النتائج 1 إلى 6 من 6
الموضوع:

حقيقة الخلافة بعد استشهاد رسول الله محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

الزوار من محركات البحث: 25 المشاهدات : 260 الردود: 5
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: June-2018
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 770 المواضيع: 645
    صوتيات: 42 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 784
    آخر نشاط: 3/October/2024

    حقيقة الخلافة بعد استشهاد رسول الله محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

    حقيقة الخلافة بعد استشهاد رسول الله محمد
    (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

    *
    عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ :
    قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ كَانَ أَحَدٌ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنْكَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِعْلَهُ وَجُلُوسَهُ مَجْلِسَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ؟
    قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) :
    نَعَمْ ! كَانَ الَّذِي أَنْكَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ :
    خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ ،
    وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ .
    وَمِنَ الْأَنْصَارِ :
    أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ ، وَسَهْلٌ وَعُثْمَانُ ابْنَا حُنَيْفٍ ،
    وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ .
    فَلَمَّا صَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ تَشَاوَرُوا بَيْنَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُ وَلَنُنْزِلَنَّهُ عَنْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ إِذاً أَعَنْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ . فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِنَسْتَشِيرَهُ وَنَسْتَطْلِعَ رَأْيَهُ .
    فَانْطَلَقَ الْقَوْمُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، تَرَكْتَ حَقّاً أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ وَأَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِكَ ، لِأَنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : ﴿عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ ، يَمِيلُ مَعَ الْحَقِّ كَيْفَ مَا مَالَ﴾ . وَلَقَدْ هَمَمْنَا أَنْ نَصِيرَ إِلَيْهِ فَنُنْزِلَهُ عَنْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَجِئنَاكَ لِنَسْتَشِيرَكَ وَنَسْتَطْلِعَ رَأْيَكَ فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَايْمُ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمَا كُنْتُمْ لَهُمْ إِلَّا حَرْباً ، وَلَكِنَّكُمْ كَالْمِلْحِ فِي الزَّادِ وَكَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَأَتَيْتُمُونِي شَاهِرِينَ بِأَسْيَافِكُمْ مُسْتَعِدِّينَ لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَإِذاً لَأَتَوْنِي فَقَالُوا لِي بَايِعْ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ ! فَلَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَدْفَعَ الْقَوْمَ عَنْ نَفْسِي وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوْعَزَ إِلَيَّ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَقَالَ لِي : ﴿يَا أَبَا الْحَسَنِ ، إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ مِنْ بَعْدِي وَتَنْقُضُ فِيكَ عَهْدِي وَإِنَّكَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى ، وَإِنَّ الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِي كَهَارُونَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَالسَّامِرِيِّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ﴾ . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَعْهَدُ إِلَيَّ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : ﴿إِذَا وَجَدْتَ أَعْوَاناً فَبَادِرْ إِلَيْهِمْ وَجَاهِدْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً كُفَّ يَدَكَ وَاحْقِنْ دَمَكَ حَتَّى تَلْحَقَ بِي مَظْلُوماً﴾ . فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) اشْتَغَلْتُ بِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْ شَأْنِهِ ، ثُمَّ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي يَمِيناً أَنْ لَا أَرْتَدِيَ بِرِدَاءٍ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّى أَجْمَعَ الْقُرْآنَ ، فَفَعَلْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِ فَاطِمَةَ وَابْنَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَدُرْتُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ وَأَهْلِ السَّابِقَةِ فَنَاشَدْتُهُمْ حَقِّي وَدَعَوْتُهُمْ إِلَى نُصْرَتِي فَمَا أَجَابَنِي مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ ! سَلْمَانُ وَعَمَّارٌ وَأَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ . وَلَقَدْ رَاوَدْتُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةَ أَهْلِ بَيْتِي فَأَبَوْا عَلَيَّ إِلَّا السُّكُوتَ لِمَا عَلِمُوا مِنْ وَغْرَةِ صُدُورِ الْقَوْمِ وَبُغْضِهِمْ لِلَّهِ وَرُسُلِهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ . فَانْطَلِقُوا بِأَجْمَعِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ فَعَرِّفُوهُ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ قَوْلِ نَبِيِّكُمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَوْكَدَ لِلْحُجَّةِ وَأَبْلَغَ لِلْعُذْرِ وَأَبْعَدَ لَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ .
    فَسَارَ الْقَوْمُ حَتَّى أَحْدَقُوا بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ .
    فَلَمَّا صَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ‏ لِلْأَنْصَارِ :
    تَقَدَّمُوا وَتَكَلَّمُوا .
    فَقَالَ الْأَنْصَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ : بَلْ تَكَلَّمُوا وَتَقَدَّمُوا أَنْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَدَأَ بِكُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿لَقَدْ تابَ اللَّهُ بِالنَّبِيِّ عَلَى الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ .
    قَالَ أَبَانٌ : قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنَّ الْعَامَّةَ لَا تَقْرَأُ كَمَا عِنْدَكَ !
    قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَكَيْفَ تَقْرَأُ ؟
    قَالَ أَبَانٌ : قُلْتُ إِنَّهَا تَقْرَأُ : (لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) .
    فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَيْلَهُمْ فَأَيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ حَتَّى تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَنْهُ ؟!
    إِنَّمَا تَابَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أُمَّتِهِ .
    فَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، ثُمَّ بَاقِي الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ بَعْدَهُمُ الْأَنْصَارُ . وَرُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا غُيَّباً عَنْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، فَقَدِمُوا وَقَدْ تَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَعْلَامُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
    فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ :
    اتَّقِ اللَّهَ يَا أَبَا بَكْرٍ ! فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ وَنَحْنُ مُحْتَوِشُوهُ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ النَّصْرِ وَقَدْ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَئِذٍ عِدَّةً مِنْ صَنَادِيدِ رِجَالِهِمْ وَأُولِي الْبَأْسِ وَالنَّجْدَةِ مِنْهُمْ : ﴿يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظُوهَا وَمُوَدِّعُكُمْ أَمْراً فَاحْفَظُوهُ . أَلَا إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُكُمْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ بِذَلِكَ أَوْصَانِي رَبِّي ، أَلَا وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَحْفَظُوا فِيهِ وَصِيَّتِي وَتُوَازِرُوهُ وَتَنْصُرُوهُ اخْتَلَفْتُمْ فِي أَحْكَامِكُمْ وَاضْطَرَبَ عَلَيْكُمْ أَمْرُ دِينِكُمْ وَوَلِيَكُمْ أَشْرَارُكُمْ . أَلَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي هُمُ الْوَارِثُونَ لِأَمْرِي وَالْعَالِمُونَ لِأَمْرِ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي . اللَّهُمَّ مَنْ أَطَاعَهُمْ مِنْ أُمَّتِي وَحَفِظَ فِيهِمْ وَصِيَّتِي فَاحْشُرْهُمْ فِي زُمْرَتِي وَاجْعَلْ لَهُمْ نَصِيباً مِنْ مُرَافَقَتِي يُدْرِكُونَ بِهِ نُورَ الْآخِرَةِ . اللَّهُمَّ وَمَنْ أَسَاءَ خِلَافَتِي فِي أَهْلِ بَيْتِي فَاحْرَمْهُ الْجَنَّةَ الَّتِي عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ﴾ .
    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اسْكُتْ يَا خَالِدُ فَلَسْتَ مِنْ أَهْلِ الْمَشُورَةِ وَلَا مَنْ يُقْتَدَى بِرَأْيِهِ !
    فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ : بَلِ اسْكُتْ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! فَإِنَّكَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ غَيْرِكَ ! وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّكَ مِنْ أَلْأَمِهَا حَسَباً وَأَدْنَاهَا مَنْصَباً وَأَخَسِّهَا قَدْراً وَأَخْمَلِهَا ذِكْراً وَأَقَلِّهِمْ عَنَاءً عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَإِنَّكَ لَجَبَانٌ فِي الْحُرُوبِ بَخِيلٌ بِالْمَالِ لَئِيمُ الْعُنْصُرِ ، مَا لَكَ فِي قُرَيْشٍ مِنْ فَخْرٍ وَلَا فِي الْحُرُوبِ مِنْ ذِكْرٍ وَإِنَّكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ، فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ .
    فَأُبْلِسَ عُمَرُ وَجَلَسَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ .
    ثُمَّ قَامَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَقَدْ كَانَ امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعَةِ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى وُجِئَ عُنُقُهُ فَقَالَ :
    يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِلَى مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ مَا لَا تَعْرِفُهُ وَإِلَى مَنْ تَفْزَعُ إِذَا سُئِلْتَ عَمَّا لَا تَعْلَمُهُ ؟ وَمَا عُذْرُكَ فِي تَقَدُّمِكَ عَلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَأَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَأَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَمَنْ قَدَّمَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي حَيَاتِهِ وَأَوْصَاكُمْ بِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ ؟ فَنَبَذْتُمْ قَوْلَهُ وَتَنَاسَيْتُمْ وَصِيَّتَهُ وَأَخْلَفْتُمُ الْوَعْدَ وَ نَقَضْتُمُ الْعَهْدَ وَحَلَلْتُمُ الْعَقْدَ الَّذِي كَانَ عَقَدُهُ عَلَيْكُمْ مِنَ النُّفُوذِ تَحْتَ رَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَذَراً مِنْ مِثْلِ مَا أَتَيْتُمُوهُ ، وَتَنْبِيهاً لِلْأُمَّةِ عَلَى عَظِيمِ مَا اجْتَرَمْتُمُوهُ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ . فَعَنْ قَلِيلٍ يَصْفُو لَكَ الْأَمْرُ وَقَدْ أَثْقَلَكَ الْوِزْرُ وَنُقِلْتَ إِلَى قَبْرِكَ وَحَمَلْتَ مَعَكَ مَا كَسَبَتْ يَدَاكَ ، فَلَوْ رَاجَعْتَ الْحَقَّ مِنْ قَرِيبٍ وَتَلَافَيْتَ نَفْسَكَ وَتُبْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَظِيمِ مَا اجْتَرَمْتَ كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِكَ يَوْمَ تَفَرَّدُ فِي حُفْرَتِكَ وَيُسَلِّمُكَ ذَوُو نُصْرَتِكَ ، فَقَدْ سَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا وَرَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا فَلَمْ يَرْدَعْكَ ذَلِكَ عَمَّا أَنْتَ مُتَشَبِّثٌ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي لَا عُذْرَ لَكَ فِي تَقَلُّدِهِ وَلَا حَظَّ لِلدِّينِ وَلَا الْمُسْلِمِينَ فِي قِيَامِكَ بِهِ . فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَلَا تَكُونُ كَمَنْ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ .
    ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ فَقَالَ :
    يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَصَبْتُمْ قَبَاحَةً وَتَرَكْتُمْ قَرَابَةً ، وَاللَّهِ لَيَرْتَدَّنَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَتَشُكَّنَّ فِي هَذَا الدِّينِ وَلَوْ جَعَلْتُمُ الْأَمْرَ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكُمْ سَيْفَانِ ، وَاللَّهِ لَقَدْ صَارَتْ لِمَنْ غَلَبَ وَلَتَطْمَحَنَّ إِلَيْهَا عَيْنُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَيُسْفَكَنَّ فِي طَلَبِهَا دِمَاءٌ كَثِيرَةٌ .
    فَكَانَ كَمَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ .
    ثُمَّ قَالَ :
    لَقَدْ عَلِمْتُمْ وَعَلِمَ خِيَارُكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ : ﴿الْأَمْرُ بَعْدِي لِعَلِيٍّ ثُمَّ لِابْنَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ثُمَّ لِلطَّاهِرِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ . فَأَطْرَحْتُمْ قَوْلَ نَبِيِّكُمْ وَتَنَاسَيْتُمْ مَا عَهِدَ بِهِ إِلَيْكُمْ فَأَطَعْتُمُ الدُّنْيَا الْفَانِيَةَ وَنَسِيتُمُ الْآخِرَةَ الْبَاقِيَةَ الَّتِي لَا يَهْرَمُ شَابُّهَا وَلَا يَزُولُ نَعِيمُهَا وَلَا يَحْزَنُ أَهْلُهَا وَلَا يَمُوتُ سُكَّانُهَا بِالْحَقِيرِ التَّافِهِ الْفَانِي الزَّائِلِ ، فَكَذَلِكَ الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُمْ كَفَرَتْ بَعْدَ أَنْبِيَائِهَا وَنَكَصَتْ عَلَى أَعْقَابِهَا وَغَيَّرَتْ وَبَدَّلَتْ وَاخْتَلَفَتْ ، فَسَاوَيْتُمُوهُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ، وَعَمَّا قَلِيلٍ تَذُوقُونَ وَبَالَ أَمْرِكُمْ وَتُجْزَوْنَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ .
    ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَالَ :
    يَا أَبَا بَكْرٍ ارْجِعْ عَنْ ظُلْمِكَ وَتُبْ إِلَى رَبِّكَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ وَسَلِّمِ الْأَمْرَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْكَ ! فَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي عُنُقِكَ مِنْ بَيْعَتِهِ وَأَلْزَمَكَ مِنَ النُّفُوذِ تَحْتَ رَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ مَوْلَاهُ ، وَنَبَّهَ عَلَى بُطْلَانِ وُجُوبِ هَذَا الْأَمْرِ لَكَ وَلِمَنْ عَضَدَكَ عَلَيْهِ ، بِضَمِّهِ لَكُمَا إِلَى عَلَمِ النِّفَاقِ وَمَعْدِنِ الشَّنَئَانِ وَالشِّقَاقِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَمْرٍو وَهُوَ كَانَ أَمِيراً عَلَيْكُمَا وَعَلَى سَائِرِ الْمُنَافِقِينَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي غَزَاةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ . وَأَنَّ عَمْراً قَلَّدَكُمَا حَرَسَ عَسْكَرِهِ فَأَيْنَ الْحَرَسُ إِلَى الْخِلَافَةِ ؟ اتَّقِ اللَّهَ وَبَادِرْ بِالاسْتِقَالَةِ قَبْلَ فَوْتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَسْلَمُ لَكَ فِي حَيَاتِكَ وَبَعْدَ وَفَاتِكَ ، وَلَا تَرْكَنْ إِلَى دُنْيَاكَ وَلَا تَغُرَّنَّكَ قُرَيْشٌ وَغَيْرُهَا فَعَنْ قَلِيلٍ تَضْمَحِلُّ عَنْكَ دُنْيَاكَ ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى رَبِّكَ فَيَجْزِيكَ بِعَمَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتَ وَتَيَقَّنْتَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ صَاحِبُ الْأَمْرِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَسَلِّمْهُ إِلَيْهِ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِسَتْرِكَ وَأَخَفُّ لِوِزْرِكَ فَقَدْ وَاللَّهِ نَصَحْتُ لَكَ إِنْ قَبِلْتَ نُصْحِي وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ .
    ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ فَقَالَ :
    إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ . مَاذَا لَقِيَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ أَنَسِيتَ أَمْ تَنَاسَيْتَ وَخَدَعْتَ أَمْ خَدَعَتْكَ نَفْسُكَ أَمْ سَوَّلَتْ لَكَ الْأَبَاطِيلُ ؟ أَوَلَمْ تَذْكُرْ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ تَسْمِيَةِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالنَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَ أَظْهُرِنَا ؟ وَقَوْلُهُ فِي عِدَّةِ أَوْقَاتٍ : ﴿هَذَا عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَاتِلُ الْقَاسِطِينَ﴾ . اتَّقِ اللَّهَ وَتَدَارَكْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تُدْرِكَهَا وَأَنْقِذْهَا مِمَّا يُهْلِكُهَا ، وَارْدُدِ الْأَمْرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ وَلَا تَتَمَادَ فِي اغْتِصَابِهِ ، وَرَاجِعْ وَأَنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرَاجِعَ ، فَقَدْ مَحَّضْتُكَ النُّصْحَ وَدَلَلْتُكَ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ .
    ثُمَّ قَامَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ :
    يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَيَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنْ كُنْتُمْ عَلِمْتُمْ وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَوْلَى بِهِ وَأَحَقُّ بِإِرْثِهِ وَأَقْوَمُ بِأُمُورِ الدِّينِ وَآمَنُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَحْفَظُ لِمِلَّتِهِ وَأَنْصَحُ لِأُمَّتِهِ ، فَمُرُوا صَاحِبَكُمْ فَلْيَرُدَّ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَضْطَرِبَ حَبْلُكُمْ وَيَضْعُفَ أَمْرُكُمْ وَيَظْهَرَ شَتَاتُكُمْ وَتَعْظُمَ الْفِتْنَةُ بِكُمْ وَتَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَيَطْمَعَ فِيكُمْ عَدُوُّكُمْ ، فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ أَوْلَى بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَعَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَقْرَبُ مِنْكُمْ إِلَى نَبِيِّكُمْ وَهُوَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَلِيُّكُمْ بَعْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ فِي حَالٍ بَعْدَ حَالٍ عِنْدَ سَدِّ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَبْوَابَكُمُ الَّتِي كَانَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ كُلَّهُا غَيْرَ بَابِهِ ، وَإِيثَارِهِ إِيَّاهُ بِكَرِيمَتِهِ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِا السَّلَامُ) دُونَ سَائِرِ مَنْ خَطَبَهَا إِلَيْهِ مِنْكُمْ . وَقَوْلِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : ﴿أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا ، فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا﴾ . وَإِنَّكُمْ جَمِيعاً مُضْطَرُّونَ فِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ أُمُورِ دِينِكُمْ إِلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَى مَا لَهُ مِنَ السَّوَابِقِ الَّتِي لَيْسَتْ لِأَفْضَلِكُمْ عِنْدَ نَفْسِهِ ، فَمَا بَالُكُمْ تَحِيدُونَ عَنْهُ وَتَبْتَزُّونَ عَلِيّاً حَقَّهُ وَتُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ ؟! بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا أَعْطُوهُ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ وَلَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ .
    ثُمَّ قَامَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ :
    يَا أَبَا بَكْرٍ ، لَا تَجْحَدْ حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لِغَيْرِكَ وَلَا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَصَى رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي وَصِيِّهِ وَصَفِيِّهِ وَصَدَفَ عَنْ أَمْرِهِ ، ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ تَسْلَمْ وَلَا تَتَمَادَ فِي غَيِّكَ فَتَنْدَمَ وَبَادِرِ الْإِنَابَةَ يَخِفَّ وِزْرُكَ وَلَا تُخَصِّصْ بِهَذَا الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ لَكَ نَفْسَكَ فَتَلْقَى وَبَالَ عَمَلِكَ ، فَعَنْ قَلِيلٍ تُفَارِقُ مَا أَنْتَ فِيهِ وَتَصِيرُ إِلَى رَبِّكَ فَيَسْأَلُكَ عَمَّا جَنَيْتَ وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ .
    ثُمَّ قَامَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ :
    أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَبِلَ شَهَادَتِي وَحْدِي وَلَمْ يُرِدْ مَعِي غَيْرِي ؟ قَالُوا بَلَى ! قَالَ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ : ﴿أَهْلُ بَيْتِي يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ﴾ ، وَقَدْ قُلْتُ مَا عَلِمْتُ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ .
    ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ فَقَالَ :
    وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ أَقَامَ عَلِيّاً (يَعْنِي فِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ) فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا أَقَامَهُ لِلْخِلَافَةِ ! وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَقَامَهُ إِلَّا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ مَوْلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مَوْلَاهُ ، وَكَثُرَ الْخَوْضُ فِي ذَلِكَ فَبَعَثْنَا رِجَالًا مِنَّا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ﴿قُولُوا لَهُمْ عَلِيٌّ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدِي وَأَنْصَحُ النَّاسِ لِأُمَّتِي﴾ ، وَقَدْ شَهِدْتُ بِمَا حَضَرَنِي فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً .
    ثُمَّ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ثُمَّ قَالَ : يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ ، اشْهَدُوا عَلَى أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ (يَعْنِي الرَّوْضَةَ) وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَقُولُ : ﴿أَيُّهَا النَّاسُ ، هَذَا عَلِيٌّ إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَوَصِيِّي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ وَفَاتِي وَقَاضِي دَيْنِي وَمُنْجِزُ وَعْدِي وَأَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي عَلَى حَوْضِي ، فَطُوبَى لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَنَصَرَهُ وَالْوَيْلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَخَذَلَهُ﴾ .
    وَقَامَ مَعَهُ أَخُوهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَالَ :
    سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ : ﴿أَهْلُ بَيْتِي نُجُومُ الْأَرْضِ فَلَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَقَدِّمُوهُمْ فَهُمُ الْوُلَاةُ مِنْ بَعْدِي﴾ . فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ ؟ فَقَالَ : ﴿عَلِيٌّ وَالطَّاهِرُونَ مِنْ وُلْدِهِ﴾ . وَقَدْ بَيَّنَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَلَا تَكُنْ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ .
    ثُمَّ قَامَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ :
    اتَّقُوا عِبَادَ اللَّهِ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ وَارْدُدُوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ ! فَقَدْ سَمِعْتُمْ مِثْلَ مَا سَمِعَ إِخْوَانُنَا فِي مَقَامٍ بَعْدَ مَقَامٍ لِنَبِيِّنَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَمَجْلِسٍ بَعْدَ مَجْلِسٍ يَقُولُ : ﴿أَهْلُ بَيْتِي أَئِمَّتُكُمْ بَعْدِي ﴾ ، وَيُومِئُ إِلَى عَلِيٍّ وَيَقُولُ هَذَا : ﴿أَمِيرُ الْبَرَرَةِ وَقَاتِلُ الْكَفَرَةِ ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ﴾ . فَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ظُلْمِكُمْ إِيَّاهُ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ وَلَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ وَلَا تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُعْرِضِينَ .
    قَالَ الصَّادِقُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : فَأُفْحِمَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى لَمْ يُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ :
    وُلِّيتُكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ أَقِيلُونِي أَقِيلُونِي !!
    فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : انْزِلْ عَنْهَا يَا لُكَعُ ! إِذَا كُنْتَ لَا تَقُومُ بِحُجَجِ قُرَيْشٍ لِمَ أَقَمْتَ نَفْسَكَ هَذَا الْمَقَامَ ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْلَعَكَ وَأَجْعَلَهَا فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ . فَنَزَلَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ وَانْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَبَقُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَدْخُلُونَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ جَاءَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُمْ مَا جُلُوسُكُمْ فَقَدْ طَمَعَ فِيهَا وَاللَّهِ بَنُو هَاشِمٍ ؟ وَجَاءَهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَمَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ وَجَاءَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَمَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ فَمَا زَالَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ رَجُلٌ حَتَّى اجْتَمَعَ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ ! فَخَرَجُوا شَاهِرِينَ بِأَسْيَافِهِمْ يَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وَقَفُوا بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
    فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ يَا أَصْحَابَ عَلِيٍّ لَئِنْ ذَهَبَ مِنْكُمْ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِالَّذِي تَكَلَّمَ بِالْأَمْسِ لَنَأْخُذَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ ! فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ : يَا ابْنَ صُهَاكَ الْحَبَشِيَّةَ ، أَبِأَسْيَافِكُمْ تُهَدِّدُونَنَا أَمْ بِجَمْعِكُمْ تُفْزِعُونَنَا ؟ وَاللَّهِ إِنَّ أَسْيَافَنَا أَحَدُّ مِنْ أَسْيَافِكُمْ وَإِنَّا لَأَكْثَرُ مِنْكُمْ وَإِنْ كُنَّا قَلِيلِينَ لِأَنَّ حُجَّةَ اللَّهِ فِينَا ، وَاللَّهِ لَوْ لَا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَطَاعَةَ إِمَامِي أَوْلَى بِي لَشَهَرْتُ سَيْفِي وَجَاهَدْتُكُمْ فِي اللَّهِ إِلَى أَنْ أُبْلِيَ عُذْرِي .
    فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) :
    اجْلِسْ يَا خَالِدُ ! فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ لَكَ مَقَامَكَ وَشَكَرَ لَكَ سَعْيَكَ .
    فَجَلَسَ وَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ .. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِهَاتَيْنِ الْأُذُنَيْنِ وَإِلَّا صَمَّتَا يَقُولُ : ﴿بَيْنَمَا أَخِي وَابْنُ عَمِّي جَالِسٌ فِي مَسْجِدِي مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ تَكْبِسُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِلَابِ أَصْحَابِ النَّارِ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ مَنْ مَعَهُ﴾ . فَلَسْتُ أَشُكُّ إِلَّا وَأَنَّكُمْ هُمْ !
    فَهَمَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ [بِقَتْلِهِ] فَوَثَبَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ ثُمَّ جَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ صُهَاكَ‏ الْحَبَشِيَّةَ ، لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ وَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ تَقَدَّمَ لَأُرِيكَ أَيُّنَا أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً . ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ . فَوَ اللَّهِ لَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ إِلَّا كَمَا دَخَلَ أَخَوَايَ مُوسَى وَهَارُونُ إِذْ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ . وَاللَّهِ لَا دَخَلْتُهُ إِلَّا لِزِيَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوْ لِقَضِيَّةٍ أَقْضِيهَا ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحُجَّةٍ أَقَامَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنْ يُتْرَكَ النَّاسُ فِي حَيْرَةٍ .

    *
    المصدر : (الإحتجاج على أهل اللجاج : ج‏1، ص: 75 - 79.)


  2. #2
    بِنفّسي الغائبُ الحاضِر❀
    تاريخ التسجيل: August-2020
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 7,011 المواضيع: 218
    صوتيات: 12 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 17484
    آخر نشاط: منذ 23 ساعات
    مقالات المدونة: 4
    جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم
    شكراًع الطرح القيم

  3. #3
    صديق فعال
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَحاَسِيس مهَـدّوِية ༄❥ مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خير الجزاء اخي الكريم
    شكراًع الطرح القيم
    حياكم الله وأحسن لكم بالخيرات *
    شكراً لحضوركم الكريم *

  4. #4
    من أهل الدار
    البصري
    تاريخ التسجيل: December-2013
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,577 المواضيع: 109
    التقييم: 2678
    مزاجي: مرتاح جدا
    آخر نشاط: منذ 5 ساعات
    رائع واسأل الله ان يجازيك خير الجزاء

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    كتلوني
    تاريخ التسجيل: October-2020
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 11,069 المواضيع: 871
    التقييم: 12655
    مزاجي: هادئ
    أكلتي المفضلة: برياني
    موبايلي: هواوي
    مقالات المدونة: 117
    احسنتم

  6. #6
    صديق فعال
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قاسم البهادلي مشاهدة المشاركة
    رائع واسأل الله ان يجازيك خير الجزاء
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ۛ ּمــذڪــڕاټ ̨؏ــاڜــڦ مشاهدة المشاركة
    احسنتم
    أنرتم حياكم الله *
    بارك الله فيكم وأحسن لكم بالخيرات *

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال