مقالة بعنوان؛
"تأملات في معضلة التواصل الحديث"
بقلم هدى الشمري
في وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية في عصرنا الحاضر ؛ تحصل اشكاليات الفهم بين الأطراف المتواصلة بقدر كبير، لاسيما بين الاشخاص المتعارفين حديثاً .. فالفكرة التي تود ايصالها بالكلمات لا تنطبق تماما عليها بسبب اشكالية التعبير اللغوي بالاضافة الى غياب الاحساس الذي يعبر عنه بنبرة الصوت ولغة الجسد ، فلو اعتبرنا لغة التواصل مقسمة على مئة؛ ستنال الكلمات المقروءة ٧٪ ونبرة الصوت ٣٨٪ ولغة الجسد ٥٥٪ (حسب دراسات اللغة والاستيعاب).. فما بالنا لو كان النقاش حول قضايا عميقة و عقيمة -في خانة التعليقات -على منصات النشر و التواصل تلك، فما مدى كمية سوء الفهم الذي سينتج ويؤدي الى الضغينة والإحباط والأمراض النفسية الاخرى ..
كما ان ما نشكّله من صورة للطرف المقابل يأتي من نسج عدة عوامل خارجية وداخلية، فالخارجية تأتي مما يظهره المقابل من صورة شخصية او رمزية في (البروفايل) وما يطرحه من افكار و ما يتخذ من اسلوب في الحوار نجمعها وندمجها مع ملفات مخزونة لبعض الشخصيات المطوية في عقلنا الباطن ،وهذه هي احدى اهم آليات العقل الباطن وهي (الاسقاط) ؛ فتتكون لدينا صورة توهمناها ذاتيا عن ذلك الطرف وثبتناها عليه ونتعامل معه على اساسها..
لذلك نرى بعض المتحاورين يتشددون في الردود ويتعصبون لا شعوريا لانهم استرجعوا احدى الشخصيات التي نفروا منها في الواقع وأسقطوها على الشخص المحاور كردة فعل لا إرادية ،، على نقيض البعض الآخر ممن هم اكثر وعيا واقل عقداً نفسية مخزنة نجدهم يتقبلون فكرة النقاش موضوعيا ولا يهتمون بذات المقابل في الحوار ..
ولو أدركنا ايضا جهل الناشر بأسس المغالطات المنطقية للتفكير ك( التعميم والإلغاء ، التفكير القطبي، تقنين الجهل، التضخيم او التفكير الكوارثي ..) التي يجب ان يتجنبها عند طرحه لتلك القضايا ، فكم سيزداد سوء الفهم بل كم سيبتلى الشباب حديثي المعرفة بكمية المغالطات تلك وكم سيصدقون منها ومن ثم ينشرونها .. ألا تبدو معضلة كبيرة تستحق الوقوف عندها وإيجاد الحلول ؟!
- للاستزادة اكثر طالع كتابيّ :
- المغالطات المنطقية ل عادل مصطفى
- ايكونوكلاست ل غريغوري بيرنس