حوار الأمام علي (ع) مع عالمين من اليهود
قال عبد الله بن عباس أتيت منزل الامام علي بن أبي طالب (ع)فقلت له: يا علي إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة وألقو على أبي بكر مسائل فبقي أبو بكر لا يرد جوابا
فتبسم الامام علي (ع) ضاحكاً ثم
قال: اليوم الذي وعدني رسول الله (ص) به، فأقبل يمشي أمامه، وما أخطأت مشيته من مشية رسول الله (ص) شيئا حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول الله (ص)، ثم لتفت الى اليهود
فقال (ع): يا يهوديان ادنوا مني وألقيا على ما ألقيتماه على الشيخ0
فقال اليهوديان: ومن أنت ؟
فقال لهما: أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب أخو النبي (ص)، وزوج ابنته فاطمة، وأبو الحسن والحسين، ووصيه في حالاته كلها، وصاحب كل منقبة وعز، وموضع سر النبي (ص).
فقال له أحد اليهوديين: وما أنا وأنت عند الله ؟
قال (ع): أنا مؤمن منذ عرفت نفسي، وأنت كافر منذعرفت نفسك، فما أدري م يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك.
فقال اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابه ؟
قال (ع): ذاك يونس (ع)في بطن الحوت.
قل له: فما قبر سار بصاحبه ؟
قال: يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر.
قال له: فالشمس من أين تطلع ؟
قال: من قرني الشيطان.
قال: فأين تغرب ؟
قال: في عين حامئة، قال لي حبيبي رسول الله (ص): لا تصلي في إقبالها ولا في إدبارها حتى تصير مقدار رمح أو رمحين.
قال: فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع ؟
قال: في البحر حين فلقه الله لقوم موسى (ع)0
قال له: فربك يحُمل أو يُحمل ؟
قال: ربي عز وجل يحمل كل شيء.
قال: فكيف قوله عز وجل: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" ؟
قال: يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ؟ فكل شيء على الثرى، والثرى على القدرة، والقدرة به تحمل كل شيء.
قال: فأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟
قال: أما الجنة ففي السماء وأما النار ففي الأرض.
قال: فأين يكون وجه ربك ؟
فقال علي بن أبي طالب (ع) لي: يا ابن عباس ائتني بنار وحطب، فأتيته بنار وحطب فأضرمها، ثم قال: يا يهودي أين يكون وجه هذه النار؟
قال: لا أقف لها على وجه.
قال: فإن ربي عز وجل عن هذا المثل وله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثمة وجه الله.
فقال له: ما اثنان شاهدان ؟
قال: السماوات والأرض لا يغيبان ساعة.
قال: فما اثنان غائبان ؟
قال: الموت والحياة لا يوقف عليهما.
قال: فما اثنان متباغضان ؟
قال: الليل والنهار.
قال: فما الواحد ؟
قال: الله عز وجل.
قال: فما الاثنان ؟
قال: آدم وحواء.
قال: فما الثلاثة ؟
قال: كذبت النصارى على الله عز وجل حين قالوا: ثالث ثلاثة والله لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.
قال: فما الاربعة ؟
قال: القرآن والزبور والتوراة والانجيل.
قال: فما الخمسة ؟
قال: خمس صلوات مفترضات.
قال: فما الستة ؟
قال: خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام.
قال: فما السبعة ؟
قال: سبعة أبواب النار متطابقان.
قال: فما الثمانية ؟
قال: ثمانية أبواب الجنة.
قال: فما التسعة ؟
قال: رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
قال: فما العشرة ؟
قال: عشرة أيام العشر.
قال: فما الأوحد عشر ؟
قال يوسف لأبيه: "يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".
قال: فما الاثنا عشر ؟
قال: شهور السنة.
قال: فما العشرون ؟
قال: بيع يوسف بعشرين درهماً.
قال: فما الثلاثون ؟
قال: ثلاثون يوماً شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن إلا من كان مريضاً أو على سفر.
قال:فما الأربعون ؟
قال: كان ميقات موسى (ع)ثلاثون ليلة فأتمها الله عز وجل بعشر، فتم ميقات ربه أربعين ليلة.
قال: فما الخمسون ؟
قال: لبث نوح (ع) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً.
قال: فما الستون ؟
قال: قول الله في كفارة الظهار: "فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً" إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين.
قال: فما السبعون ؟
قال: اختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقات ربه عز وجل.
قال: فما الثمانون ؟
قال: قرية بالجزيرة يقال لها ثمانون، منها قعد نوح (ع) في السفينة واستوت على الجودى وأغرق الله القوم.
قال: فما التسعون ؟
قال: الفلك المشحون، اتخذ نوح (ع) فيه تسعين بيتاً للبهائم.
قال: فما المائة ؟
قال: كن أجل داود (ع) ستين سنة فوهب له آدم (ع) أربعين سنة من عمره، فلما حضرت آدم الوفاة جحد فجحدت ذريته.
فقال له: يا شاب صف لي محمداً كأني أنظر اليه حتى أومن به الساعة، فبكي أمير المؤمنين (ع)ثم قال: يا يهودي هيجت أحزاني، كان حبيبي رسول الله (ص) صلت الجبين، مقرون الحاجبين، أدعج الحاجبين، سهل الخدين، أقنى الأنف، دقيق المسربة، كث اللحية، براق الثنايا، كأن عنقه أبرق فضة، كان له شعيرات من لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور لم يكن في بدنة شعيرات غيرها، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصر النزر، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره، وكان إذا مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب، كان مدور الكعبين، لطيف القدمين، دقيق الخصر عمامته السحاب، وسيفه ذو القفار، وبلغته دلدل، وحماره اليعفور، وناقته العضباء، وفرسه لزاز، وقضيبه الممشوق، كان عليه الصلاة والسلام أشفق الناس على الناس، وأرأف الناس بالناس، كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم سطران، أما أول السطر: فلا إله إلا الله، وأما الثاني: فمحمد رسول الله (ص)، هذه صفته يا يهودي.
فقال اليهوديان: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله – ص – وأنك وصي محمد حقاً، فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أمير المؤمنين عليه السلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان، فخرجا معه الى البصرة فقتل أحدهما في وقعة الجمل، وبقي الآخر حتى خرج معه الى صفين فقتل بصفين