معنى بر الوالدين
بر الوالدين معناه
طاعتهما والإحسان إليهما فى المعاملة والقيام بخدمتهما والإنفاق عليهما ولين الكلام معهما ، وألا يعلو صوتك عليهما ولا تتعالى عليهما ، وتقول لهما قولا لينًا كريمًا ولا تتضجر وتتضايق من وجودهما ، وأن تتواضع أمامهما ، ومخاطبتهما بلطف وأدب وتدعو لهما فى حياتهما وبعد مما تهما فقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم ) : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو لهما "
لأنه من البر بهما بعد موتهما وقد روى عن أبى هريرة أن الميت يرفع بعد موته درجة فيقول : أى رب ، أى شىء هذه ؟ فيقال : ولدك استغفر لك . وتعالوا بنا نعرف مكانة بر الوالدين قال تعالى : " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " فقد أوصى بالإحسان إلى الوالدين بعد عبادة الله مباشرة ، فإن الله سبحانه وتعالى جعلهما سببا لخروجك من العدم إلى الوجود ، وكثيرا ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين ، ليس فى الأمة الإسلامية فقط ، ولكن فى كل ديانة فرضها على البشر ، فهى من المواثيق التى أخذها الله على ( بنى إسرائيل ) فقال تعالى : " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ " فقد قدم معاملة الوالدين على الصلاة والزكاة ، لأن الله لا يقبل صلاة ولا زكاة ما دام الإنسان عاقا لوالديه ، فلا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا أى فرضا أو نفلا . وقد ذكر الله بر الوالدين مع تشريع الحرام والحلال ، فقال تعالى : " قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " وقد ذكر الله بر الوالدين بصيغة الحكم والعهد فقال : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا " كما ذكر الله بر الوالدين بصيغة الوصاية : " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " ، وقال : " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ " ، وقال : " وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فقد ذكر الله المجهود الذى يبذله الوالدان فى تربية الأبناء ، فالأم حملت وتألمت فى حملها ووضعها وأرضعت حولين كاملين . وبالنسبة للعلاقة بينهما هى علاقة الصحبة فهما أحق الناس بحسن الصحبة ، عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال : " أمك " ، قال : ثم من ؟ قال : " أمك " ، قال : ثم من ؟ ، قال : " أمك " ، قال : ثم من ؟ ، قال : " أبوك " حتى لو كانا كافرين يجب علينا صحبتهما : " وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا " لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الله ولكن رغم ذلك يجب معاملتهما بالحسنى ، ومصاحبتهما بالمعروف . وبر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله ، عن عبد الله بن مسعود (رضى الله عنه) قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أى الأعمال أحب إلى الله قال : الصلاة على وقتها " ، قلت : ثم أى ؟ قال : " بر الوالدين " قلت : ثم أى ؟ قال :" ثم الجهاد فى سبيل الله " فقد جعل النبى (صلى الله عليه وسلم) بر الوالدين بين الصلاة والجهاد ، بل وقبل الجهاد وهو أعظم الأعمال فى الإسلام ، كما قدم النبى (صلى الله عليه وسلم) بر الوالدين على الجهاد مع بعض أصحابه ، عن عبد الله بن عمرو (صلى الله عليه وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لرجل استأذنه فى الجهاد : أحى والداك ؟ قال نعم قال ففيهما فجاهد . وفى رواية أقبل رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغى الأجر من الله ، قال فهل من والديك أحد حى ؟ ، قال : نعم ، بل كلاهما ، قال فتبتغى الأجر من الله قال نعم ! ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما . ( وفى رواية جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواى يبكيان قال فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما )