تسلط الادارة وتعسفها في إستعمال السلطات التقديرية الممنوحة لها ..
منح المشرع العراقي الادارة سلطات تقديرية واسعة للادارة تمكنها من ادارة المرفق العام بشكل يضمن الى حد كبير تحقيق الاهداف المرجوة منه ..
ومن ضمن هذه السلطات تبرز سلطة فرض العقوبة الانضباطية على الموظفين المخالفين او المتهمين بكونهم مخالفين للقوانين والضوابط والتعليمات النافذة التي ترسم بصورة واضحة كيفية اداء الموظفين لاعمالهم المكلفين بها ..
وكذلك سلطة النقل من موقع الى آخر وسلطة الاعفاء من المنصب وتكليف موظف آخر به ..
نلاحظ ان صلاحية فرض العقوبات المنصوص عليها في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام وكذلك التعسف في استعمال الادارة لصلاحية نقل الموظفين من اماكن عملهم الى اماكن اخرى تعينها الادارة تواجه في كثير من الحالات عندما يتم الطعن بها أمام القضاء بالإلغاء لعدم شرعيتها وقناعة القضاء بعدم وجود ما يستحق فرض العقوبات او لتعسف الادارة في استعمال صلاحياتها ..
وهنا يكون الموظف قد بذل جهودا خرافية في سبيل استرجاع حقه ورفع الظلم والغبن الواقع عليه سواء كان بالتظلم والطعن والقضاء وتوكيل محامي وعشرات الاجراءات القانونية والادارية الاخرى المزعجة جدا بل ان الكثيرين من الموظفين ومع انهم مظلومون فانهم يتركون حقوقهم تضيع لان الاجراءات كثيرة ومزعجة ومعقدة بينما الادارة (حاطة رجل على رجل) وعاقبت الموظف تعسفيا .. فان ترك التظلم فقد ثبت عليه .. وان نجح في رفع الظلم فقد نجحت الادارة في احراق دمه واعصابه مع تكبده صرفيات كبيرة ومن ثم ستعمل على مضايقته مرة اخرى مما سيضطره في الاخير الى الاستسلام والسكوت .. واما الاعفاء من المنصب وتكليف الغير فحدث ولا حرج .. لان اي موظف لا يستجيب لرغبات الادارة المنحرفة سيكون معرض في اي وقت للاعفاء من المنصب وتكليف اخر يتلائم ويستجيب للضغوط ولا يعارضها اذا كان ثمن ذلك هو الكرسي .. والمفارقة ان احيانا يكون ملخص الخدمة الوظيفية بين السابق واللاحق يؤشر بشكل واضح فرق كبير بين الاثنين والتسبيب الأزلي موجود (استنادا للصلاحيات المخولة لنا) او (لمقتضيات المصلحة العامة) وهنا يكون القرار غامض وغير مسبب بشكل واضح ولكنه ساري المفعول .
أدعو الى تعديل قانون الخدمة المدنية وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام لاضافة مادة فيهما او في احداهما توجب اعفاء الادارة التي تلغي المحاكم الادارية المختصة قرارات فرض العقوبات على موظفيها اذا تكررت تلك الحالات من (٣-٥) حالات خلال السنة الواحدة او خلال سنتين لان ذلك يدل على أنها ادارة مزاجية وغير مهنية وتصر على التعسف في استعمال السلطة التقديرية الممنوحة لها ولا تراعي المصلحة العامة بل تؤثر مصالحها الشخصية الضيقة .
وبالنسبة للاعفاء من المنصب فاقترح ان يتم تسبيب أمر الاعفاء وعدم الاكتفاء بما ذكر اعلاه بالاضافة الى وجوب ان تكون السيرة الذاتية الوظيفية للمرشحين لشغل اي منصب تفوق او تساوي او حتى تقترب من شاغل المنصب المراد اعفاءه .
مع شديد الاسف اصبحت الكثير من الادارات تعتمد على العلاقات الشخصية والمصالح غير الشرعية واصبحت عبارة عن مجموعات متراصة فيما بينها تدير المرفق العام ولا تسمح لأيا كان باختراقه وتتبادل المواقع والمناصب والمسؤوليات واللجان والامتيازات فيما بينها وهذا امر يشيع الفساد ويسمح به بل ويحميه ايضا ويجب ان يكون هناك تدخل تشريعي لايقافه والحد منه .
والله المستعان