اللَومُ مِنكَ وَإِن نَصَحتَ غَرامُ
إِذ حَظُّهُ مِن مِثلِيَ الإِرغامُ
حُبُّ الصِبا لا حُبَّ إِلّا وَهوَ لا
يَبقى لِمُدَّتِهِ وَأَنتَ لِزامُ
شُيِّبتَ عَن صِغَرٍ وَلَم يَصغُر هَوى
نَفسي فَقالَ الجَذعُ أَنتَ غُلامُ
هَيهاتِ ضامَني الزَمانُ وَلَم يَضِم
شَوقي أَشَوقُ القَلبِ فيكَ يُضامُ
يا دَمعُ قِف عَن طولِ جَريِكَ في الصِبا
بَل فِض لِذاكَ فَما عَلَيكَ مَلامُ
إِن كانَ حَلَّ لِمَن هَويتُ صَنيعُهُ
فيما يَرى فَالصَبرُ عَنهُ حَرامُ
تَاللَهِ إِنَّ الشَوقَ يَفعَلُ دَهرَهُ
بِالجِسمِ ما لا تَفعَلُ الأَسقامُ
رَحَلَ الحَبيبُ فَطالَ لَيلٌ لَم يَكُن
لِقَصيرِهِ بَعدَ الرَحيلِ مُقامُ
أَينَ الَّتي كانَت لَواحِظُ طَرفِها
يَصبو إِلَيها القَلبُ وَهيَ سِهامُ
وَحَديثُها كَالغَيثِ جادَ بِوَبلِهِ
في حادِثِ المَحلِ الشَديدِ غَمامُ
إِن مُتُّ مِن أَسَفٍ لِشَحطِ مَزارِها
فَالمَوتُ رَوحٌ وَالحَياةُ حِمامُ
قُسِمَ الأَسى لي وَالسَماحُ لِأَحمَدٍ
قِسمَينِ جَفَّت عَنهُما الأَقلامُ
شَرَفاً بَني عَدنانَ أَلسِنَةُ الوَرى
لَكُمُ بِهِ في مَدحِكُم خُدّامُ
جاءَ الَّذي قَصُرَ التَمَنّي دونَهُ
مِنهُ فَأَرهِق عِندَهُ الإِعدامُ
غَفِرَت ذُنوبُ الدَهرِ فيما قَد مَضى
أَلآنَ إِذ قَد تابَتِ الأَيّامُ
آباؤُهُ ساسوا الخِلافَةَ بِالحِجى
إِذ لَم يَسُسها مِثلَهُم أَقوامُ
سائِل بِهِ أَرضَ العِراقِ فَكَم لَهُ
فِعلاً أُقيمُ بِذِكرِهِ الإِسلامُ
قَد غابَ عَنها مِنهُ نورٌ ضَوءُهُ
يَجلو سَوادَ اللَيلِ وَهوَ ظَلامُ
سادَ الأَنامَ بِنَفسِهِ وَجُدودِهِ
لا مِثلَ ما في الناسِ سادَ عِصامُ
يَعلو الشَآمَ ثَلاثَةٌ في أَرضِها
إِفضالُهُ وَجَداهُ وَالإِنعامُ
وَثَلاثَةٌ تَغشاكَ إِمّا زُرتَهُ
إِرفادُهُ وَالبِرُّ وَالإِكرامُ
وَثَلاثَةٌ قَد جانَبَت أَخلاقُهُ
مِنها البَذا وَالزورُ وَالآثامُ
وَثَلاثَةٌ في الغُرِّ مِن أَفعالِهِ
تَدبيرُهُ وَالنَقضُ وَالإِبرامُ
وَالفَخرُ فَهوَ اِثنانِ أَحرَزَ واحِداً
أَخوالُهُ وَالآخَرَ الأَعمامُ
وَاللَهُ أَفرَدَهُ بِمَجدٍ ذِكرُهُ
أَبَداً تُجَدِّدُهُ لَهُ الأَعوامُ
يَقَظاتُهُ وَاللَيلُ مُرخٍ سَجفَهُ
تَرَكَت عُيوناً ما لَهُنَّ منامُ
عَمَّت صَنائِعُهُ فَمِنها جالِبٌ
شُكراً وَمِنها لِلحَسودِ لِجامُ
أَضحى اِبنُ إِبراهيمَ بَدراً لِلعُلا
وَالبَدرُ ذو نَقصٍ وَذاكَ تَمامُ
إِفهَم أَبا العَبّاسِ غَيرَ مُفَهَّمٍ
قَولاً يَشيدُ أَساسَهُ الإِحكامُ
ما إِن قَصَدتُ إِلَيكَ حَتّى قالَ لي
زُرني بِمَدحِكَ وَجهُكَ البَسّامُ
وَسَمِعتُ قَولَ نَعَم بِفيكَ سَريعَةً
وَفُروعُ أَصلِ نَعَم هِيَ الإِنعامُ
فَنَظَمتُ فيكَ بَديعَ شِعرٍ فاتَ أَن
تَرقى إِلى دَرَجاتِهِ الأَوهامُ
....