تَعّلُّم الّلغة العربيةِ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ يُمكنهُ أن يتَعلَّمها، فإنَّ الله فَرض الصَّلاة على عبادِه وفَرضَ فيها قِراءةَ القرآنِ، وأَمرَ فيها بتدبُّرِ القرآنِ، والعَملِ به، وفي الصَّلاة أذكارٌ يجبُ أن يقولَها كلُّ مُصلٍّ، وَأُمِرَ المسلمُ أن يُنصِتَ للخطيبِ يومَ الجُمعة؛ لِيَفقه ما يقوله، وقَد فَقِه هذا أسلافُنا فأقبَلوا على تَعلُّمِها، وكانَ منهم العلمَاء المحدِّثونَ، والمُفسِّرونَ، والفُقَهاءُ.
وهل كانَ أَكْثَرُ علماءِ النَّحْوِ والّلغةِ إلّا من غَيرِ العربِ؟
بل زَعَمَ ابنُ خَلدون أنّ أكثَر حَملَةِ العُلومِ كلّها في الإسْلامِ من العَجَمِ!
والمقصُودُ مِن هَذا الواجِبِ الذي نَعْنِيه هو القَدرُ الَّذي يفهمُ بِه دِينَه، وأمَّا التَّبحُر في عُلومِ العَربيةِ نَحوِها وصَرفِها ومَعانِيها وبَيانها، والدَّلالاتِ، والاشْتِقاقِ، فهَذا ليسَ ممّا يكلَّفُ بِه المسْلِمُ، سواءٌ أكَانَ عربيّاً أم غَيرَ عربيّ، غيرَ أنَّ العَالِمَ بالشّرِيعَةِ يَجِبُ عليهِ مالَا يَجِبُ على غَيْرِه، وتَفْرِيطُ من فَرَّط في ذلكَ مِن بَعضِ الفُقَهاءِ في عَصْرِنا لَيْسَ فيهِ حُجَّة، بل الحُجَّةُ عليهم، ولَوْ عَلِموا مافي العربيَّة وعُلُومِها مِن عَونٍ على الفِقْهِ والغَوصِ على المَعاني لَأَقْبلوا إِليها مُذعِنينْ!
والحاصِلُ: أنّ مَن قَدَر على تَعلُّم العربيَّةِ وأعرضَ عنها فهو آثمٌ، ومن تَنَصَّل عن تَعْلِيمها للنّاطِقِ بِغَيْرِها فَهُو آثم، إذا لَم يَكْفِه غيرُها تَعْلِيْمَها.