الاخلاص .. التربية الخفية
ان تربية الاجيال تحتاج الى فهم عميق بكل المتغيرات التي تحيط بهم ، والتعرف على احتياجاتهم وميولهم ، لان التعرف على الاحتياجات والميول هي التي تؤثر فيهم ، فالعواطف والمشاعر والاحتياجات النفسية من اكثر الاشياء التي يحتاج الجيل الى اشباعه .
واجمل ما يمكن ان يشبع احتياجاتهم النفسية هي حب الله والقرب منه ومعرفة عظمته وقدرته ، فهي كفيلة بان تملأ القلب بتلك المشاعر الحقيقية ، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الالتزام بطاعة الله وعبادته والتقرب منه بالأعمال الصالحة ، والاعمال الصالحة تحتاج الى ما ينفث فيها روح الحياة الا وهو الاخلاص .
الإخلاص يزرع في نفس المتربي الخوف من الله وخشيته ، ومراقبة الله في كل اعماله واقواله ، فالخشية تجعل القلب دائم المراقبة لله ، يبحث عن رضا الله ويحرص على طاعته ، فيزيد بذلك حب الله والقرب منه ، واذا اقترب العبد من الله فانه يمتلك القوة والشجاعة ، فلا يخشى احدا من الخلق ولا يخاف غير الخالق .
كما ان الاخلاص يغرس في قلب المرء اهمية اتقان العمل وادائه بأفضل ما يمكن ، لأنه يعلم ان العمل الذي يقوم به هو لله فلا بد ان يكون العمل في اجمل ما يكون ، ولذا كانت عائشة رضي الله عنها عندما تتصدق تقوم بمسح المال بالطيب فلما سئلت عن ذلك قالت ( لأني اضعه في يد الله ) ، وهذا الاستشعار الكبير للعمل لا يمكن ان يتولد الا عن طريق الاخلاص .
والاخلاص ايضا يربي النفس على ان تبذل الخير لوجه الله ولا تنتظر من احد شكرا او اجرا ( انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) وان تصنع المعروف طمعا في ان تنال الاجر من الله وحبا في ذات الله واستشعارا بالالتزام بأوامر الله ، فتنتهي بذلك هواجس انتظار الشكر والتقدير من الناس ، ويتجنب المرء الصدمات النفسية التي تحصل له بسبب انتظار رد الجميل ممن اعطاهم الجميل ، بل احيانا قد يقابل مكان احسانه ومعروفه اعراضا وسخرية وانكارا ومحاربة ممن احسن اليهم ، لكنه لا يهتم لذلك لأنه اخلص عمله واحسانه لله وحده .
ومن اهم الاشياء التي يجب ان يركز عليها المربي ان يتعهد نفسه بالإخلاص دوما في كل اعماله وان يكون قيامه بدور التربية هو من اجل الله وطلبا لرضاه لا لأجل مصلحة دنيوية او غرض شخصي ، وان يتابع نفسه باستمرار ويتأكد من خلوها من تلك الامراض التي قد تحرفه عن مسار التربية .