قالَ عُبيدُ بنُ أيّوب العنبريُّ :
أهابوا به فازداد بُعداً وصَدًّه ... عن القُرب منهم ضوءُ برقٍ ووابلُهْ
الضّميرُ في مَعمول أهابوا يَعودُ على الصّقر، المذكور في البيت السابق، والشّاعرُ عُبيد بنُ أيّوب العنبريُّ يشبّه نفسَه بالصّقر ، وليسَ بمُطلق الصُّقور، ولكن بصقرٍ من صِفاتِه أنّ الصّائدينَ أهابوا به فابتَعَدَ ونأى بجَنبهِ عنهُم
وزادَه بُعداً عنهُم ضوءُ بَرقٍ ووابلُ مَطرٍ يعقُبُ البرقَ ويلْزَمُ عنه، لأنّك إذا تأمّلتَ أنكرتَ أن يُضافَ الوابلُ إلى البرقِ، وليسَ له، ولكنّ قرينَةَ الملازمَة والمُصاحَبَة أجازَت المَجازَ، فضُمِّنَ البرقُ مَعْنى من مَعاني المَطَر،
وقال الحُطيْئة :
حَتّى أنخْتُ قَلوصي في دِياركُم ... بخَير مَن يَحتَذي نَعْلاً وحافيها
أناخَ الشّاعرُ قَلوصَه في مَناخِ قِلاصٍ وهي ديارُ المُخاطَبينَ [المُخاطَب ههنا ابنُ شمّاس]
والجميلُ البليغُ في البيتِ إضافتُه الحافِيَ إلى النّعلِ، والحافي لا يَكونُ إلاّ حافِيَ القَدَمَيْن لا حافي النّعل، وإنّما أضافَ الشّيءَ إلى غيرِ ما هو لَه للاقتضاء؛ أو للتّنافي فلا يُذكرُ أحدُها إلاّ ويُذكرُ خلوُّه من نقيضِه، فحافي النّعلِ
حافٍ منهُما وخلوٌ منهُما