السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهُ
كثير ما يتداول الناس مصطلح الغربة .. خصوصاً عندما نسمع بأن شخصاً ذهب الى مكانِ ليس بوطنهُ ..وسوف اتكلم هنا عن تجربتي لكوني من الذين سافروا بعيدا عن موطنهم ..
في بداية فكرة السفر,, بدأت التساؤلات تدور في ذهني وكان من ابرزها كيف سأترك مدرستي ؟ صديقاتي ؟ اقاربي ؟جيراني ؟ المنزل الذي تربيت في كنفهُ ؟ حيث ذكرياتي التي توجد في كل زاوية من زواياه .. كلامي الذي كان يدور مع الاهل في ذلك الوقت هو كيف سأفارق صديقاتي ومدرستي فذلك كان شاغلي الوحيد .. وبينما كنت جالسة في احد الايام واذا بـ أتصال من والدي
- كملت جوازاتنا والاسبوع الجاي نسافر ....
لا اعرف كيف اصف شعوري في ذلك الوقت وعندها اخبرت صديقاتي بأننا سوف نسافر وكان كلامنا الوحيد
- شلون راح تعوفينا ؟ لتسافرين .. ابقي ..
وبعدها حصل ما حصل وسافرت .. ورأيت مالم أكن اتوقعهُ .. كنت اتخيل اشياء بعيدة كل البعد عما كنت افكر به .. وفي البداية كان الاختلاط بالناس وكيفة التعامل مع البيئة أمراً صعباً جدا وذلك لوجود عائق كبير وهو اللغة .. وبعد فترة من الزمن درست اللغة وبدأ اختلاطي بمن حولي يزداد .. لكني واجهت صعوبة في بداية الامر وذلك لاختلاف العادات والتقاليد والثقافة وطريقة التعامل مع الناس الا ان اول الاشياء الجميلة التي لفتت انتباهي هو اني عندما كنت اخرج للتسوق او اذهب الى المدرسة فأصادف احداً في الشارع اراه يبتسم لي وهو يحييني سواء كان كبيرا او صغيرا .. وكانت هذه الاشياء مفيدة بالنسبة لي لانني ممن يحبون التعرف على ثقافات واشياء مختلفة ..وكان هنالك شيئاً مهماً يسود في هذا البلد وهو انهم اناس يحترمون الانظمة والقوانين ويقدسوها فكل شخص يخالف هذه الاسس يعاقب عقاباً مادياً وان كان بسيطا ..
وبعد مرور عامٍ على سفري بدات افكر واسأل من حولي .. فلماذا لا يوجد في بلدي اشياء كهذه ؟ ونظام و اناس تطبق القانون وتحترمه كهؤلاء .. وكان والدي دائما ما يجيبني وهو يقول :
- في زمن السبعينات جنة احسن بلد بالعالم بس الضروف والي حكموا العراق همه السبب
أتسائل دائما لماذا تراجعنا الى الخلف ولم نتقدم خطوة واحدة ؟ لماذا لم نسابق الزمن ؟ فـ نحن المثقفين ونحن اصحاب العقول المفكرة .. فدائما ما تسألني الاستاذة في الغربة .. لماذا انتم العراقين تفكرون في الطب او الهندسة هذا شئ صعب ؟ كنت اقول لها لا .. ليس بالأمر الصعب .. وعرفت ايضا بان معضم افكارنا يطبقها الغرب ..وعندما كنت اتكلم مع صديقاتي او اقاربي في العراق يقولون لي الغربة صعبة والغربة ذلة
لكنِي لم احس بهذا الشئ ابدا .. ولا انكر ان الاشتياق الى بلدي موجود دائما ولا يزال بداخلي خصوصا عندما ياتي العيد او المناسبات الاخرى فهنا كثيرا ما افتقد الوطن .. لكنني ايقنت بـ ان الغربة ليست غربة المكان فـ كثير من الناس يعيشون وسط اهلهم ويشعرون بالغربة .. فالفيلسوف الاندلسي ابن باجة يقول ..
(( ان المقصود في الغربة .. هو ذاك الشعور الحاد بالاختلاف والتميز الذي يعانيه النوابت ))
وهنا يقصد بان الغربة دائما ما تكون غربة الفكراو الروح و المبادئ .. فكثيرٌ من الناس يغتالهم الشعور بالغربة وهم بين احبابهم وعلى ارضهم ..
فقد قرأت مرة من المرات لكاتبٍ يقول
غربتي غربة المشاعر والروح
وان عشت بين اهلي وصحبتي
كل ما يشغل فكري الان هو ان احصل على اعلى الشهادات لارفع رأسي ورأس العراقين عالياً
ولنثبت كلنا للعالم بـ ان لا عقبات امام العراقي .. ولا احد يستطيع كبت افكاره التي طالما حلم بها .. وهي كـ حلقات السلاسل الى ما لانهاية ..
احبتي واخوتي اتمنى أن اكون قد وفقت بنقلِ ولو جزء بسيط من تفكيري .. وشعوري المخدوش ببعد الوطن .. وَلَكم اتمنى ان اعرف افكاركم وما يدور في رؤوسكم عما كتبت ....
مع كل الود
أإآيـفـ~ـأإآنْ~