،،،،
الأمن الغذائي
تُدرج مشكلة سوء التغذية ضمن قائمة المشاكل الإنسانية العالمية نظرًا لما يترتب عليها من مخاطرَ جسيمةٍ، إذ يعود ذلك بالآثار السلبية على الصحة على وجه الخصوص، ويمكن وصف سوء التغذية بأنها مشكلةٌ تتمثل بنقصانِ الوجبات الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان للقيام بالأنشطة اليومية على أكمل وجهٍ، لذلك فإن الأمر قد استدعى الحاجة إلى البحث عن إجراءاتٍ واستراتيجياتٍ للتصدي لسوء التغذية، وتحقيق ما يعرف باسم الأمن الغذائي في مختلف أرجاء العالم.
ما هو الأمن الغذائي
الأمن الغذائي (
Food Security) هو مصطلحٌ عالميٌّ يطلق على مدى وفرة الغذاء في متناول الأيدي، وإمكانية الوصول إليه واستخدامه باستمرارٍ لتحقيق الاكتفاء الغذائي، بحيث يتوفر لدى الأفراد الكميات الكافية من الأطعمة المغذية.
تتعلق إمكانية تحقيق الأمن الغذائي بمدى قدرة الأفراد على إنتاج الطعام والحصول عليه، سواءً بالصيد أو الإنتاج أو غيرها من الطرق، حيث أن جوهر الأمن الغذائي هو وجود الغذاء الصحي المثالي للإنسان.
يتحقق مفهوم الأمن الغذائي في حال تمكن كافة الأفراد من الوصول إلى الغذاء الكافي لتلبية متطلباتهم الضرورية لحياةٍ صحيةٍ مثاليةٍ، وفي حال تفاقم التحديات التي تقف عائقًا في وجه الإنتاج والاستهلاك للغذاء، فإن الأمر سيتطلب البحث عن حلولٍ جذريةٍ لذلك.
ويشار إلى أن هناك العديد من الدول حول العالم تواجه الجوع وسوء التغذية في مجتمعاتها؛ إذ يعاني شخصٌ واحدٌ بين ثلاثة أشخاصٍ من أحد أشكال سوء التغذية فيها، والجدير بالذكر أن هنالك علاقةً طرديةً بين سوء التغذية وانتشار الأمراض والمشكلات الصحية في المجتمعات؛ إذ إن ارتفاع معدلات الأمراض يقترن بجودة النظام العذائي لدى الأفراد، سيّما الأمراض ذات العلاقة بالأنظمة الغذائية مثل السرطان و السكري (الكهلي أو النمط الثاني) وفقر الدم وغيرها.
الأمن الغذائي العالمي
تعتبر مسألة تحقيق الأمن الغذائي العالمي من أهم المسائل على الإطلاق؛ حيث تبذل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية قصارى جهدها لتلبية احتياجات الأفراد حول العالم من الغذاء، وتتمثل أهمية الاكتفاء الغذائي العالمي في الحدِ من الفقرِ عن طريق تنمية القطاع الزراعي ورفد الأسواق بالمنتجات الزراعية، بالإضافة إلى توفير فرص عملٍ في القطاع الزراعي.
في سياق التخلص من سوء التغذية تتكاتف الجهود الدولية في مدِّ يد العون للدول التي تحتاج أسواقها الزراعية للتحسين والتطوير، بالإضافة إلى تمويل البحوث المختصة بمقاومة الأمراض في المحاصيل الزراعية، إلى جانبِ تعزيز الإرشادات والتوجيهات للدول النامية ودعمها من أجل تحسين اقتصاداتها.
استراتيجيات تتعلق بالأمن الغذائي
اعتمدت الأمم المتحدة في بناء الأمن الغذائي العالمي على العديد من الأسس والاستراتيجيات، من بينها:
- القضاء على الفقر والجوع من خلال تطبيق استراتيجياتٍ وطنيةٍ، وحلول جذرية من شأنها تحقيق الأمن الغذائي.
- التشجيع على التنمية الزراعية والريفية من خلال تعزيز الاستدامة البيئية والزراعية والاجتماعية؛ إذ تعد حجر الأساس للنمو الاقتصادي.
- توفير الموارد اللازمة والمساحات الزراعية الكافية لزيادة الإنتاج الزراعي.
- استصلاح الأراضي الريفية ومعالجتها وتوفير فرص العمل في مجال القطاع الزراعي.
- الوقوف على الأسباب الكامنة خلف البقاء تحت خط الفقر في المناطق الحضرية، والبدء بعلاجها جذريًّا.
- استحداث حلول فعالة للقضايا الوطنية والدولية المؤثرة في الأمن الغذائي، ومنها توفير الأمن والأمان وإصلاحات القطاع العام والاقتصاد الكلي.
- التشجيع على اشتراك أصحاب المصالح والمشاريع الخاصة في المجتمعات في رسم ودعم الاستراتيجيات الوطنية.
مراحل برامج الأمن الغذائي
تمر عمليّة تحقيق الأمن الغذائي بعدّة مراحلَ ونقاطٍ أساسيةٍ، نذكر منها:
- استراتيجيات الطوارئ والإغاثة قصيرة المدى: تطبق هذه الاستراتيجية في حال الحاجة الماسة للغذاء في إحدى المناطق، وتتطلب الإغاثة على الفور دون تأجيلٍ، ويأتي ذلك نظرًا لانعدام الأمن الغذائي في تلك الرقعة الجغرافية، ومن أبرز الأمثلة عليها البنوك الغذائية وبرامج التغذية المدرسية.
- استراتيجيات بناء القدرات: تعتمد هذه الاستراتيجية على تطوير مهارات الأفراد والمجتمعات، وتنميتها لتحقيق الاكتفاء الغذائي بالاعتماد على نفسها، كالتركيز على حصاد المحاصيل الزراعية وطرق حفظ الأطعمة والطهي وغيرها، وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تطوير الأفراد والجماعات وتزويدهم بالخبرة والمهارة اللازمة لتوفير الغذاء الأساسي بالاعتماد على أنفسهم قدر الإمكان.
- استراتيجية بناء المهارات الفردية: وهي مجموعةٌ من البرامج التي تركز على ضرورة تنمية المهارات لدى الأفراد وتطويرها، من إنتاج المحاصيل وآليات الصيد والرعي، بالإضافة إلى كيفية حفظ الأطعمة.
- استراتيجية بناء المهارات المجتمعية: عبارةٌ عن برامجَ تهتم بتنظيم اللقاءات والمعارض بين أفراد المجتمع ضمن فعاليات الدعم الاجتماعي، وذلك بهدف توسيع أفق التكافل في المجتمع وتبادل المنتجات والمحاصيل، مثل تنظيم أسواق المزارعين والمعارض في مختلف المجالات.
مما سبق نرى أن الأمن الغذائي يُعد هدفًا أساسيًّا تسعى جميع المنظمات والمؤسسات الإنسانية العالمية لتحقيقه واعتماد مفهوم التنمية الاقتصادية العالمية، وعلى الرغم من أن الوصول إلى الاكتفاء الغذائي العالمي لا يزال بعيدَ المنال، إلا أن المجتمع الدولي يسير بخطواتٍ ثابتةٍ ويحرز تقدّمًا ملحوظًا
،،،،