بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال الامام الصادق (عليه السَّلام): القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجّسد صورة (تمثيلية واستعارية)، حيث يخلع علی القلب طابع (الحرم)، ويخلع عليه طابع (السكنی)، ويجعلهما موقعاً او مكاناً لمحبَّة الله تعالی، وهذا ما سنوضحه بعد قليل، إلا اننا نستهدف الاشارة اولاً الی الدلالة العامة للحديث، متمثلة في الذهاب الی ان العبد ينبغي ألا يحب ّ إلا الله تعالی.
طبيعياً، لا تعني محبَّة الله تعالی عدم محبَّة الآخر، بل تعني: ان محبتك للآخر هي محبَّة لله تعالی، لأنه آمرك بمحبَّة الآخرين، ومساعدتهم، ومصادقتهم الى آخره.
اذن المحبَّة اولاً وبالذات هي لله تعالی، وهي ثانياً وبالتعرض للآخر والآن نبدأ لنحدثك عن الصورة الفنية التي رسمها الامام الصادق (عليه السَّلام) حينما اوضح بأن القلب هو حرم الله تعالی، وعلی الانسان إلا يسكن في حرمه غير الله تعالی. فماذا نستلهم منها؟
بلاغة الحديث
الصورة التمثيلية المتقدمة تظل من ابرز الصور دلالة، واشّدها عمقاً في التعريف بمحبَّة الله تعالی.
لقد جعل الامام الصادق (عليه السَّلام) المحبَّة لله تعالی، او (الحب لله) بمثابة (حرم) والحرم - كما هو واضح - المكان المقدس للتعامل مع الله تعالی فحسب، لذلك، فان المحبَّة لله تعالی او التعامل مع الله تعالی يظل هو الكامن وراء الحقيقة المتقدمة.
ومن البيّن ان (القلب) هو: المكان الذي تودع المحبَّة او الحب فيه، بمعنی ان قلبك هو مكان الحبّ واذا كان الامر كذلك، فإن الامام (عليه السَّلام) استعار لقلبك مكاناً هو (الحرم) بصفته المكان الخالص للتعامل مع الله تعالی، هذا من جانب، من جانب آخر، أمرك الامام (عليه السَّلام) ألا تشغل هذا المكان بما هو ليس أهلاً له، فمادام (الحرم) هو مكان الله تعالی، حينئذ لا معنی بأن تسكن سواه، والسكن هنا - استعارة لمعنی (الحب) او (المحبَّة) لله تعالی، وهذا الحب - كما اوضحناه - لا يعني: خلّو الآخرين منه، بل يعني: ان محبَّة الآخر، طلبها الله تعالی، فتكون الظاهرة علی هذا النحو، اجعل قلبك خالصا من اجل الله تعالی، حتی محبتك وبغضك، اي تحب في الله تعالی وتبغض في الله تعالی، وهذا هو منتهی الاخلاص او الايمان المطلوب.
اذن، ادركنا دلالة الحديث المشير الی ان قلوبنا هي حرم الله تعالی، وضرورة ألا تسكن غير محبَّة الله تعالی في قلوبنا، سائلين منه تعالی ان يمدنا بمحبته، وان يوفقنا الی ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب