1- لا يَدَّعيَنَّ أحَدٌ أنّ الحكمةَ اللّسانيّةَ جُمعَتْ في التّداوليّات أو في اللّسانيّات الصّوريّة بوجَهَيْها البنيوي والتوليديّ، أو في الدّلاليّات أو في السيميائّيّات أو في التأويليّات...
وإنّما اجتَمَعَت الفوائدُ في التّركيبةِ كلِّها، ولعلَّ اللسانيّاتِ النّصّيّةَ وتَحليلَ الخطاب منزَعٌ جديدٌ في العُلوم الإنسانيّةِ يُقاربُ الظّواهرَ الموصوفةَ بمنظارٍ أشملَ.
2- النّصُّ إعادةُ تَوزيع نظام اللغة، إعادةُ ترتيب المُؤلِّفات المعجميّة والتّركيبيّة والصّوتيّة والدّلاليّة، نستطيع أن نبنيَ نصوصاً لا تنتهي، من المؤلِّفاتِ نفسِها، وذلكَ بإعادة ترتيبها
في كلّ مرة على هيئة مُختلفة، فهيئة البناء أو النّظم سمةٌ نصّيّة، والذي يتحكّمُ في البناء قواعدُ داخليّة تُحققُ التّماسُكَ، وقَواعدُ سياقيّة وتواصليّة تحققُ الانسجامَ وتُبْنى على الأولى
[ذَكَرَت شيئاً من هذا المَعْنى جوليا كريستيفا، انظر علم النص ترجمة الزاه، [وذَكَر شيئاً من هذا المَعْنى عبدُ القاهر الذي يشترطُ النّظمَ النّحويّ معياراً من معايير النّصّيّة]
3- يُعجبُني رأيُ النّاقد اللّسانيّ برند سبيلنر B. Spillner الذي انتَقَدَ تعريفَ اللّسانيّين النَّصَّ بأنّه متتاليةٌ من الجُمَل، وبأنّه قد يتكوّنُ النّصُّ من جملةٍ واحدةٍ أو أكثر... فقَد علّقَ
على حصرِ التّعريفِ في دائرةِ التّردّد بين النّصّ والجُملَة، بأنّه تعريفٌ دائريّ أو دَوْريٌّ يُعرّفُ النّصّ بالجملةِ والجملةَ بالنّصّ، وبأنّه لا يُقيمُ الحدودَ الفاصلةَ بينهما، وهذا تصوّرٌ
غيرُ منهجيٍّ Amethodical، وهو تعريفٌ آليّ ساذَجٌ يَفتقرُ إلى تصوُّرِ مَفاهيم الرّبط والتّعليق التي تُجاوزُ روابطَ الجملةِ بين الكلمات، إلى روابطَ عُلْيا
أمّا كلاوس برنكر K. Brinker فقَد اشترَط ألاّ يكونَ النّصّ جزءاً من غيرِه أو وحدة في نظامٍ أعلى، فلا يَكونُ تعليقاً على رسم أو قطعة موسيقية أو توقيعاً على صورة أو تعليقاتٍ
في طُرر الكُتُب وحواشيها؛ فمن شُروط النّصّ ألاّ يكونَ جزءاً من وحدةٍ أعلى وأشملَ، إنّه بنيةٌ كبْرى تتألَّفُ من وحداتٍ مُتماسكةٍ ليسَت بالضّرورةِ جُملاً