بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
لقد دار خلافٌ بين علماء الخاصة والعامة حول السبب في وفاة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله في الثمن والعشرين من شهر صفر في آخر العام العاشر الهجري وقبل بداية العام الحادي عشر الذي يصوِّر فيه المخالفون بأن وفاة نبينا الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) كانت في العام الحادي عشر بناءً على القاعدة المنكوسة التي سنَّها لهم عمر بن الخطاب بأن بداية العام الهجري هو شهر محرَّم الحرام وليس ربيع الأول،ووافقهم على ذلك بعض علماء الشيعة المائلين إلى أقيستهم وإستحساناتهم،متجاهلين أخبارنا الصحيحة الدالة على أن هجرة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله كانت في اليوم الأول من ربيع الأول وقد أبات على فراشه مولانا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام.
(والحاصل ):أن الخلاف حول السبب في الوفاة هل هي وفاة طبيعيَّة أو قهريَّة بسبب عاملٍ تخريبيٍّ طرأ على شخص الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله ؟؟.
المشهور بين المؤرخين العامة والخاصة بل يكاد مجمعاً عليه بين محققيهم بشكلٍ خاصٍ أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مات مسموماً،أمَّا السواد الأعظم من علماء الفريقين فهم كالسواد العام يجهلون التحقيق في المطالب العلميَّة بل هم أقرب إلى التقليد منهم إلى التحقيق في المطالب والإجتهاد بفهمها.... فالموت بالسُمَ لا خلاف فيه بين المحصِّلين، لكنَ الخلاف وقع بمسبَب السُّم أي الداس للسمّ في دواء أو طعام تناوله النبيّ الأعظم :هل هو إمرأةٌ يهودية كما ادعى جمهور العامة على ذلك، ام أن المسبّب هو بعض أزواج النبي (صلَّى الله عليه وآله) كما هو شائع ومشهور بين محققي الإمامية القدامى والجدد، ولا عبرة بقول الشواذ منهم ممن لا تحصيل عنده....وها نحن نستعرض أدلة المخالفين ومناقشتها ثمَّ ندلي بدلونا لإثبات مطلوبنا بعونه تبارك وتعالى.
أدلة المخالفين:
إستدل المخالفون على أن المسبِّب لموته صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسٌّم هو امراة يهودية بعد معركة خيبر في السنة السابعة للهجرة فلم يؤثر فيه السُّم إلاّ في السنة العاشرة للهجرة كما هو الصحيح بحسب التحقيق بأن موته صلّى الله عليه وآله وسلّم كان في السنة العاشرة،وأما المخالفون فيقولون أنَّه في الحادية عشرة للهجرة في شهر صفر،والخلاف في تحديد السنة يرجع إلى الخلاف بيننا وبينهم في مبدأ رأس السنة الهجريَّة هل هو محرَّم الحرام أو ربيع الأول...وقد اعتمدوا على دليلين لإثبات أن القاتل للرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم هما التالي:
(الدليل الأول): ليس بين أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من كان عدواً لرسول الله حتى يقوم بعملية قتله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسٌّم ، لأن كلَّ اصحابه مؤمنون مرضيون...إذن لا بد أن يكون القتل بواسطة أشخاص آخرين غير الأصحاب...
يرد على هذا الدليل:
دعوى أن الأصحاب كلَّهم مؤمنون طيبون مخالفة لصريح الكتاب والسنة النبوية...
أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق...) التوبة 101.
نصت الآية أن الناس في المدينة لم يكونوا بأجمعهم من المسلمين واقعاً بالله تعالى ورسوله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام بل إنَّ بعضهم من المتظاهرين بحب النبيِّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهؤلاء منافقون لا علاقة لهم بالإسلام...
وقوله تعالى أيضاً: (يا أيها الّذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزَّل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل، ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً) النساء/136.
فالخطاب المتكرر بالذين آمنوا واضح في دلالة الآية المباركة على وجود منافقين متظاهرين بالإيمان دون تصديقٍ واقعيٍّ ،من هنا جاء تكرار لفظ الإيمان بقوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا آمنوا ..﴾ ولو لم يكن ثمة منافقون في المدينة لما صحَّ التكرار المذكور ،لذا أكدت الآية المئة وثمانية وثلاثين من نفس السورة على تهديد المنافقين بأن لهم عذاباً شديداً بقوله تعالى ﴿ بشِّر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً﴾ فهذه الآية قرينة واضحة على وجود منافقين في الوسط المدني في عصر النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وقوله تعالى(ولتعرفنهم_اي للمنافقين_في لحن القول)محمّد 3
ورد عن أبي سعيد الخدري أنه قال مفسِّراً لهذه الآية حسبما ورد في الدر المنشور وأسد الغابة ج4/29 :قال: ببغضهم علياً(عليه السلام).
وقوله تعالى( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا)الأحزاب/58
ذكر جمعٌ من المفسرين انها نزلت في الإمام أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام، لأن نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه، نقل ذلك صاحب تفسير القرطبي والخازن.
وقوله تعالى( وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)آل عمران/144
الخطاب في الآية للمسلمين في عصر النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم بحسب مورد نزولها، وأنهم سينقلبون ويرتدون عن الإسلام بعد موت النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو ما حصل فعلاً بعد شهادته صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث اعتدوا على وصيِّه الأعظم أمير المؤمنين عليٍّ وزوجته الطاهرة سيِّدة نساء العالمين ووليِّة الله الكبرى الزهراء البتول صلوات الله عليهما.
وأمَّا السنة النبوية: فقد دلت على ارتداد أكثر الصحابة بعد شهادة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقد روى البخاري وغيره من محدثي العامة أخباراً في هذا المضمون :راجع البخاري أخبار الحوض:ج6ص79_80 وص232ح4625 وحديث رقم 4170_وجزء 7 ص 264 و ج6 ص 149 ح 4403، وها نحن نستعرض أخباراً كثيرة من صحيح البخاري وهو كتاب مقدَّس عند المخالفين على قاعدة(إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) وقاعدة(من فمك أدينك) وهي الآتي:
(الخبر الأول):حدثني أحمد بن اشكاب حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت طوبى لك صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وبايعته تحت الشجرة فقال يا ابن أخي انك لا تدرى ما أحدثنا بعده.راجع صحيح البخاري ج5 ص 191
(الخبر الثاني):حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة أخبرنا المغيرة بن النعمان قال سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس انكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ثم قال كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين إلى آخر الآية ثم قال الا وان أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم الا وانه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصيحابي فيقال انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم فيقال ان هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم.
راجع:صحيح البخاري - البخاري - ج 7 - ص 206 - /209باب في الحوض وقول الله تعالى انا أعطيناك الكوثر ...
(الخبر الثالث):قال عبد الله بن زيد قال النبي صلى الله عليه وسلم اصبروا حتى تلقوني على الحوض حدثنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم انا فرطكم على الحوض.
(الخبر الرابع):وحدثني عمرو بن علي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن المغيرة قال سمعت أبا وائل عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال انا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول يا رب أصحابي فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك .
(الخبر الخامس): حدثنا وهيب حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليردن عليَّ ناسٌ من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك .
(الخبر السادس):حدثنا سعيد ابن أبي مريم حدثنا محمد بن مطرف حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اني فرطكم على الحوض من مر على شرب ومن شرب لم يظمأ ابدا ليردن عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم.
(الخبر السابع):قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال هكذا سمعت من سهل فقلت نعم فقال اشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها فأقول انهم مني فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي.
وقال ابن عباس سحقا بعدا يقال سحيق بعيد سحقه واسحقه أبعده.
(الخبر الثامن):وقال أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة انه كان يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقري. (الخبر التاسع):حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن أبن شهاب عن ابن المسيب انه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يرد عليَّ الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقري.
(الخبر العاشر):وقال شعيب عن الزهري كان أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجلون وقال عقيل فيحلؤون وقال الزبيدي عن الزهري عن محمد بن علي عن عبيد الله ابن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(الخبر الحادي عشر): حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن فليح حدثنا أبي حدثني هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا انا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم فقلت أين قال إلى النار والله قلت وما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم قلت أين قال إلى النار والله قلت ما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراه يخلص منهم الا مثل همل النعم .
(الخبر الثاني عشر):حدثنا سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عمر حدثني ابن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم اني على الحوض حتى انظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس من دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم فكان ابن أبي مليكة يقول اللهم انا نعوذ بك ان نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا أعقابكم تنكصون ترجعون على العقب.
راجع:صحيح البخاري - البخاري - ج 8 - ص 90 – 91،باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض حدثنا عمر بن حفص حدثني أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق قال قال عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة أخبرني واقد عن أبيه عن ابن عمر انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ترجوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا قرة بن خالد.
بما تقدَّم من أخبار البخاري الذي لا يعدله كتاب عند المخالفين، يتضح عدم صحة مقالة كون الصحابة عدولاً لا يصدر منهم فسقٌ أو مروقُ أو خيانة، بعد كونهم أناساً عاديين معرَّضين لما يتعرض إليه الناس العاديون، مع عدم كونهم معصومين عن الخطأ والزلل، فإذا لم يكونوا كذلك فلم لا يقدمون على قتل بعضهم البعض، فضلاً عن إقدامهم على قتل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد حدثنا التاريخ أنهم تركوا النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في معركة أُحد يتعرض لسيوف الكفار وليس معه إلاّ أمير المؤمنين عليٌّ وعمّار وبعض المخلّصين من تلامذة أمير المؤمنين علي عليه الآف التحية والسلام.
(الدليل الثاني): الأخبار الواردة في مصادر العامة التي تمسكوا بها على أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم مات مسموماً بفعل ذراع شاة قدّمتها له إمرأة يهودية، وقد روى هذه الأخبار: البخاري في ج5 ص 179 وإبن هشام في السيرة النبوية ج3 ص 352 ومسلم في صحيحه ج14 ص 149 حديث 2190 ونحن نكتفي هنا بنص إبن هشام فقال: ( فلما إطمأن رسول الله_في خيبر_ أهدت له زينب بنت الحارث، إمرأة سلام بن مشكم شاة مصليةً،وقد سألتْ أي عضوٍ من الشاة أحبّ إلى رسول الله؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها من السمّ ثم سمّت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلمّا وضعتها بين يدي رسول الله، تناول الذراع، فلاك منها مضغةً، فلم يسغها،ومعه بِشر بن البراء إبن معرور، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله، فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله فلفظها، ثم قال: إن هذا العظم ليُخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها فاعترفت، فقال: ما حملك على ذلك؟ قالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملِكاً استرحتُ منه، وإن كان نبياً فسيُخبر، قال فتجاوز عنها رسول الله، ومات بِشر من أكلته التي أكل.
قال إبن هشام، قال إبن إسحاق: وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المُعلّى قال: كان رسول الله قد قال في مرضه الذي توفى فيه، ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده: يا أم بشر:إن هذا الأوان وجدتُ فيه إنقطاع أبهري (الابهر:عرق متصل بالقلب) من الأكلة التي أكلتُ مع أخيك بخيبر...
ثم قال: فإن المسلمين ليرون أن رسول الله مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة.
هذه الأخبار العامية الصريحة في شهادة النبيِّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسمِّ على يد إمرأة يهوديَّة، يوجد بعضٌ منها في مصادرنا سيَّما في البحار ج17 ص317 ص 395 وص 405 وص 406_ 408 .
وهذه الأخبار على طوائف ثلاث:
(الطائفة الأولى):تشير إلى أنَّ الرسول الاعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم قد استضافته إمرأة يهوديَّة تظاهرت بالإيمان وسمَّت له شاة فلمَّا أراد الأكل منها أنطق الله تعالى الذراع فتكلمت قائلةً له : " بأنَّي مسمومة فلا تأكلني " فأحجم النبيُّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الأكل منها بعدما أكل منها البراء فمات مباشرةً .
(الطائفة الثانية): تشير إلى أنَّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يأكل أصلاً من الشاة،والفارق بين هذه الطائفة وبين السابقة عليها هو أن الطائفة الأولى همَّ النبيُّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ليأكل منها لكنه أحجم بعدما تكلم الذراع،وأمَّا الطائفة الثانية فقد دلت على أن النبيَّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّملم يهمّ أصلاً للأكل منها.
(الطائفة الثالثة):تشير إلى أن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أكل من الشاة وأصاب جوفه سمُّها ثمَّ تكلم الذراع وأخبره بأنَّه مسموم،أي تكلمت الذراع بعدما أكل منها.
وهذه الأخبار مبثوثة في بحار الأنوار الجزء السابع عشر وهي على الشكل التالي:
(أخبار الطائفة الأولى):ما رواه المجلسي من التفسير المنسوب إلى مولانا الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام في خبرٍ طويلٍ جداً ما لفظه الآتي في صفحة317: ( ...وأما كلام الذراع المسمومة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من خيبر إلى المدينة وقد فتح الله له جاءته امرأة من اليهود قد أظهرت الايمان، ومعها ذراع مسمومة مشوية وضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذه؟ قالت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله همني أمرك في خروجك إلى خيبر، فإني علمتهم رجالا جلدا، وهذا حمل كان لي ربيبة أعده كالولد لي، وعلمت أن أحب الطعام إليك الشواء، وأحب الشواء إليك الذراع، ونذرت لله لئن سلمك الله منهم لأذبحنه ولأطعمنك من شوائة ذراعيه، والآن فقد سلمك الله منهم وأظفرك عليهم ، وقد جئتك بنذري ، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله البراء بن معرور وعلي بن أبي طالب عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ايتوني بالخبز، فاتي به فمد البراء بن المعرور يده وأخذ منه لقمة فوضعها في فيه، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا براء لا تتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال البراء وكان أعرابيا: يا علي كأنك تبخل رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ! فقال علي عليه السلام: ما أبخل رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكني أبجله وأوقره ليس لي ولا لك ولا لاحد من خلق الله أن يتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله بقول ولا فعل ولا أكل ولا شرب، فقال البراء: ما أبخل رسول الله صلى الله عليه وآله، قال علي عليه السلام ما لذلك قلت، ولكن هذا جاءت به هذه وكانت يهودية، ولسنا نعرف حالها، فإذا أكلته بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فهو الضامن لسلامتك منه، وإذا أكلته بغير إذنه وكلت إلى نفسك يقول علي هذا والبراء يلوك اللقمة، إذ أنطق الله الذراع فقالت : يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة، وسقط البراء في سكرات الموت ولم يرفع إلا ميتا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ايتوني بالمرأة فاتي بها، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: وترتني وترا عظيما ، قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي وابني، ففعلت هذا وقلت: إن كان ملكا فسأنتقم منه، وإن كان نبيا كما يقول وقد وعد فتح مكة والنصر والظفر فيمنعه الله منه ويحفظه ولن يضره، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيتها المرأة لقد صدقت، ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يغرك موت البراء فإنما امتحنه الله لتقدمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله ولو كان بأمر رسول الله أكل منه لكفي شره وسمه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ادع لي فلانا وفلانا، وذكر قوما من خيار أصحابه فيهم سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار وصهيب وبلال وقوم من سائر الصحابة تمام عشرة وعلي عليه السلام حاضر معهم، فقال: اقعدوا وتحلقوا عليه، ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على الذراع المسمومة ونفث عليه، وقال : " بسم الله الشافي، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ ولا داء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ثم قال: كلوا على اسم الله، فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله وأكلوا حتى شبعوا، ثم شربوا عليه الماء، ثم أمر بها فحبست، فلما كان اليوم الثاني جاء بها فقال: أليس هؤلاء أكلوا ذلك السم بحضرتك؟ فكيف رأيت دفع الله عن نبيه وصحابته؟ فقالت: يا رسول الله كنت إلى الآن في نبوتك شاكة، والآن قد أيقنت أنك رسول الله حقا، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله وحسن إسلامها.
(أخبار الطائفة الثانية): عن المجلسي عن أمالي الصدوق:عن إبن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن أبي جميلة، عن سعد بن ظريف ، عن الأصبغ، عن علي عليه السلام قال: إن اليهود أتت امرأة منهم يقال لها: عبدة، فقالوا: يا عبدة قد علمت أن محمدا قد هد ركن بني إسرائيل، وهدم اليهودية، وقد غالى الملأ من بني إسرائيل بهذا السم له، وهم جاعلون لك جعلا على أن تسميه في هذه الشاة، فعمدت عبدة إلى الشاة فشوتها ثم جمعت الرؤساء في بيتها وأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا محمد قد علمت ما توجب لي من حق الجوار، وقد حضرني رؤساء اليهود فزيني بأصحابك، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام وأبو دجانة وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة من المهاجرين، فلما دخلوا وأخرجت الشاة سدت اليهود آنافها بالصوف، وقاموا على أرجلهم، وتوكأوا على عصيهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: اقعدوا، فقالوا: إنا إذا زارنا نبي لم يقعد منا أحد، وكرهنا أن يصل إليه من أنفاسنا ما يتأذى به، وكذبت اليهود عليها لعنة الله، إنما فعلت ذلك مخافة سورة السم ودخانه، فلما وضعت الشاة بين يديه تكلم كتفها فقالت: مه يا محمد لا تأكلني فإني مسمومة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عبدة فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيا لم يضره، وإن كان كاذبا أو ساحرا أرحت قومي منه، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال: السلام يقرئك السلام ويقول: قل: بسم الله الذي يسميه به كل مؤمن، وبه عز كل مؤمن، وبنوره الذي أضاءت به السماوات والأرض، وبقدرته التي خضع لها كل جبار عنيد، وانتكس كل شيطان مريد، من شر السم والسحر واللمم، بسم العلي الملك الفرد الذي لا إله إلا هو، وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " فقال النبي صلى الله عليه وآله: ذلك، وأمر أصحابه فتكلموا به، ثم قال: كلوا ثم أمرهم أن يحتجموا .
(أخبار الطائفة الثالثة):عن المجلسيّ عن مناقب ابن شهرآشوب: عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله، وزاد بعد قوله: وسهل بن حنيف: وفي خبر وسلمان والمقداد وعمار وصهيب وأبو ذر وبلال والبراء بن معرور. ثم قال بعد تمام الخبر: وفي خبر إن البراء بن معرور أخذ منه لقمة أول القوم: فوضعها في فيه، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لا تتقدم رسول الله في كلام له جاءت به هذه وكانت يهودية، ولسنا نعرف حالها، فإن أكلته بأمر رسول الله فهو الضامن لسلامتك منه، وإذا أكلته بغير إذنه وكلك إلى نفسك، فنطق الذراع وسقط البراء ومات وروي أنها كانت زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مسلم، والآكل كان بشر بن البراء بن معرور، وأنه دخلت أمه على النبي صلى الله عليه وآله عند وفاته فقال: يا أم بشر ما زالت اكلة خيبر التي اكلت مع ابنك تعاودني، فهذا أوان قطعت أبهري، ولذلك يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله مات شهيدا. وعن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وآله بقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي مات فيه.
وعن المجلسيّ أيضاً عن بصائر الدرجات بأسناده عن: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سم رسول الله يوم خيبر فتكلم اللحم فقال: يا رسول الله إني مسموم، قال: فقال: النبي صلى الله عليه وآله عند موته: اليوم قطعت مطاياي الاكلة التي أكلت بخيبر: وما من نبي ولا وصي إلا شهيد . بيان: المطايا جمع المطية وهي الدابة، ولعلها استعيرت هنا لما يعتمد عليه الانسان من الأعضاء والقوى، ويحتمل أن يكون في الأصل مطاي، أي ظهري فصحف.
وعن المجلسيّ عن بصائر الدرجات: إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمت اليهودية النبي صلى الله عليه وآله في ذراع، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب الذراع والكتف، ويكره الورك لقربها من المبال، قال: لما أوتي بالشواء أكل من الذراع وكان يحبها، فأكل ما شاء الله ثم قال الذراع: يا رسول الله إني مسموم فتركه، وما زال ينتفض به سمه حتى مات صلى الله عليه وآله .
وعن المجلسيِّ في بحاره ج17ح 37 قال:روي أن امرأة عبد الله بن مشكم أتته بشاة مسمومة، ومع النبي صلى الله عليه وآله بشر بن البراء بن عازب، فتناول النبي صلى الله عليه وآله الذراع، فتناول بشر الكراع، فأما النبي صلى الله عليه وآله فلاكها ولفظها، وقال: إنها لتخبرني أنها مسمومة، وأما بشر فلاك المضغة وابتلعها فمات، فأرسل إليها فأقرت، فقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: قتلت زوجي وأشراف قومي، فقلت: إن كان ملكا قتلته، وإن كان نبيا فسيطلعه الله.
تم..............................
وهذه الأخبار في مصادر الفريقين تعارضها أخبارٌ أُخرى أصحُّ سنداً وأقوى دلالة على موت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسمِّ على أيدي بعض أزواجه سوف نشير إليها بعد قليلٍ.
أدلتنا نحن الشيعة الإمامية:
تحقيقنا في المقام: بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مات مسموماً بواسطة زوجتيه حفصة وعائشة بإيحاءٍ من والديهما أبي بكر وعمر... ونستدل على ذلك بدليلين:
(الدليل الأول): الآية الشريفة الدالة على أن موت النبيِّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم إنما سيكون بفعل عاملِ قسريٍّ، وهي قوله تعالى(وما محمد إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل إنقلبتم على أعقابكم...) فقد دلت على أن النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم سيُقتل،وأنَّ قتله سيكون سبباً للإستيلاء على الحكم، والإستيلاء على الحكم سببٌ للإعتداء على أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام،سيَّما سيِّدة نساء العالمين التي استشهدت على يد عمر بن الخطاب بإيعازٍ من أبي بكر،فقتل النبيِّ وبضعته الطاهرة مع ما ترتب على ذلك من الإعتداء على مقام سيِّد الوصيين وإمام المتقين عليه السلام سببٌ آخر يضاف إلى السبب الأول لإرتدادهم عن الدين، وحيث إن الفريقين متفقان على أنه إرتحل مسموماً، ثبت ما ندعيه نحن الشيعة، والمسبّب لقتله هو بعض أصحابه كأبي بكر وعمر بواسطة حفصة وعائشة...وهو ما أشارت إليه روايات الحوض الدالة على إرتداد بعض الصحابة عن الدين،ولا يمكن تفسير الإرتداد بما ادَّعاه بعض العامة من كون المقصود بالإرتداد مالك بن نويرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه وأصحابه الذين امتنعوا عن دفع الزكاة لأبي بكر ،وذلك لأن الإمتناع عن دفع الزكاة لا يوجب الإرتداد سيَّما وأنَّ مالكاً رضي الله عنه لم يكن يعترف بخلافة أبي بكر ،من هنا إمتنع عن دفع الزكاة لمن إغتصب الخلافة من أهلها ،ولا أقل من التبرير له كما برر أبو بكر لخالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة واغتصب له زوجته في نفس الليلة،وقد اعترف عمر بن الخطاب بأن خالداً قتل مالكاً ظلماً وعدواناً وطالب أبا بكر بالقود من خالد وكان دائماً يقول لأبي بكر (إقتل خالداً فإن في سيفه رهقاً) ولكنَّ أبا بكر كان دائماً يردد المقالة المشهورة (لقد تأوَّل فأخطأ) وليكن مالكٌ كخالد ممن تأوَّل فأخطأ في إمتناعه عن دفع الزكاة لعتيق بن أبي قحافة ــ أي أبي بكر ـــ وهل يجوز التأوُّل لخالد ولا يجوز لمالك؟؟!! ولماذا التفريق بين هذا وذاك لولا أن خالداً من أتباع أبي بكر دون مالك الذي كان من أتباع أمير المؤمنين ووصيّ رسول ربّ العالمين عليهما السلام !! وهل يجوز التأوُّل للظالم ولا يجوز للمظلوم؟! نعم ،عند أبي بكر يجوز ذلك ولم يعتنِ بإستنكار عمر بن الخطاب عليه ولم يكترث لفداحة الظلامة على مالك وما فُعل بزوجته،كلُّ ذلك بسبب المشاكلة في الظلم وحبّ الإعتداء على المستضعفين الأبرياء..!!.
(الدليل الثاني): الأخبار الدالة على أن حفصة وعائشة سقتاه سماً ،فالسمُّ الفتاك الذي جلباه من بلاد الحبشة ـــ كما تشير مصادر العامة ـــ كان السبب الوحيد لقتله وشهادته صلّى الله عليه وآله وسلّم .
فقد روى المجلسي بعضاً من هذه الأخبار في بحار الأنوار ـ العلامة المجلسي ـ ج 22باب أحوال عائشة وحفصة وباب وصيته قرب موته صلّى الله عليه وآله وسلّم ،وها نحن نستعرض بعضاً من تلكم الأخبار المبثوثة في المصادر الحديثيَّة :
(الخبر الأول):قال علي بن إبراهيم في تفسيره المعروف بتفسير القمي حدثنا أحمد بن إدريس عن الحسين بن سعيد عن إبن سيَّار عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام في تفسير قوله تعالى ﴿يا أيها النبيّ لمَ تحرِّم ما أحلَّ الله لك ..﴾ قال اطلعت عائشة وحفصة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مع مارية فقال النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : واللهِ ما أقربها فأمره الله أن يكّفر عن يمينه، وكان سبب نزولها أن رسول الله كان في بعض بيوت نسائه، وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه، وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي، فاستحيى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: كفي فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا، وأنا أفضي إليك سرا، فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فقالت: نعم ما هو؟ فقال: ان أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم بعده أبوك فقالت: من أخبرك بهذا؟ قال: الله أخبرني، فأخبرت حفصة عايشة في يومها بذلك، وأخبرت عايشة أبا بكر فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عايشة أخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها، فاسئل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عايشة، فأنكرت ذلك، وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا، فقال لها عمر: إن كان هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه فقالت: نعم قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك، فاجتمعوا أربعة على أن يسموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه السورة: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك " إلى قوله: " تحلة أيمانكم " يعني قد أباح الله لك أن تكفر عن يمينك ﴿والله موليكم وهو العليم الحكيم﴾ ﴿وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به﴾ " أي أخبرت به ﴿وأظهره الله عليه﴾ يعني أظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به من قتله " عرف بعضه " أي خبرها وقال: لم أخبرت بما أخبرتك؟ وقوله: ﴿وأعرض عن بعض﴾ قال: لم يخبرها بما يعلم مما هموا به من قتله ﴿قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير﴾ ﴿إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو موليه وجبرئيل وصالح المؤمنين﴾ يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) ﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ يعني لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم خاطبها فقال: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا " .
(الخبر الثاني): وفي البحار باب أحوال عائشة وحفصة بأسناده إلى الصراط المستقيم: في حديث الحسين بن علوان والديلمي عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا﴾ هي حفصة، قال الإمام الصادق (عليه السلام): كفرت في قولها: " من أنبأك هذا " وقال الله فيها وفي أختها: ﴿إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾ أي زاغت، والزيغ: الكفر. وفي رواية: إنه أعلم حفصة أن أباها وأبا بكر يليان الامر فأفشت إلى عايشة فأفشت إلى أبيها فأفشى إلى صاحبه، فاجتمعا على أن يستعجلا ذلك على أن يسقياه سمَّاً، فلما أخبره الله بفعلهما همَّ بقتلهما فحلفا له أنهما لم يفعلا، فنزل: يا ﴿أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم﴾.
(الخبر الثالث):وفي البحار في باب وصيَّة النبيّ عند قرب وفاته بالإسناد المتقدِّم، عن موسى بن جعفر عن أبيه (عليهم السلام) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (صلى الله عليه وآله) في صبيحتها دعا عليَّاً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب وقال: يا فاطمة، وأدناها منه، فناجاها من الليل طويلا، فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين وأقاموا بالباب والناس خلف الباب، ونساء النبي (صلى الله عليه وآله) ينظرن إلى علي (عليه السلام) ومعه ابناه، فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلا بابنته دونك في هذه الساعة، فقال لها أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام): قد عرفت الذي خلابها وأرادها له، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه مما قد سمَّاه: فوجمت أن ترد عليه كلمة، قال علي (عليه السلام): فما لبث أن نادتني فاطمة (عليها السلام) فدخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يجود بنفسه، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه، فقال لي: ما يبكيك يا علي؟ ليس هذا أو ان البكاء، فقد حان الفراق بيني وبينك، فأستودعك الله يا أخي، فقد اختار لي ربي ما عنده، وإنما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد أستودعكم الله، وقبلكم مني وديعة يا علي، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنقذها، فهي الصادقة الصدوقة، ثم ضمها إليه وقبل رأسها، وقال: فداك أبوك يا فاطمة، فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه وقال: أما والله لينتقمن الله ربي، وليغضبن لغضبك فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين، ثم بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام): فوالله لقد حسبت بضعة مني قد ذهبت لبكائه حتى هملت عيناه مثل المطر، حتى بلت دموعه لحيته وملاءة كانت عليه، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها ورأسه على صدري، وأنا مسنده، والحسن والحسين يقبلان قدميه ويبكيان بأعلا أصواتهما قال علي (عليه السلام): فلو قلت: إن جبرئيل في البيت لصدقت، لأني كنت أسمع بكاء ونغمة لا أعرفها، وكنت أعلم أنها أصوات الملائكة لا أشك فيها، لان جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (صلى الله عليه وآله)، ولقد رأيت بكاء منها أحسب أن السماوات والأرضين قد بكت لها، ثم قال لها: يا بنية، الله خليفتي عليكم، و هو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة والسماوات والأرضون وما فيهما، يا فاطمة والذي بعثني بالحق لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها، وإنك لأول خلق الله، يدخلها بعدي كاسية حالية ناعمة، يا فاطمة هنيئا لك، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء، والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق، فينادي إليها أن: يا جهنم ! يقول لك الجبار: اسكني بعزي، واستقري حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الجنان، لا يغشاها قتر ولا ذلة، والذي بعثني بالحق ليدخلن حسن وحسين: حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك، ولتشرفن من أعلى الجنان بين يدي الله في المقام الشريف ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) يكسى إذا كسيت، ويحبى إذا حبيت والذي بعثني بالحق لأقومن بخصومة أعدائك، وليندمن قوم أخذوا حقك، وقطعوا مودتك، وكذبوا علي، وليختلجنَّ دوني فأقول: أمتي أمتي فيقال: إنهم بدلوا بعدك، وصاروا إلى السعير.
(الخبر الرابع):عن العياشي رضي الله عنه في تفسيره المعروف بالعياشي في سورة آل عمران: عن عبد الصمد بن بشير، عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تدرون مات النبيصلّى الله عليه وآله وسلّم أو قُتِل إن الله يقول: " أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " فسمَّ قبل الموت إنهما سقتاه، فقلنا: إنهما وأبوهما شر من خلق الله.
(الخبر الخامس):وعن العياشي رحمه الله تعالى بالأسناد عن الحسين بن المنذر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى ﴿أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم﴾ القتل أم الموت؟ قال عليه السلام :يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا.إنتهى.
والمراد بذيل الخبر الرابع بقوله "أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا .." هو التآمر على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتخطيط لقتله وقد نجحوا في ذلك حيث أوعزا إلى إبنتيهما عائشة وحفصة ليدسا السمَّ له في الدواء أو في الطعام .
وأخبارنا المتقدِّمة مدعومة ومؤيدة بأخبار مشابهة له في مصادر العامة أيضاً كما سوف نذكر بعضاً منها كالآتي.
(الخبر الأول): ويتناول سقيَّ النبيِّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم بالسمِّ وهو مستفيض في أخبارالعامة وفحوى هذه الأخبار أن عائشة وحفصة لدّتا النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بدواء فيه سمٌّ،فقد أورد الطبري في تاريخه قسماً من هذه الأخبار،منها ما في إسناده إلى سفيان قال حدثنا موسى بن أبي عائشة عن عبيد بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت: لددنا رسول الله في مرضه،فقال: لا تلدوني.
(الخبر الثاني): وروى إبن الجوزي في الطب النبوي في الصحيح عن أُمُّ سلمة قالت:(بدأ رسول الله بمرضه في بيت ميمونة ..واشتد شكواه حتى غُمر ومن شدة الوجع إجتمع عنده نساؤه وعمه العباس وأم الفضل بنت الحرث وأسماء بنت عميس فتشاوروا في لدِّه، فلدوه وهو مغمور_أي مقهور_فلمّا أفاق، قال:من فعل بي هذا؟ هذا من عمل نساء جئن من ها هنا، وأشار بيده إلى أرض الحبشة.
وهذا إعتراف من رسول الله بأنه سقي سماً بالطريقة التي تسقي بها الحبشة رجالها،وقد تكرر من عائشة وحفصة وميمونة سقيّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم سمَّاً في الدواء وليس دفعةً واحدة لئلا يعرف الناس بأنهنَّ سقينه السمَّ ،لذا تناوبوا على السقيّ القليل الممزوج بالدواء لأجل رفع الشبهة عنهنَّ من جهة،ومن جهةٍ أُخرى كي يعتقد الناس أن السقيّ كان لأجل رفع داء ذات الجنب وهو مرض السل أو السرطان.
(الخبر الثالث):وعن الطبري بأسناده عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت: ثمَّ نزل رسول الل فدخل بيته وتتامَّ به وجعه حتى غُمر واجتمع عنده نساء من نسائه أُمُّ سلمة وميمونة ونساء من المؤمنين منهنّ أسماء بنت عميس وعنده عمه العباس بن عبد المطلب وأجمعوا على أن يلُدُّوه،فقال العباس لألدَّنه،قال: فلما أفاق رسول الله قال: من صنع بي هذا؟ قالوا يا رسول الله عمك العباس! قال: هذا دواءٌ أتى به نساءٌ من نحو هذه الأرض وأشار بيده نحو أرض الحبشة،قال: ولمَ فعلتم ذلك؟! فقال العباس: خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب!فقال: إن ذلك لداءٌ ما كان الله ليعذبني به...لا يبقى في البيت أحد إلاَّ لدّ إلاَّ عمي فلقد لدَّت ميمونة وإنها لصائمة لقسم رسول الله عقوبة لهم بما صنعوا ..إنتهى خبر الطبري في فصل مرض النبيّ.
ويلاحظ في هذا الخبر بوضوح كيف تناوبوا على لدِّ رسول الله بالدواء المسموم الذي جلبته بعض نسوته من بلاد الحبشة،وليس ثمة إمرأة تفعل ذلك سوى عائشة وحفصة بقرينة قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم (هذا دواء أتى به نساء من نحو هذه الأرض وأشار إلى أرض الحبشة)،وثمة قرينة أُخرى تدلُّ على عملية اللدِّ وقد شاركت زوجتُه ميمونة أيضاً بعضَ نسوته القائمين على عملية اللدِّ وهما عائشة وحفصة،من هنا فقد ندمت ميمونة على فعلتها فأرادت التوبة من فعلتها بالصيام تكفيراً لها عمَّا جنته مع تينك الزوجتين وقد عللت صيامها بأنها صامت لأجل قسم رسول الله على معاقبتهنَّ لأجل ما صنعوا.
وتشير الأخبار في مصادر العامة أن النبي الاكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم تكرر منه الإستنكار على نسائه لأجل مزاولتهنَّ فعل اللدّ مما يعني أن ثمة شيئاً مريباً كان في الدواء وهو السمُّ ، كما تشير مصادرهم أنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم تألم كثيراً في مرضه،حيث كان يغمى عليه من شدته ،مما يقتضي وجود سُمّ دخل إلى جوفه فآلمه كثيراً، فعن عائشة قالت: ما رأيت أحداً كان أشدَّ عليه الوجع من رسول الله... ،وقد أشارت أخبار كثيرة في طبقات إبن سعد في فصل إشتداد المرض على رسول الله حتى كاد يتقلب على فراشه من شدة الوجع ،مما يجعلنا نطمئن بل ونقطع بأن شدة الوجع والتقلب على الفراش مردُّه دخول السمّ إلى جوفه فآلمه كثيراً وهو ملحوظ عند من يبتلي بحالة التسمم،فقد روى إبن سعد عن عبد الرحمان بن شيبة عن عائشة قالت: إن رسول الله طرقه وجعٌ فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه،فقالت له عائشة: يا رسول الله لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه! فقال لها رسول الله :أوما علمت أن المؤمن يشدد عليه ليكون كفارة لخطاياه..إنتهى.
لست أدري ما هو الذنب الذي ارتكبه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والعياذ بالله حتى يشدّد عليه ربُّه ليغفر له خطاياه؟؟!! كلا ثمَّ كلا !لم يتوجع النبيّ بسبب ذنبٍ إرتكبه،بل وجعه الشديد بسبب السمّ،إذ لا يجوز أن يُنسب إلى الأنبياء المعاصي والأخطاء ،لأن ذلك خلاف الإخلاص لله تعالى،وغير المخلص لا يجوز تنصيبه رسولاً من قبل الله تعالى لعامة خلقه،فرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يذنب طرفة عين قط وإلاَّ لما صحَّ ان يكون نبيَّاً مرسلاً، ولكنَّ المسألة أعمق مما ذكرته الرواية وهو شيء عظيم أدَّى إلى توجع النبيّ لا لذنبٍ وإنَّما لأجل السمّ .
ولم يقتصر الأمر على الوعك الشديد الذي ألمَّ برسول الله بل تعداه إلى أن قاء (بأبي هو وأمي ونفسي ) دماً،والتقيء دماً علامة شدة السمّ ،وقد ذكر ذلك أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته الشريفة في رثاء مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام بقوله(فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت بين نحري وصدري نفسك) فقد اشار إبن أبي الحديد في تفسيره لنهج البلاغة بأن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مات مسموماً وأنه قد قذف دماً حال مرضه،فقال: يروى أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قذف دماً يسيراً وقت موته ...إلى أن قال:وبعضهم زعم أن مرضه كان أثراً لأكلة السم التي أكلها واحتجوا بقوله "ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري".
وفي خطبة أخرى قال (ع): (ولقد قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإن رأسه لعلى صدري ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي ..) وقد فسّرها الشيخ محمد عبده في شرح النهج في الجزء الثاني ص172بأن (معنى نفسه هو دمه فقد روي أن النبيّض قاء في مرضه فتلقى أمير المؤمنين في يده ومسح به وجهه..)إنتهى.
وما ذكره إبن أبي الحديد من أن قذف الدم كان بسبب سمّ خيبر ليس دقيقاً لقرائن قوية سوف نستعرضها لكم ، بل الصحيح ما ذكرناه من أن قذف الدم هو بسبب قوة السمّ بفعل اللدّ الذي كثُر على نبينا المظلوم صلّى الله عليه وآله وسلّم من بعض أصحابه ونسوته،واللدُّ لغة هو الإرغام على أخذ الدواء كما يرغم الصبي فيؤخذ لسانه فيمد إلى أحد شقيه ويوجر الدواء في الصدف بين اللسان وبين الشدق...وهذا يعني أن ثمة شيئاً غريباً جداً أرادوا تمريره بسقيهم الدواء وهو مغمى عليه وهو من الغرائب في التعاطي مع المريض المحتاج إلى الدواء،مما يجعلنا نعتقد بتدبير مكيدة السم لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى يتخلّصوا منه ليتمَّ لهم الإستيلاء على مقاليد السلطة والحكم، فتدبروا جيداً.
وخلاصة المقال:أن جماعة من نسوته وصحابته لدّوا النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم السمَّ وقد تكرر من عائشة وحفصة ذلك حتى وهو مغمى عليه كما أشرنا،وقد أشاعتا بين الناس بأن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم مصاب بداء الجنب وهو السل أو السرطان،حتى تبرران شنعتهما ودفع تساؤل البعض عن إصرارهما على سقيّ زوجيهما الدواء،فكان الجواب حاضراً بأنه مصاب بداء الجنب ،فمن هنا ردَّ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هذا الإدعاء قائلاً بأن الله تعالى لا يصيبه به لكونه من الخبائث والأنبياء منزهون عن ذلك وأن الله تعالى يكرمهم بإبعاد الأمراض الخبيثة عنهم،فعملية تكرار اللد مع نهيه صلّى الله عليه وآله وسلّم لهنَّ عن ذلك يكشف كشفاً أنيَّاً بأن ثمة مكيدة كانت عائشة وحفصة دبرتاها للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد نجحتا في ذلك.
علاج التعارض بين أخبار الخاصة والعامة!
قلنا أن المشهور عند العامة أن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مات مسموماً نتيجة الذراع المسمومة بعد يوم خيبر، وهذا يتعارض مع الأخبار الأخرى الدالة على أن عائشة وحفصة سمتاه، ووجه علاج هذه الأخبار هو بوجهين:
(الوجه الأول):أن نطرح الأخبار الموجودة في مصادرنا لأجل موافقتها لأخبار العامة،وذلك لما ورد عنهم في الصحيح بردِّ الأخبار المنسوبة إلى أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام مع موافقتها لأخبار العامة لأن الرشد في خلافهم لكثرة ما لفقوه على نبينا وأئمتنا الطاهرين عليهم السلام من الكذب والإفتراء للتنقيص من قدرهم حتى يتساووا مع خلفاء الضلالة بالنقائص والعورات.
ولكنَّ الطرح وإنْ كان هو القاعدة الأساسيَّة في ترجيح خبرٍ على خبرٍ آخر أو طائفة على طائفة أُخرى في حال عدم إمكان الجمع بين المتعارضات ـــ ضمن شروط ليس ههنا محلُّها ـــ وأمّا في حال إمكان الجمع بين الأخبار المتنافرة فلا مانع من إعمال وإستخدام قواعد الجمع الدلالي الذي عمل به مشهور فقهاء الطائفة المحقة،من هنا كانت القاعدة التالية (الجمع أولى من الطرح) هي المعوَّل عليه في قواعد الجمع الفقهي بين الأخبار المتنافرة عرضاً،بشرط عدم الإخلال بالأسس الأصيلة في الكتاب والسنّة الدالة على تنزيه المعصوم عليه السلام عن الدنس والجهل والرجس،بالإضافة إلى شرط آخر في قواعد الترجيح وهو أن يكون أحد الخبرين المتعارضين أكثر ملائمة وموافقة للقرائن الخارجية التي تثبت صحة أحدهما وترجحه على الآخر،وحيث إن أخبار اللدّ بالسمّ بواسطة عائشة وحفصة فيها ما يؤيدها من القرائن الخارجية ،وحيث إنَّها أكثر قبولاً من معارضها من الناحية العقلية والشرعية،وحيث إن أخبار اللدِّ عند المخالفين أقل بكثير من أخبار سمِّ اليهودية،يتعيَّن علينا الأخذ بأخبار اللدّ وطرح أخبار سمِّ اليهوديَّة للشروط التي أشرنا إليها آنفاً.
(الوجه الثاني): أن نأخذ بكلا الطائفتين من الأخبار المتعارضة وذلك لإمكانية الجمع بينهما دون أن يترتب عليه محذور شرعيّ أو عقليّ ،لذا لا مانع من الأخذ بهما معاً وبالتالي يكون كلا السمّين دخيلين في شهادته صلّى الله عليه وآله وسلّم.
والتحقيق الدقيق عندنا هو الوجه الأول لأقوائيته وترجّحه على الوجه الثاني وخلوه عن الإشكالات التي سوف نعرضها على العلماء المحققين والفقهاء الورعين والفُطُن من المتعلمات والمتعلمين...وقد سبق منَّا في بحوثنا السابقة الميل إلى ما ذهب إليه المحدِّث المجلسيّ في الجزء السابع عشر /باب وفاة النبيِّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم من أنَّ سمَّ اليهوديّة ثم سمَّ عائشة لهما دخلٌ في شهادة النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم جمعاً بين الأخبار المتعارضة،ولكنّنا عدلنا عنه بعد التحقيق الدقيق فيه ،وجدناه غير صالحٍ لوجود خللٍ فيه وذلك لعدم توفر شروط الجمع الدلالي الذي يجب توفره فيه،ومن أهمها التكافؤ بين الخبرين المتعارضين ،ولا تكافؤ في البَين،لوهن أخبار سمِّ اليهودية وإضطرابها وتشوشها وموافقتها لأخبار المخالفين،فهي ساقطة من أساسها ،فلا تصلح لمعارضة أخبار سمِّ عائشة،وبالتالي فلا يصح الإعتماد عليها لا منضمةً إلى أخبار سمِّ عائشة ولا مستقلةً بطريقٍ أولى ....
وإذا اتضح ما ذكرنا لا يكون ما ذكره المجلسيّ رحمه الله وجهاً نقيَّاً لعلاج المعارضة الذي ادَّعاه،فالصحيح ما ذكرناه،والله تبارك شأنه هو العاصم فهو حسبنا ونعم الوكيل.
أخبار سمّ اليهوديَّة يوم خيبر مضطربة ومشوَّشة
لقد دلت بعضُ الأخبار في مصادرنا كما هو في مصادر المخالفين بان النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم قد سمَّته إمرأة يهودية في السنة السابعة بعد معركة خيبر،وهذه الأخبار هي حصيلة الجمع بين أخبار الخاصة والعامة في الوجه الثاني المتقدِّم،وهو ضعيفٌ جداً لا يصلح لمقاومة الوجه الأول،لذا فإنَّ لدينا عدة قرائن قطعيَّة تثبت زيف الأخبار الدالة على سمّ اليهوديَّة في الوجه الثاني،ونحن نستعرض هذه القرائن تباعاً بالوجوه الآتية:
(الوجه الأول):لقد أجمعت كلُّ هذه الأخبار على أن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يأكل من الذراع المسمومة لأنَّه صلوات ربي عليه أخذها فلاك منها مضغة فلم يُسغها ثمَّ لفظها،بل في بعض هذه الأخبار أن الذراع تكلمت بقدرة الله فقالت:يا رسول الله لا تأكلني فإنّي مسمومة،فإذا لم يأكلها أو أنَّه لفظها بعدما لاكها في فمه ثم بصقها فكيف يمكن أن يتسرب السمُّ إلى جوفه ويؤثر أثره العجيب مدة ثلاث أو أربع سنين على أبعد تقدير ؟؟!! فهل يعقل أن لا يؤثر السمُّ على جسمه المبارك مباشرة بعد مضغه لقطعةٍ منها في حين أنَّه أثَّر عليه بعد سنين ؟؟!!...فالفارق الزمني الطويل الفاصل بين المضع والموت كفيلٌ بردِّ هذه الدعوى المناهضة لقانون الصحة فضلاً عن قواعد ترجيح الأخبار بعضها على بعض..!.إذ كيف يتصوَّر الجمع بين الأخبار القائلة بأنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يأكل أصلاً من الشاة المسمومة لا مضغاً ولا إزدراداً ـــ أي بلعاً ـــ وبين الأخبار القائلة بأنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّممضغها ثمَّ لفظها وبين الأخبار القائلة بأنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أكل من الذراع ما شاء الله تعالى ثم نطق الذراع قائلاً كيا رسول الله إنِّي مسموم فتركه...؟؟!! وهل يصحُّ الجمع بين المتناقضات يا أُولي الألباب ؟؟!!.
فذلكة الكلام:أنَّ طبيعة السموم فتكها لضحاياها في أيامٍ معدودات ولا تمهلهم سنين متمادية لتقضي عليهم،وهو أمرٌ ملحوظٌ في تجارب السموم في التاريخ ،والطبُّ الحديث يؤيده،كما أن الروايات الصحيحة عند القوم تؤيد عدم أكل النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم من طعام خيبر كما أشار البخاري إلى بعضٍ منها في صحيحه،وعليه فإن هذا دليلٌ على أن قضية موت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بسمّ خيبر مكذوبة من أساسها وبالتالي فإن ما روي عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله: " ما زالت أكلة خيبر تعاودني كلَّ عام " محبوكة بالتلفيق والكذب عليه صلوات الله عليه وآله،لفقها عليه إعلام السلطة المغتصبة وألقوا تبعتها على أكلة خيبر .
(الوجه الثاني):لم تروِ رواية واحدة تشير إلى معاناة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم من مرضٍ جسديّ بسبب الأكل من طعام خيبر أو غيره،بل العكس هو الصحيح فقد جاء في سيرته الشخصيَّة قوة نشاط في بنيته الجسديَّة وكان يمارس ويزاول أعماله وحروبه بشكلٍ طبيعيٍّ سيَّما أنَّه شارك في معارك كبرى بعد معركة خيبر كمعركة حنين وحرب بني قريظة وصلح الديبية وفتح مكة وغير ذلك ولم يروَ أنَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم عانى من ضعفٍ بسبب أكلة خيبر مما يعني أن القضية فيها ما فيها من التلفيق والتزوير ..!!.
(الوجه الثالث):إنَّ أكثر أخبار سمّ اليهوديَّة ضعيفة السند،ولو فرضنا جدلاً صحة أسانيدها ـــ وفرض المحال ليس محالاً ـــ إلاَّ أنَّ متونها ودلالاتها غير سليمة وليست نقيَّةً،ولا يجوز التعويل في مثل المقام على روايات غير نقية السند والدلالة لكونه من الركون إلى التقول على شخص النبيِّ الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم بغير علمٍ،وهو موجب لأليم العذاب وسوء الحساب .
(الوجه الرابع):إنَّ هذه الأخبار في هذه الطائفة مضطربة في متونها ومشوَّشة في دلالاتها،فمنها يقول:أنَّ الضحيَّة التي ماتت من أصحاب النبيِّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بفعل الأكلة من الشاة هي:البراء بن معرور،وفي بعضٍ آخر أنَّه:بشر بن براء بن معرور،وفي ثالثة أنَّه:بشر بن البراء بن عازب...
(الوجه الخامس):أنَّ أرباب التراجم (سيَّما إبن الأثير الجزري في أُسد الغابة في معرفة الصحابة في ترجمة البراء بن معرور ) يقولون:أنَّ البراء بن معرور قد توفيَّ قبل أن يهاجر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة بشهرٍ،والشاة المسمومة إنَّما كانت في السنة السابعة بعد الهجرة،فكيف يكون البراء بن معرور قد مات من أكلةِ خيبر في حين أنَّه مات قبلها بسبع سنين؟!.وأمَّا إذا كان المقصود بالضحيَّة هو بشر بن البراء الذي مات في خيبر كما يقول إبن الأثير،فمردودٌ أيضاً وذلك لمعارضته للأخبار الأخرى الدالة على أن الضحية كان البراء وليس إبنه،لأن أكثر الروايات تصرَّح بأن الذي مات من الأكلة إنَّما هو البراء وليس إبنه بشر،فترجَّح روايات البراء على الرواية الأخرى المصرِّحة بإسم إبنه بشر،وحيث إن روايات البراء مضطربة بذاتها فلا تصلح حينئذٍ للإعتماد عليها فضلاً عن أن تكون مرجّحةً على غيرها من الروايات.
(الوجه السادس): الأخبار تقول:أن اليهوديَّة هي زوجة سلام بن مشكم،وفي أخبار أُخرى تقول أنَّها:زوجة عبد الله بن مشكم،وفي ثالثة أن إسمها زينب،وفي رواية رابعة أن إسمها عبدة...فتنوع الأسماء بالمرأة اليهودية يؤدي بها إلى إختلالها من أساسها وهذا مسوِّغ شرعيٌّ لسقوطها عن الحجيَّة .
(الوجه السابع):على فرض أنَّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أكل من الشاة المسمومة،فكيف للسمِّ أنْ يستمر بجسمه الشريف أكثر من أربع سنين دون أيّ تأثيرٍ،ثمَّ بعد ذلك يتوفى بسببه؟!.
(الوجه الثامن):لو تنازلنا عن كلِّ المحاذير المتقدِّمة ثم فرضنا جدلاً أنَّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم أكل من الذراع المسمومة ولكنَّه ليس سبباً وافياً وكافياً بكونه العلَّة الرئيسة بموته حسبما يدَّعي المخالفون وبعض الجهلة من علماء الشيعة بل ثمة عاملٌ آخر أدَّى إلى الموت وهو السمُّ الآخر الذي دسته عائشة وحفصة للنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم في دوائه،لأن بعض الأخبار العاميّة تشير إلى أنَّ النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعانِ من مرضٍ بسبب السمِّ ولا أصابته حمى شديدة كالتي أصابته يوم أعطى الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أمراً بتجهيز جيش أُسامة،فقد أشار إبن سيّد الناس في كتابه عيون الأثر ج2ص281أن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر بحملة أُسامة يوم الإثنين،فلمَّا كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجعه وصدع.
ومما يؤكد ما ذكرنا :أن الحزب القرشي المتمثل بأبي بكر وعمر وأعوانهما قد عرفوا هدف الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم من أمرهم بالإلتحاق في جيش أسامة لمحاربة الروم في بلاد الشام، ومن المؤكد أيضاً أن النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد بإرسالهم في جيش أسامة هو أمران:أحدهما، إبعادهم عن المدينة ليصفو الوضع لإبن عمه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام الذي نصّبه وليَّاً على المسلمين بأمرٍ من الله تعالى،وثانيهما،القضاء عليهم في تلك الغزوة التي لو التحقوا بها لكانوا في عداد الموتى قطعاً وذلك لجبنهم وعدم قدرتهم على القتال،بل لم يعهد منهما أنهما خاضا حرباً في معركة على الإطلاق مع وجود سيّد العالم وبطل الأبطال مولانا إمام المتقين عليّ عليه السلام ،فكيف بهم يخوضون حرباً ضروساً دون معين لهم ولا نصير من أحد أولئك الذين خاضوا معارك البطولة دون خوف أو وجلّ..!!! لهذين السببين المضافين إلى أسباب أُخرى كالطمع بالخلافة والقضاء على أهل بيت النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم وتغيير معالم الشريعة المحمدية والولاية العلوية الفاطمية،كلُّ هذه الأسباب دعت الحلف القرشي أن يضع الخطط للتخلص من الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم بشكلٍّ سريٍّ ماكرٍ لئلا يُفتضحوا أمام المسلمين..!!.
(الخلاصة): لقد أوعز أبو بكر وفصيله عمر إلى إبنتيهما ليضعا السمَّ لرسول الله بجرعة بسيطة لا تؤدي إلى الموت السريع في طعامه حتى يصورا للناس بأنَّه محموم وهو بحاجة إلى الدواء،وهكذا كان،فقد سمُّوا النبيَّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بدهاءٍ عظيمٍ قلمَّا يتفطنُ إليه أكثرُ الناس ...وعلى ضوء ذلك أصابت الحمى الخفيفة النبيَّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم بعد ذلك بدءا بوضع السمّ قليلاً فقليلاً وعاونهم أناسٌ آخرون من غير بني هاشم(1) ليقوى عليه المرض بسبب السمّ في الدواء ..إلى أن فارق الدنيا مظلوماً مكروباً مغموماً محزوناً على أهل بيته الطاهرين وما سيصيبهم من الأذى من قومه وبعض أصحابه ونسوته...وبسمّهما لرسول الله خرجتا من الدين، من هنا أعربت الآيةفي سورة التحريم أنهما أي عائشة وحفصة قد كفرتا بما فعلتاه برسول الله قال تعالى(وإذا أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره اللهُ عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض، فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا؟قال نبأني العليم الكبير، إن تتوبا إلى الله فقد صغت_أي زاغت_قلوبكما وإن تظاهرا عليه_أي تتفقان على قتله_ فإن الله هو مولاه وجبريلُ وصالحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير...) التحريم 3_4 وفي رواية في البحار ج22 ص 246 ح17 تدل على أن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أراد قتل أبي بكر وعمر فنهاه الله عز وجل عن ذلك فراجع.
(1) وإن كانت بعض مصادرهم تتهم العباس بن عبد المطلب في عمليّة اللد حتى إذا انكشف أمرهم قالوا للناس أن العباس لدَّه بالسم لأجل الخلافة .
هذا ما أحببنا إيراده على قضيّةٍ مهمة حاول المخالفون التغطية عن مرتكبيها دون النظر إلى خلفيات الإنقلاب على السلطة الشرعيَّة وما فعلوه بالرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا كان على فراش الموت وما نعتوا به نبيُّهم الكريم بعبارات يستحي إنسانٌ كافر نعت النبيّ به،ودون النظر إلى ما فعلوه بإبن عمِّه ووصيِّه أمير المؤمنين عليّ وإبنة رسولهم الكريم سيِّدة النساء الصدِّيقة الكبرى الزهراء البتول عليها السلام،ودون النظر إلى ما كانت عائشة وحفصة تكنانه من المشاكسة والبغض لرسول الله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وما كان يظهره النبيُّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم من تحذير لهما وعلى وجه الخصوص عائشة،إلى غير ذلك من الخلفيات الكثيرة التي لم نرد إثارتها حرصاً على سير بحثنا العلمي المختصر ههنا،وللتفصيل الإستدلالي الأعمق له مجالٌ آخر ،نأمل منه تبارك اسمه وتعالى مجده أن يوفقنا لذلك وأن يلهمنا معرفة الحقائق وتقبل الحقّ مهما كانت نتائجه مُرَّة،سائلاً الله عزَّ ذكره أن يمنَّ علينا بفرج مولانا الإمام المعظَّم المهديّ المنتظر (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)وأن يردَّ كيد من أراد به كيداً وأن يحفظه ويحفظ شيعته الموالين والواقفين على الثغر المحاذي لإبليس وجنوده،وهو حسبنا ونعم الوكيل ،والحمد لله ربّ العالمين وصلواته على رسوله محمد وآله الغرّ المطهرين عليهم السلام آمين.