الاوراق الاقتصادية الملونة...والمعوق السياسي
لـ حامد رحيم
بعيدا عن مناقشة مضمون ورقة الحكومة الاخيرة ذات اللون ( الابيض) والتي استندت الى الفلسفة الاقتصادية المعتمدة لدى صندوق النقد الدولي تحت عنوان ( التثبيت الهيكلي) ومن يرغب معرفة تلك الفلسفة يجدها منشورة بوضوح على مواقع النت المعتمدة.
ان تلك الورقة هي ليست جديدة بمحتواها بل سبقتها اوراق عديدة بدأت بيضاء وربما وردية وانتهت بلون ( السخام) العاتم بسبب العامل السياسي البائس الذي لايقوى على ان يحقق شيء للاقتصاد العراقي المتأكل من كل جوانبه.
ان التحليل الاقتصادي القائم على تصنيف المتغيرات يذهب الى تصنيفها الى داخلية واخرى خارجية ..فالاولى في ظل التحليل الساكن قد تقود الى تصورات وهمية على سبيل المثال ان فرصة نجاح الصناعات البتروكيمياوية في العراق تكون ذات فرصة كبيرة ومردودها عالي جدا كون الموارد متاحة بشكل كبير مما يشكل فرصة لتميز هذه الصناعة وفقا لمبدأ الميزة النسبية التنافسية ..وهذا ما يعد تحليل داخلي ساكن.
اما مع ادخال متغيرات خارجية تجعل التحليل ديناميكي نقف عند الاستقرار الامني والارادة السياسية وفاعلية المصالح الاقتصادية المتناقضة مع اجندات الشركاء التجاريين للعراق والتي تعوق اي مشروع اصلاحي وعلى راس ذلك الفساد والتبعية للخارج من قبل الفاعل السياسي العراقي...مما يجعل الحكم يتغير تماما عن التحليل الاول الداخلي.
ان المتابع للخطط التنموية التي وضعتها الحكومات السابقة لاتقل اهمية ان لم تكن متماثلة الى حدا كبير مع ورقة الحكومة الحالية واخرها رؤية عام ٢٠٢٣....لكنها دون اثر معتد به على الواقع الاقتصادي بسبب فاعلية المتغيرات الخارجية التي تقلب المعادلة دائما.
ان معالجة الواقع الاقتصادي عبر الاوراق الملونة عبر كل هذه السنين كانت ضحية لتجاذبات قوى الفساد في البرلمان والاروقة الحكومية والاجندات الخارجية للشركاء التجاريين ..وهذا ما نشاهد اليوم من نماذج امثال ( مثنى السامرائي) الذي يتصدر الفضائيات باعتباره عضوا فعلا في اللجنة المالية للبرلمان وهو المتهم بقضايا فساد مقرفة خصوصا في وزارة التربية نشاهده يتصدر الفضائيات محللا للورقة البيضاء ويداه مملوءة بسخام الفساد...مع الاعتبارات الاخرى المتمثلة بالحسابات الانتخابية للكتل التقليدية وصراعها حول مبدأ من يحصل مكاسب في الشارع اي ان هذه الزعامات لن تسمح لخصومها من تحقيق بريق انتخابي عبر اوراقها الملونة....وهذه معوقات افتراضية عرفناه خلال تجاربنا مع هذه الاحزاب.
ملخص مفيد...ان الاصلاح لن يتم الا عبر معالجة المتغيرات الخارجية الفاعلة واولها الارادة عند صاحب القرار وتحجيم الفساد واضعاف ايادي الشركاء التجاريين الذين حولوا العراق الى ارض منخفضة لتكب فيه سلعها وتحقق مكاسبها الاقتصادية على حساب الاقتصاد الوطني.
ان الحكومة الحالية مطالبة بان تقدم براهين اكثر اقناع للشارع قبل ان تقدم ورقتها البيضاء المستنسخة الى حدا ما عن تلك التي تحولت الى سوداء في ما سبق حتى يصار الى عدم اعتبار تلك الورقة شكل من اشكال الدور السياسي للنشاط الاقتصادي والذي خبرناه من السابقين لها..فالخطاب لا يمنح السياسي بريق حقيقي دون فعل واقعي يعالج معوقات المتغيرات الخارجية.