعمل على التهيؤ لاستقبال واستقدام الامام من غيبته بما يحتاج اليه من افراد واجهزه ومؤسسات ذوي كفاءة ومهارات وجهوزية للشروع بالحركه الاصلاحية اولاً للعالم تحت لواء الامام (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ثم بناء وادارة دولة العدل الالهي على كل الارض ، وقد ورد في صفتهم ودورهم : (...هم النجباء والقضاة والحكام ...)
ويكفي في الختام ان نقرأ الرواية الواردة عن الامام الرضا (ع)في حق العلماء : { لولا من يبقى من بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين اليه و الدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعاف عباد الله من شباك ابليس ومردته ومن فخاخ النواصب ، لما بقي احد الا ارتد عن دين الله ، ولكنهم الذين يمسكون ازمة قلوب الضعفاء الشيعه كما يمسك صاحب السفينه سكانها اؤلاءك هم الافضلون عند الله عز وجل ...)
لاحظ اشارة الرواية الى قيادة هؤلاء حيث شبههم الرضا (عليه السلام ) بربان السفينه .
و الحمد لله رب العالمين .
رابط الجزء الثاني