TODAY - 16 October, 2010
أستذكر عيده التاسع والسبعين في معرض كبير
الكاريكاتير العراقي.. يقرأ الواقع بسخريته المرة!!
عبد الجبار العتابي من بغداد
اجتمع ظهر يوم الاربعاء الماضي نحو عشرين رسام كاريكاتير عراقيا في قاعة جمعية التشكيليين العراقيين في المنصور في بغداد وقد حملوا اكثر من مئة لوحة.. علقوها على جدران القاعة الكبيرة، ثم فتحوا الابواب للمتابعين والجمهور بمشاهدتها، وسرعان ما امتلأت القاعة وراحت النظرات تحوم في ارجاء القاعة بحثا عن الافكار المطروحة والاستمتاع بالخطوط والاساليب التي تناولت الواقع العراقي واخترقت تفاصيله لتضعه معبرا عن (شر البلية ما يضحك) او انه (ضحك كالبكاء)، او شاهرا سخريته بقدر كبير من الوضوح.
المناسبة كانت.. مرور 79 عاما على نشر اول رسم كاريكاتير عراقي نشرته جريدة حبزبوز الفكاهية التي صدرت في التاسع والعشرين من ايلول / سبتمر عام 1931، لكنه تأخر قليلا لأسباب فنية وادارية، او ربما حسب رأيي ان الفكرة جاءت متأخرة بسبب الانشغالات الحياتية، لكن الرغبات احيطت على وجه السرعة بالاهتمام وتم التحضير من خلال العلاقات الوطيدة التي تربط الرسامين في ما بينهم لا سيما ان عبد الرحيم ياسر هو من نسج الفكرة، وما اكثر اصدقاءه الرسامين، فلبوا الدعوة وأرسلوا له لوحاتهم، فمنهم من حضر ومنهم كان خارج العراق يزف دعاءات النجاح لزملائه، وهذا المعرض، حسب رأي القائمين عليه، كان شاملا للرسوم الكاريكاتيرية العراقية، حيث شارك فيه 21 رساما،من داخل العراق وخارجه، من اجيال مختلفة، نظمه الرسامون أنفسهم بالتعاون مع جمعية التشكيليين، واحتضنت الجدران أكثر من مئة لوحة تباينت في تناولها للمواضيع فكانت ما بين السياسي والاجتماعي والخدمي والوجوه، لكن الهم السياسي كان طاغيا، والذي لغايات في انفسهم بعد ان طال غيابهم عن المعارض التي تحمل صفة التميز، من ابرز الغايات التي يمكن استنتاجها هو نفض غبار الكسل والعمل على اعادة القوة لاهل الكاريكاتير من خلال تأسيس تجمع لهم، ولم ينس القائمون على المعرض التذكير بأول معرض اقيم والذي كان عام 1971، فحضر البوستر
وقد عبر العديد من من الرسامين المشاركين عن سرورهم بالمعرض كونه جمعهم ولم ّ شملهم بعد غياب وتشتت وعدوه مناسبة لإعداد العدة من اجل تأسيس جمعية او رابطة او أي مسمى لرسامي الكاريكاتير في العراق وجعل يوم التاسع والعشرين من ايلول / سبتمبر مناسبة سنوية لاقامة معرض كبير لجميع الفنانين، كما اعترف البعض ان المعرض يعد فرصة لتذكير السياسيين بما يحدث في البلد وان هذه اللوحات وثائق مهمة للتنبيه وللتأشير على الاخطاء المرتكبة في المشهد السياسي العام.
.jpg)
في المشهد العام للمعرض لابد من التوقف بشكل عفوي امام رسومات الفنان الراحل مؤيد نعمة، وقد حضرت زوجته السيدة مها البياتي ونجله حسن وكأنما هما ينوبان عنه في الحضور، قالت: اشكر زملاءه المبدعين الذين ما زالوا يتذكرون مؤيد رغم رحيله ومرور السنة الخامسة، ولكن الذي فاجأني حين اتصلوا بي بأن يوم اقامة المعرض هو 13 / 10 / وهو عيد ميلاده يوم 13 / 10، كنت اتمنى لو كان المعرض في عيد ميلاده، فيبقى مؤيد رغم رحيله حيا بإبداعه في هذا الوطن.
واضافت: هذه اللوحات التي اشاهدها هنا تحمل ذكرى نضال وحياة متواصلة وارثا وطنيا، وأروع ما في الامر بأن هذه الرسومات كأنها رسمت لكل مرحلة، يعني كلما تنظر اليها تشعر انها ابنة المرحلة على الرغم من فارق السنين ما بين لوحة واخرى في وقت رسمها.
والرسامون المشاركون في المعرض هم: احمد الربيعي، ضياء الحجار، به رور كركوكي، بسام فرج، خضير الحميري، رائد نوري، رضا حسن، سالم الدوسكي، سردار كستيي، سلمان عبد، عادل صبري، عاصم جهاد، عبد الرحيم ياسر، عبد الكريم سعدون، علي المندلاوي، علي درويش، فيصل لعيبي، كفاح محمود، محمد العدواني، منصور البكري، اضافة إلى مجموعة من رسوم الفنان الراحل مؤيد نعمة.
يقول الفنان عبد الرحيم ياسر: هذا المعرض يقام بمناسبة ظهور اول رسم كاريكاتيري سنة 1931، وهو واحد من اكبر المعارض التي اقيمت في تاريخ العراق الحديث، المعرض يشمل اكثر من 21 رساما من مختلف انحاء العراق ومن رسامي الداخل والخارج، يحتوي على اكثر من مئة عمل توزعت على اركان القاعة، نأمل ان يكون هذا المعرض باكورة لمعارض اخرى ونأمل ان يكون المعرض يوفر فرصة لمحبي رسك الكاريكاتير ان يتحاوروا ويتناقشوا عن قرب، وايضا نأمل ان يكون هذا مشجعا للرسامين الاخرين ان يشتغلوا الكاريكاتير ليس في الصحيفة فقط وانما كرسم قادر على الامتاع وله متذوقون، ويمكن ان يعلق.
.jpg)
اضاف: المعرض له علاقة بكل شيء، له علاقة بالحياة، وبما يجري في العراق، له علاقة بما يجري في العالم، وعندما تشاهد المعرض ستجد رسوما عن واقع العراق، تجد فيه هموما انسانية وهموما عربية، وفيه بورتريه وفن تشكيلي، هذا المعرض نحن الرسامين الذين عملنا على اقامته، ولكن هناك جهات ساعدتنا ماديا.
كان هنالك ايضا الفنان خضير الحميري الذي تحدث الينا قائلا: المعرض يعد اول تجمع لرسامي الكاريكاتير العراقيين منذ عقود، هذه المجموعة من الاسماء لم تجتمع سابقا في معرض واحد، هنا 21 رساما، وهم الذين تمكنا من دعوتهم ولبوا الدعوة، من الداخل والخارج، اناس ينتمون الى جيل الستينات مثل الفنان بسام فرج ومن جيل السبعينات مثل الفنان فيصل لعيبي، وعندنا مجموعة من رسوم الفنان الراحل مؤيد نعمة حضرت في هذا المعرض وفنانون اخرون وصولا الى جيل التسعينات، أي ان المعرض يضم اربعة اجيال من رسامي الكاريكاتير العراقيين.
واضاف: اجتماعنا في هذه المرة لاهداف عديدة منها اننا نريد ان يكون هذا المعرض انطلاقا لتكوين تجمع كاريكاتيري عراقي ينظم تواجد فن الكاريكاتير العراقي في المنتديات العربية والعالمية، وايضا ينظم عملنا حاليا على المستوى الاعلامي والفني، الاعمال المشاركة بعضها من فن البورتريه والكاريكاتير السياسي والصامت لفنانين بأساليب وتوجهات مختلفة.
كما التقينا الفنان علي المندلاوي الذي قال: المعرض يقام بمناسبة عيد الكاريكاتير العراقي، وهو خطوة من ان نلتم نحن الكاريكاتيريين، وهو محاولة لاعادة التأسيس والتجمع، نريد ان نتكثف عسى ان نعمل مشروعنا (بيت الكارتون او الكاريكاتير) ولدينا الكثير من الافكار في اذهاننا، ومن اجل المشاركات الدولية، نريد ان نؤسس تجمعا جديدا يضم كل الرسامين العراقيين المهمين وعلى ضوئه من الممكن ان نؤسس جمعية او رابطة، المهم ان هذه الخطوة نعملها من اجل ان نقدر ان نعرض باسم العراق خارجيا في معارض نحن غائبون عنها جدا، فالغياب العراقي رهيب ولدينا طاقات وخبرات كبيرة، ثم اننا لدينا مسؤولية تجاه الاجيال الجديدة، تجاه الشباب، فإن كان عندنا تجمع سيكون لدينا مكان، وهذا المكان من الممكن ان نقيم فيه معارض شهرية، نعمل فيه دورات للشباب حتى نخلق اجيالا جديدة مبدعة.
واضاف المندلاوي: هذا المعرض قيمته في انه جمع هذه المجموعة كلها التي هي قريبة الى بعضها، يعني مجرد اتصال هاتفي ان لدينا معرضا من دون أي تعليق تجده يشارك، وهناك كثر يتمنون المشاركة ولكن نحن حاولنا قدر الامكان أن نضع الاعمال التي فيها تميز واضح لرسامين متقاربين.
في الاخير كانت لنا وقفة مع الفنان غير المشارك في المعرض والناقد علي الدليمي الذي قال: كل لوحة تمثل موقفا او نتيجة فعلية للواقع العراقي الحقيقي، والافكار المطروحة جميلة ومعبرة، حاول الرسامون جمعها بخطوط واضحة، ومن الممكن القول انها افكار عالمية، ولكن الهموم فيها محلية، عن الشعب العراقي بشكل عام والظروف التي يمر بها،ونحن نحتاج الى هكذا معارض في هذا الوقت، والى هكذا افكار موجهة، لكن على الاخرين ان ينتبهوا اليها، على الحكومة ان تجيب عنها، عن هذه الطروحات التي يطرحها الرسامون وهم نخبة مثقفة، انا ارى ان هذه الرسوم وثائق مهمة تشكل ادانة واضحة للتصرفات والسلوكيات.
واضاف: في هذا المعرض المهم.. الضحكة السوداء موجودة، السخرية حاضرة، كاريكاتيرنا ليس للضحك وانما هو يكشف واقع حال المعاناة العراقية، والافكار كلها تهكمية، لذلك فالمعرض له تأثيره، واتمنى ان يزداد عدد المعارض الكاريكاتيرية، فالكاريكاتير صوت معبر بوضوح.
.jpg)
.jpg)
رد مع اقتباس
