فضل المجاورة والدفن:
وعقيدة الشيعة في السكن أو المبيت أو في نقل جنائزهم جوار مراقد الأئمّة: وبالخصوص مرقد أميرالمؤمنين7; لما ورد في النصوص المأثورة الّتي تحفز على المجاورة، فمنها:
أنّ أميرالمؤمنين(ع) نظر إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك، وأطيب قعرك، اللّهمّ اجعل قبري بها([16]).
وعن الإمام الصادق(ع) قال: ما من مؤمن يموت في شرق الأرض وغربها إلاّ وحشر الله جلّ وعلا روحه إلى وادي السلام.
قيل: وأين وادي السلام؟
قال: بين وادي النجف والكوفة، كأ نّي بهم حلق كثير قعود يتحدّثون على منابر من نور([17]).
وهذه المجاورة الكريمة المسقطة لحساب منكر ونكير بحسب الأخبار([18]) عناها الشاعر بقوله:
بقبرك لذنا والقبور كثيرة ولكن من يحمي الجوار قليل
وأوصى آخر حيث قال:
إذا مت فادفني مجاور حيدر أبا شبر أعني به وشبير
فتى لا يذوق النار من كان جاره ولا يختشي من منكر ونكير
وعار على حامي الحمى وهو في الحمى إذا ضل في البيدا عقال بعير
عمارات المرقد الشريف:
طرأت على المرقد الشريف عدّة عمارات من قبل الملوك والسلاطين وغيرهم تيمناً وتبركاً به، أوجزها للقاري الكريم.
(العمارة الأولى)
بعد ظهور القبر الشريف على يد (هارون الرشيد) نحو سنة 170 هــ، بنى على القبر قبة، وجعل لها أربعة أبواب من طين أحمر، وطرح على رأسها جرة خضراء، وبني الضريح المطهر بحجارة بيض([19]).
(العمارة الثانية)
قامت بمساعي المجاهد الشريف (محمّد بن زيد الداعي الحسني) بعدما خرّب العمارة الأولى (المتوكّل العبّاسي) ــ مثلما فعل بعمارة الحسين(ع) ــ سنة 236 هــ .
فإنّه بنى على القبر الشريف قبة وحصناً ــ سوراً ــ فيه سبعون طاقاً ــ إيواناً ــ([20]) .
وبعدها بقليل قام (أبو الهيجاء عبدالله بن حمدان) ببناء حصار ــ سور ــ ، وقبة عظيمة على القبر رفيعة الأركان من كلّ جانب لها أبواب، وسترها بفاخر الستور وفرشها بثمين الحصر الساماني([21]).
(العمارة الثالثة)
وهي من أجمل العمارات وأحسن ما وصل إليه فن الهندسة في ذلك العصر.
قام ببنائها (عضد الدولة البويهي ت 372 هــ) سنة 367 هــ ، فقد بذل عليها الأموال الكثيرة، وجلب لها أمهر الفعلة والمهندسين مدّة سنة كاملة، وكان يشرف على البناء بنفسه، حتّى أتم العمل بها، ووزّع الأموال الطائلة على سكان النجف([22]).
وقد طرأت على هذه العمارة اصلاحات كثيرة وتحسينات من قبل البويهيين أنفسهم، ووزرائهم، والحمدانيين، ومن بني جنكيزخان وغيرهم حتّى وصلت إلى ذلك الشكل والأثاث والزينة الّتي رآها (ابن بطوطة).
فقد وصفها وصفاً دقيقاً، وذكر ما فيها من فن رفيع، وما حوته من ثمين الفرش والمعلقات، وما يصنعه السدنة وقوام المشهد مع الزائرين في (رحلته)([23]
(العمارة الرابعة)
وهي الّتي حدثت في سنة 760 هــ بعد احتراق ا